الشيخ والبحر عبد الكريم ساورة كان بلاغ حركة التوحيد والإصلاح حاسما عندما اعتبرا ماقام به القياديان الكبيران بالتنظيم في قضية ما بات يعرف " الكوبل البحري" " بالخطإ الجسيم " واتخذوا قرارا فوريا بطردهما شر طردة وكأنهما مصابان بالجَرَبْ قد يصيبان بقية التنظيم بالعدوى، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على معرفتهما الكبيرة بخطورة الفعل المرتكب وما سيترتب عليه من زلزال وخسائر قاتلة في بنية التنظيم الإسلامي . لا يخفى على أحد أن كل الأحداث والتي تعرف بفضائح الإسلام السياسي تعرف متابعة شرسة من قبل المواطنين خصوصا عندما يكون أبطال هذه الفضائح من أسرة الحكومة الإسلامية كما وقع مع بطل النزوات الوزير المقال، السيد الشوباني مدلل الحزب، أو عندما يكون الأبطال من الحركة المذكورة، النواة الصلبة للحزب وهذه المرة من العيار الثقيل جدا نظرا لما يشكله أطراف الفضيحة من وزن داخل الحركة. وللإشارة فقوة وشراسة هذه المتابعة من طرف الجمهور الواسع، يرجع بالأساس أن بطلا الفضيحة المدوية كان يقدمان نفسيهما على أنهما رمزان من رموز الفضيلة والورع والإصلاح وأنهما الحارسان النقيان التقيان للمعبد الحركي، كما أنهما كان لايتركان محطة من المحطات "النضالية" إلا وكرباج الوعظ والإرشاد يلوحان بهما في وجه شباب الحزب الذي عليه أن يكثر من الجوع والصوم إذا لم يستطع الباءة، وأراد الخلاص من سرطان الشهوة. كل شباب الحزب كان يصوم ويفطر على أحاديثهما الشريفة، كل هؤلاء المخدوعين كان يقيمون الصلاة على قبلتهما المطهرة، لم يكن يسمعا من الشيخين ولو مرة واحدة أغنية الحب،أو ترانيم الحياة على شاطئ البحر، كان التفوه بهذه الكلمات من كبائر الكبائر، لم يكن يسمعا من الشيخين سوى بلاغة القبر وعذابه وأسرار يوم العرض وأهواله، ولم يكفا يوما بتذكيرهِما بضرورة الزهد في الحياة الدنيا، وترك الملذات الفانية لأنها من عمل الشيطان. كان هول الفضيحة قويا على نفوس الجميع، فهم لم يصدقوا أن" خدام الله " وحراس المعبد هم أول من سوف يحرقون الألواح والمصاحف ويخترعون لغة وتفسيرات جديدة للقرآن والحديث ويدخلون بدعة جديدة وهي " بدعة الزواج العرفي " والتي لم تأتِ في سيرة النبي القرشي ولا أصحابه من بعده. لهذا لم يقبل أحد هذه البدعة، والكل اعتبرها ضلالة جديدة ، والكل تصدى لها بالشجب والتقريع، إلا من بعض المنافقين من "سلفيي البطن والفرج" الذين حاولوا تبرير هذه الخطيئة واعتبروها مؤامرة مدبرة من طرف المخابرات من أجل القتل السياسي لهذا الحزب والحركة "الثوريين" في تجديد النكاح. نحن بالفعل أما م معضلة حقيقية، في هذا البلد السعيد، فعندما يضبط الشيخ والشيخة وهما في حالة فحش ظاهر وفي مكان عام وفي مكان وهو البحر الذي يوحي بالرومانسية وشبق الجنس وماأدراك ما الجنس، وما يفعل بأهله - أحيلكم على الطبيب فريود وما قام به من تحطيم صورالإنسان الإله الأوروبي كما قال أحد المفكرين- نجد بعض المتفيقهين يحاولون إلباس جريمة الزنا لباسا صوفيا عفيفا، ولأن العذر أكبر من الزلة كما يقول الفقهاء، فقد حاولوا تصوير هذه "الخلوة الشرعية" " بالإعداد والتشاور لحفل الزواج " وهناك من اعتبر الأمر يدخل في خانة الحريات الشخصية، وهناك من اعتبر الأمر فخا من فخاخ المخزن الكثيرة خصوصا وأن الوقت وقت صراعات انتخابية. بصراحة لا أعرف ما هي الأداة السحرية التي يتميزون بها " أصحاب الحال" حتى يستطيعون التأثير على الشيخ الدكتور المحاضر الأول في المملكة في علوم القرآن والشيخة الرائدة في "علوم الباءة" والدفع بهم للركوب في سيارة رباعية الدفع والسير بهما وإنزالهما في الصباح الباكر على شاطئ البحر. حقيقة هذه معجزة ، أما فرضية الخطأ الإنساني والأخلاقي فهي فرضية مستبعدة لايمكن أن تتحقق مع أولياء هذا التنظيم العجيب . وحقيقة أنا أتعجب من هذه الردود التي يكذبها واقع الحال، فالبعد المادي لجريمة الزنا محققة بكل أركانها، ورجال الأمن قاموا بواجبهما عندما ضبطا الشيخ وعشيقته في حالة تلبس، والجلد مائة جلدة لكل واحد منهما مثبتة، فأين هي ملامح المؤامرة على العشيقين ؟ إن إلباس الفضيحة لباسا سياسيا هو فقط نوع من الهروب إلى الإمام..... كان الأجدر بالشيخ الحامل للقرآن الكريم أن يكون شجاعا، ويتحمل مسؤوليته الأخلاقية كاملة، ويعترف بالمنسوب إليه بكل أمانة، ويرفع عنه القداسة والطهارة ويستحضر الآية القرآنية " وخلق الإنسان ضعيفا " وخصوصا أمام النساء وأمام الغول الكبير، الكبت الجنسي، وكانت فرصة مواتية للشيخ أن يعترف أمام الضابطة القضائية أن ماقام به لايخرج كثيرا عما حدث لأبيه وأبينا آدم عليه السلام عندما أغواه الشيطان ، فقط الفرق بينه وبين أدم أن الغواية تمت في البر وأن الشيخ الفاضل تمت غوايته في البحر لحكمة يعلمها الله. يلاحظ بما لايدع مجالا للشك، أن هناك ارتباك وتخبط واضحين لدى كل الحاملين "مشروع" الإسلام السياسي من هول الصدمة القوية والتي سقطت على رؤوسهم دون سابق إشعار وهو ماجعلهم يشعرون بالذعر والارتياب من فقدان الغنيمة والمكانة الاعتبارية المقدسة التي صنعوها بالكذب والنفاق والبهتان على المغلوبين." لأنه كلما كان الكذب أكبر صدقوه الناس أكثر" ، ولأن كذبة الإسلاميين كانت كبيرة جدا على الناس، فقد شعروا هم أنفسهم بالخوف الأكبر. بقي شئ آخر أؤاخد عليه الشيخ الفاضل، وهو قلة المروءة، كيف يعقل أن يستفيد من قانون كان هو من الأوائل الذين وقفوا ضده في يوم ما، وها هو اليوم بسهولة يخرج من الزنزانة بفضل تنازل زوجته، بينما المرأة التي كانت منبع شهوته، ظلت قابعة في الزنزانة بسبب تخلف القانون واحتقار المرأة. آدم عندما تم الحكم عليه لم يترك صاحبته معلقة في السماء، بل وضع يده في يدها ونزلا معا إلى الأرض ليعلما الناس أخلاق الحب
عبد الكريم ساورة. كاتب مغربي