مراثي - د.المفرجي الحسيني ---------------------------- طربت السماء، لتراتيلي، صبرت ،صمتُّ طويلاً، كبرت قدماي في هذه الأرض. الأيدي كبرت. أشجاري والسحاب. الشمس ثور هائج. لم تشرق ،السماء . أشجار ،أعشاب ميتة. انتهت الخضرة. السهول جرداء، الحزن البؤس منتشر. لا يخضر فيها غير الحزن والمجاعات. الموت، سوى فراغ في جسد إنساني. رعشة خفية. تطير، تصعد للإله، يزيل صدى الرعود. مثل خطوات الشمس نحو المغيب في نزهة صيفية. يجب أن نغني،؟ منذ عصور لا أغنية لنا، لا صمت، لا صوت. في سرنا، في سرائرنا. نشكو الأرق. نغني أغانينا. نمد أيادينا إلى السماء. لم نصبح بعد طيوراً على شجرة تنتظر الصياد. نصطاد كالأرانب في الحقول. نبكي حزناً في أغانينا، في الطرق، في الساحات، في الحزن والمسرات. كتبوا عنا الأكاذيب، والهزل الرخيص. تمنينا لو لم نَخُطْ الخطوة الأولى، في الحرف، لم نصعد للشمس، تبقى الآلام بعيدة عن التعريف. نكون للجوع والحزن أشد . في مدينة هاجرنا إليها كغرباء، لا تعرف المساء. مليئة بالحزن والرعب والفزع. تشبه أساطير الخرافات. صغارنا يطلبون أضواء قوس قزح.
نغني أغانينا بحوافر ،الخيل. بالسيف والرمح، تنقش أسماء على أحجاري. بالسحب، بالبرق شرايين سمائي. ماء العيون، مياه أنهاري. أمي، كَبرتُ؟ أين خبزي! لعبتي! الزهرة الوردية في حديقة أيامي. جميلة هي الحياة، حين تنحدر، شمساً ومطراً. أمشي في أيام المحنة، مرفوع الهامة . أفزع إلى ظلمة لا تهطل فيها القذائف والرصاص، لا يذوق الأعداء طعم موتي، لا يتقاسمون معي حقلي وبذاري . كنت قوياً. تمدنا بالطعام في أيام لا نملك فيها شيئا. تمدنا بالشجاعة حين يلبسنا الخوف. كنت قدحاً وكتاباً في انتظاري. كنت بطلاً، حين قطعوا عنا الرغيف. وقيدوا أيامنا الحلوة المليئة بالمسرات. لطخوا أيادينا بالدماء. والسماء بالسل. لم نمت، ولم تزهق الأرواح. نحب الشعر، نحب الفرح. نحبك . حجزوا دجلة. ويبسّوا الفرات. اغتسلنا وغسلنا الأواني، والأسمال، وأعددنا الشاي بمياه الآبار والأمطار. و جارتنا، ثلاثة أيام جاعت، لم تر الحليب. سرقوا منا العيش، الفرح وحليب أطفالي. سنوات مرت، وتمر، وأنتم تمنحون الأعداء قمح حقولي. مدن مدمرة محترقة نار مشتعلة في قواربي. تساقطت على الجيوش حمم ، قلبي وذراعي. أمي العزيزة. إذا كان هكذا حليبك الذي رضعته مدفوناً بأحزاني. لا تجزعي، لا تخافي، امسحي شلالات الدمع، سأعود مع جبالي ورياحي. أمسح الدمع، وألمس ذراعك وأضمد مع الفجر كل الجراح. الحماس في صدري والمحبة تمتد إلى ما لا نهاية. ----------------------------- د.المفرجي الحسيني مراثي العراق/بغداد 23/10/2017