ــ دراسة في البنية الأسلوبية لنص (نقش على شاهدة / السّيابُ يموتُ غداً ــ للشاعر عبد الجبار الفياض ـ النص *** ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج آلامَه جيوبَهُ الخاوية ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير عملةً مُلغاة رُدّتْ بوجهِه شربَها كأساً فارغة . . . عادَ عارياً ليتوسّدَ ذراعَ الحسنِ البصريّ يقبّلهُ الخليلُ معاتباً . . .- شناشيلُه الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي أثداءِ عشتار . . . أنَ تُعادَ لها الألوان والدُهان . . . ما زالتْ ابنةُ الشّلبي تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار غادرَهُ الرّصيفُ الظّلُ يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة ! مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي أثداءِ عشتار . . . أنَ تُعادَ لها الألوان والدُهان . . نم نم جيكور لفجرٍ قد لا يُريكَني غفوتُ عنكَ بعيداً لم أتعبْكَ بعدُ لغسلِ عيوني كُلَّ صباح فقد غسلتُها للمرّةِ الأخيرةِ من ماءِ طفولتِنا معاً دونَ أنْ تدري لم أردْ أنْ أيقظَك من اغفاءةٍ تحتَ ظلال باسقاتٍ هُنَّ الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء ! آلامُ بروموثيوس أيوبِ النّبيّ فارتر مثلثٌ صارَ معي مُربّعاً مُغلقَ الجّهات حدَّ الاختناق تابوتاً أودعتْهُ أنا وآخرَ القصائد . . . لستُ محسنَ السعدون همنغواي رصاصتي لم أزلْ أحشو بها ثُقباً في رئتي . . . عُذراً شريانَ قصائدي عشّاري الجّميل أرسمُكَ على مساحةِ سريري أمشيكَ كُلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد . . . رجلاي متعبتان تحملاني من فراشٍ مُتذمرٍ لطولِ رقاد تطوفانِ بي أقفُ متوسّلاً بأنفاس تختفي بدهاليزَ مظلمةٍ تحتَ ساعةِ السّورين ومضاتٍ بعدَ وهج . . . تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود ما ازدحمتْ به النهودُ ممالك البهار البخور القهوة السندُباد يُبحرُ على الأرض . . . أنبأني راءٍ أنَّ اخوةً يأكلونَ على بساطي ما حرّمهُ اسرائيلُ على نفسه . . . يزورونَ بيتي كُوّتي الصغيرة ألبسوها مِعطفَ ماكبث أفرغوا عُلبَ المكياجِ على عذراواتِ الطّين ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة ! ما فتئتُ بينهم أحتضر وهم يلّفون سكراتِ الموتِ بورقِ الزّينة كي لا أموتَ ثانيةً ثالثة . . . توقّفوا قفوا أمامَ المرايا قليلاً لو . . . ما كانَ ما كان . . . بينكم مَنْ يتكئ على منسأةِ سليمانَ النّبيّ مَنْ يعاشرهُ الدودُ من غيرِ نداءِ نُدبة لم يمرْ ببابهِ عروةُ بن الوردِ أيّاماً فاحتسى الماءَ بارداً. . . كلٌ في بيته ما عدا المطر يتجوّلُ في الشوارعِ منفرداً. . . توقفوا قبلَ أنْ تحملَهم سيارةٌ مُستأجرة سائقٌ وصديقان حفّارُ القبورِ يتثاءب . . . جنازةٌ بائسة ألم يكنْ لهُ . . . سيزارُ بعدَ سنين يُعطى مدرسة شارعاً مذخرَ أدوية قصاعاً من ثريد بعضَ زجاجاتٍ من مُعتّق رُبَما سورةِ الفاتحة ! أوّاه ما زالَ منزلُنا الكبيرُ يغرقُ بالظّلام أرى النّوافذَ مُغلقة لكنَّما الأبوابُ مُشرعة بلا أقفال كُلُّ المفاتيحِ في حوزةِ علي بابا والمليون . . !! كما قرأتُ ذلكَ في شريطِ الألمِ اليومي كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً ! ................ دراسته التحليلية توطئة : التماهي نصياً مع السياب الانسان والشاعر ، بكل همه الوجودي ، و تقاطعاته / توافقاته ، موقفياً مع الآخر ( المؤدلج المؤسساتي ، الشمولي السلطوي ، الاصولي المجتمعي ) ، و سائر صفحات تجربته الشعرية ، الموزعة بين ترجمة خصوصية قَلَقِه ، إحباطاته و تصدعاته النفنسية ، وانتمائيته الوطنية المندكة ، بآلام و استلابات أحلام شعبه ، بالحرية والسلام ، تجربةٌ شغلت تأريخياً ، حقبة زمانية امتدت من أواسط العقد الرابع ، ولغاية أواسط العقد السادس ، من القرن الماضي ، هذا التماهي يتطلب من المتماهي ، الإحتكام على واسع دراية بأدق تفاصيل مراحل حياة وسيرة المتماهى معه ، وهذا يتأتى من عميق غور ثقافته المعرفية ، لاسيما مايتعلق منها بالفنون الادبية ،العلوم التاريخانية والنفسية ، تمكنه من التعرف التام على المحيط المكزماني لبواكير نشأة الشاعر وترعرعه ، من خلال دراسة بُنياته الاجتماعية ، الاقتصادية و الثقافية ، بإستفاضة ، لما لذلك المحيط من أثر مباشر وحاسم ، في تشكيل ملامح شخصيته ( النفس ـ فكرية ) الأولى ، التي تُعد اللبِنَة الاساس لبناء شخصيته الشعرية لاحقاً ، وهذه بدورها يمثِّلُ التعرُّفُ التام على مركباتها ، حجرَ الزاوية في تحقيق الفهم الحقيقي لآثاره الإبداعية ، و التعاطي مع كل ذلك ، لابد أن يكون بوعي موضوعي القراءة والتحليل ، حينئذٍ يتم انتاج نص التماهي ذاك ، بأدوات تعبيرية غنية بأسرارها الفنية ، كيلا يقع في التقريرية ، ولا تتجاذبه التوثيقية ، فتُفقدَه جمالياته الخطابية التواصلية ، وفي نص الشاعر ( عبد الجبار الفياض ) المذكور، تماهٍ ( إنساشعري ) مع تلك الذات السيابية ( الفرد جمعية )، ينطق بتوحده معها حياتياً ( شعورياً / فكرياً / ذاكراتياً ) ، و تقمُّصه تصارعيتها مع الاخر ( الموضوعي / النفسي ) ، مما يؤكد أنه قد امتلك كل ما مرّ ذكره من آلياتٍ تعرُّفية ، على شخصية من تماهى معه ، درجةً جعلته يتشرَّبَ همَّها الوجودي ، وابدع في تصويره مُعصرَناً ، بلغة حداثوية مؤصلنةٍ ، ذات سيميائية دلالية تخارجية متينة البناء ، غنية الاشارات ، مع مرسلاتيّة خطابية محكمة بشيفراتها المعنوية ، وتكثيف صوري ذي رمزية عالية . وتشريح بُنى مركبات النص الشكلانية ، قادني الى إمكانية عقد تقاربيةً فنية ، مع هيكلية بنائية لمُنتَجَةٍ فنيةٍ ( مَرئِسمعية ) ، رغم مغايرتها له في وسيلتها التوصيلية ( توصيل المعنى ) للآخر ( المرسل اليه / المخاطَب ) ، وتلك المُنتجة هي ( المسرحية )، وتتمظهر هذه التقاربية ( النص مسرحية ) في مايلي : ـ وجود مشتركات ومقاربات موضوعاتية بين تلافيف الاشارات الدلالية لهذا النص ، و مفهوم العرض المسرحي ، كإستحضار( من / ما ) هو غائب ، و الحضورية الثيمية الموجَّهة للجمهور ( القراء / المتلقين هنا ) ، التفاعلية بين المرسِل والمرسَل لإنتاج المعتى النهائي لكليهما ـ تشاكل المَشاهد المنظورة ، بشيء من التحويلية الدلالية ( تحويل المشهد المرئي بعين مشاهد العرض ، الى صور متخيَّلةٍ في ذهن قاريء النص ) ، ـ مركبات البنية القصدية للنص ، مفهومياً ، تكافيءُ وصفياً ، العناصر الثلاثة الرئيسة التي تشكل هيكلية العرض المسرحي وهي ( وحدة المكان والزمان والموضوع ) ، وفق هذه المقاربات : * تصارعية مركبات النص ( الفكرسيا سوسيولوجية ) ، تدور احداثها ، في مجملها ، على مساحة محددة مكانياً ( العراق ) / وهذه تقارب مفهومياً ،خشيةَ العرض المسرحي ، * الظرفية الزمانية لأحداثه محددة بسنيِّ حياة الشاعر ( من 1926 ـ 1964 ) / وهذه تقابل فصول ومشاهد العرض ، بإعتبارها وحدات زمنية محددة التوقيت ( بداية / نهاية )، * الغرض المضموني الجوهري للنص واحد ( الصراع الوجودي الأنوي / الوطني ، للشاعر ) / وهذا تشاكلية توازي وحدة موضوع العرض المسرحي ـ التعددية الصوتية في النص ( صوت الراوي / الحاكي + صوت الشاعر ) /، يقابله في العرض ( صوت الراوي / كما في بدايات الفن المسرحي + صوت الممثل ) ويمكن تمثُّل هيكلية النص البنائية ، وفقاً لهرم فرايتاغ ( غوستاف ، أديب ألماني ، يُعد من اشهر المنظِّرين في الفن المسرحي الكلاسيكي ، وفق هذه المقاربات : الفصل الاول للعرض ( المقدمة أو التمهيد ) / يقابله نصياً مقطعه الاول ( المقاربة : فصله الأول ) الفصل الثاني ( الحدث الصاعد ) / يقابله نصياً المقطع الثاني ( المقاربة : فصله الثاني ) الفصل الثالث ( الذروة أو العقدة ) / تقابله نصياً المقاطع من الثالث حتى السابع ( المقاربة : فصله الثالث بخمسة مشاهدَ ) الفصل الرايع ( الحدث النازل ) / يقابله نصياً المقطعان الثامن والتاسع ( المقاربة : فصله الرابع بمشهدين ) الفصل الخامس ( حل العقدة او النهاية ) / يقابله نصياً المقطع العاشر ( المقاربة : فصله الخامس / الأخير) لهذا سأعتمد في دراستي هذه ، مبضعَ الرؤية المسرحية ، لمقاربة دلالاته الإشاراتية ، و كشف معانيه الشيفراتية ، وقبلها سأتوقف عند عتبة النص المركبة من عبارتين : ( نقشٌ على شاهدة ) و ( السياب يموت غداً ) ، لنفكك سيميايتها الدلالية ، للحصول على بعض مفاتيح قرائية موضوعية ، تقرّب بعيد مراميه القصدية ( اي النص ) ، و تُخارجُ انغلاقية رمزيته وازاحاته ، مما يُيسِّر امامنا سبلَ التأويل الاقرب لغاياته المضمونية ، و الفهم الأصوب لمعانيه الفرعية ، وبالتالي خلق مقاربات معنوية مناسبة، لدلالته المضمونية النهائية :
أولاً ـ الاشارة ( نقشٌ ) دال ، ذا مدلول لغوي حصراً ، والدلالة هنا ، غير تامة المعنى ، فمن الذي قام بالنقش ؟ و لأي غرض ؟ ، اما ( شاهدة ) فإشارة مقطوعة ..، فعلى اي قبر قائمةٌ هي ؟؟ وتنكيرها إيماءة الى استتار من قررها وأقامها ، / المقاربة الدلالية : شاهدة مؤجلة مكازمنياً ، لقبر مؤجل تعريفياً ( هناك قبور للفكر ، المعنى الانساني ... الخ ، غير قبور الاموات ) ، وكلاهما يسكتان عمن قرّرهما , المرسلة ( السياب يموت غداً ) ذات اشارات متعارضة ظاهرياً ، فالسياب كدال ، اشارة لها مدلولان : ـ إحداهما لغوي : لقب انسان ( بدر شاكر ) مات بايولوجياً ( غياب نهائي لوظائفه الجسمانية ) ، و غادر الحياة ( الغياب الجسدي ) ، منذ اكثر من خمسة عقود ، والاشارة الظرفية المستقبلية ( غداً ) تتعارض مع هذا المعنى زمانياً ، ـ والآخر اصطلاحي : كينونة وجودية إعتبارية، لها قيمة انسانية عابرة للزمن ( شاعر رساليّ متجدد الحضور ) ، وبالتالي تخرج الاشارة ( يموت ) ، من دلالتها التوقُّفية المادية ( الانطفاء العملياتي للاجهزة العضوية الفسلجية للكائن الحي ، وانتهاء زمنه ) ، الى رمزيتها الايحائية التصوُّرية ( الموت المعنوي / تغييب / محو الأثر ) ، وهو هنا موت مؤجل بدلالة ( غداً ) ، هنا تلتقي الإشارتان ( شاهدة / يموت ) في دلالتهما على ( التأجيل ) ، واذا اعدنا تركيب ما فككناه من سيميائية الغتبة ، بغائية تأويلية قصدية ، نحصل على هذه المقاربة القرائية لها : عنوان النص يرسل اشارة مستقبلية منقوصة الدلالة ، بسبب السكوت عن دالها ( لغاية مؤجلة ) ، فتتحول الى إيماءة إيحائية ، بوجود إرادةٍ ما قضت بإنقبار وإمّحاء الرمزية السيابية ، كقيمة ( إنساشاعرية ) وطنية ميتا زمانية ، من الذاكرة والحياة ( الثقافكرية ) العراقية ، وهي إرادة من ( نقشَ ) هذا الحكم ،على ( شاهدة ) قبر السياب ، المؤجل التعريف ( مجهولية الأين والمتى لحفره ) ، ومن يمتلك هذه الإرادة النافذة القرار ، لابدّ أن يكون سلطوياً ( فهو وحده من يقرر مصائر الآخرين ) ، مؤدلجاً ظلامياً ( بدلالة قراره الإفنائي لتلك الرمزية التحررية التنويرية ) ، شمولياً ( لأنه لايتقبل نقيضه وجودياً ) ، فما هي ( جرائمه ) بحق هذه المؤسسة السلطوية ، لإصدارها حكم ( الموت ) عليه غداً ؟ لننتظر ما ستسفر عنه الدراسة التي سأقوم بها للنص المذكور تمرحلياً ، ( أي دراسته فصلاً فصلاً بترابطية عضوية مضمونية بينها ) ، ومن ثم تجميع ما اخلص اليه من مقاربات معنوية لكل ( مرحلة / فصل ) ، لتشكيل معناه العام النهائي ، وساشير الى صوت كاتب النص باشارتين ( صوت الراوي ) و ( صوت الشاعر / السياب ) . الفصل الاول التمهيدي للنص : ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج آلامَه جيوبَهُ الخاوية ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير عملةً مُلغاة رُدّتْ بوجهِه شربَها كأساً فارغة . . . عادَ عارياً ليتوسّدَ ذراعَ الحسنِ البصريّ يقبّلهُ الخليلُ معاتباً . . .- .............. ـ دراسته التحليلية : ينداح صوت الراوي ( الحاكي ) ليمهد للنص ( العرض ) بالإشارة الى ( غائب / السياب ) / بحضورية ضميره / الهاء المتصلة بـ ( أثقلَهُ ) ، ويفاجئنا بتلك الإشارة الملغّزة ( سفطاً ) !! الغارقة في معجميتها المعنوية ، فإذا تحرينا مدلولها اللغوي نجد انها : ( وعاءٌ من قضبان الشجر ونحوها توضع فيه الأَشياء كالفاكهة ونحوها ، أو / قُفّة ، وعاء مصنوع من أغصان الشجر أو القصب ) ، وهي مُقحَمةٌ زمانياً ، على سياق النص الحدثي ، المعاصر وقتاً ( فترة حياة المتماهى معه ) ، لذا سنعود الى زمن تداوليتها اللسانية للعثور على مقاربات دلالية تفك لغزها ، وتبعد عنها نشازيتها النافرة ، في البنية النسقية لعموم المقطع ( الفصل ) الاول ، وحين نرجع الى الكتب المقدسة ( القرآن / التوراة ) ، نجد ورودها بمعيىة الفعل ( ألقى ) في قصة النبي موسى ( ع ) ،حيث وضعته أُمُّهُ في ( سفط / سلة مصنوعة من البردي ) و( ألقته) في النهر ، نجاةً له من فرعون ( الحاكم الشمولي المضطهِد ، ) ، هنا تتكشف قصدية إقحامها ذاك ، فهي تمثل إشارة الى ان المُلقى في الخليج / المكافيء المكاني لنهر النيل ، هو ( مقدس ) ولأنه كذلك ، كان لابد من ( سَفطية ) الوعاء لتخصيص الدلالة بذلك القصد الماقبلي ( الآيات الموسوية في الكتب السماوية المذكورة ) ولما كان ( سفط موسى ) مقدَّرةً له النجاة ، لإتمام إبلاغ الرسالة الالهية للآخر ( الشعب المضطهد ) ، فالمقاربة المعنوية تكون هنا : إن للسياب ( سرّاً مقدساً ) محتماً خلاصه، ممن / مما يتهدده بالفناء ، وجوف الخليج هو ذاته قعر النيل ( والاثنان يرمزان للموت ) ، وهو رسالة لابد أن تصل منه الى الآخر ( شعبه العراقي المبتلى بالطغيان ) ، الموحى به بالضمير ( الهاء ) المتصلة بالاشارات اللاحقة ، التي ستقارب تفكيكيتُها، ماهيةَ ذلك السر : آلامه : ان ترتقي الآلام لمرتبة السر المقدس فهي آلام غَيرية ( تخص غيرَه / الآخر ) ، أو من أجله ، وهي آلام تفرضها عليه إنتمائيته له ، الاشارة الى تحمُّلِه آلامَ ابناء وطنه المضطهدين ، جيوبه الخاوية : اشارة مولِّدة للاشارة ، دلالة الأولى الفقر، وهذا بدوره يمثّل اشارةً دلالتها : وجود الضديد ( الغِنى ) ، المقاربة المعنوية للاشارتين / فقر عامة الشعب مقابل غِنى الاثرياء ( تفاوت طبقي / مستغَل ومستغِل ) ألقاباً لم تأتِهِ بشروى نقير : اشارة لما حملَه الشعبُ العراقي من اسماء ( غير اسمه الاول )، تدل على التشريف والتعريف ( معنى اللقب لغةً )، مثل شعب الحضارات ، شعب الامجاد ، .. الخ فماعادت عليه بنفع ولا حتى بـ( شَروى ( شبيه ) نقير ( ثقب في ظهر نواة التمرة ) / تراثية هذه العبارة المركبة اشارة الى قِدم تعارضية تلك الالقاب مع وافع حياة مَن حملها عُملة : دال مدلوله ( وحدة تبادلية نفعية / تجارية )، وفق اللغة الإقتصادية ، اشارة الى وسيلة اشباع حاجاتية ، مقرَّرَة قيمتها ( قوتها التبيادلية ) سلطوياً ملغاة : اشارة مركبة الدلالة ؛ فقدان الدال اعلاه ( عملة ) مدلولَه ، و عّجْزِ مُقرِّرِ قيمةَ المدلول ( السلطة ) عن المحافظة على قونه النفعية / المكافيء المعنوي : فشل نظام الحكم ( فساده ) في اشباع حاجات الشعب رُدّت بوجهه : اشارة لمنع إشباع حاجات المحتاج ، من قِبَلِ من بيده وسائل الاشباع ( الطبقة البرجوازية )، / المقاربة الدلالية : التوافق السلطوي / البرجوازي ، على عدم سد حاجات الشعب ( أستمرارية آلامه وعذاباته ) ، بدلالة التقابل المعنوي بين الفعل ألغى ( فعل اسم المفعول ملغاة ) والفعل رَدَّ ( معلوم رُدَّ ) فالفعلان دلالياً متوافقان في المعنى ( المنع / التحريم ) شربها كأساً فارغة : اشارات تشترك في رسم صورة رمزية الدلالة بمقاربتين : أولاهما معنوية ـ سدُّ الحاجة ( شربها ) بتوهم وجود وسيلتها ( كأساً فارغة )/ وهذه تكافيء الإستجارة من الحرمان بالحرمان . ثانيهما إيحائية ـ تماهي الذات الفردية ( السياب ) مع الجمعية ( الشعب ) ، ثم يشخصن الراوي خطابه : عاد عارياً : اشارة للسياب ( الفاعل المستتر ) وبدلالة ( الخليج ) في مطلع المقطع اعلاه ، يتحدد المكان الذي عاد منه وهي ( الكويت ) ، و( عارياً ) اشارة الى الموت ( يُعرَّى الميت لغسله قبل دفنه ) المقاربة الدلالية : موت السياب في الكويت وعودة جثمانه ليتوسد ذراع الحسن البصري : اشارة لدفته في مقبرة ( الحسن البصري ) وهذه بدورها اشارة لمكان الدفن ( مدينته جيكور ) ، لكن دلالة الشارة ( بتوسد ذراع ) تباعدية معنوياً عن دلالة ( الموت ) ، فمعناها لغةً : اتخاذ الذراع وسادة للإتكاء أو النوم عليها ) ، وهذه بدورها اشارة متولدة عن سابقتها دلالتها الغياب المؤقت للسياب ( نومه ) ، وسيعاود الحضور من خلال وصول ( سفط ) اسراره / رسائله للآخرين ( مُريديه كشاعر ) ، ليبحثوا عن فك طلاسم شيفراتها المعنوية ، في آثاره الشعرية ، الأصيلة الجذور بدلالة ، : يقبّلهُ الخليلُ معاتباً . فالاشارة ( يقبِّله ) : دالة مجازية المدلول معنىً وزمناً ، لتباعد عصري المقبِّل و المقبَّل ، تأريخياً / مقاربتها الدلالية : ارتباط الاثنين بعلاقة صميمية ( فكر ـ وجدانية ) ، مستمرة الحضور ( بدلالة مضارعية الفعل/ يقبِّل ) ( الخليل ) : اشارة تناصية ماقبلية ، معناها الدلالي ( الفراهيدي البصري )، مخترع البحور العروضية / المنهل الاول للقصيدة السيابية / الجذر الاول لبذرة ابداعه الشعري ) / مقاربة الاشارتين معنوياً : تواصلية علاقة [ شعرية / مكانية ( كلاهما بصري ) ] جمعت الاثنين ولائياً / انتمائياً . ، ( معاتباً ) : اشارة الى ثورة المعاتَب ( السياب) على شكلانية الشعر الكلاسيكي ( نظام العروض الخليلي / لزومية القوافي ) ، و تأسيسه مذهباً شعرياً متحرراً من قدسية تلك الانظمة الفنية القديمة، اطلق عليه ( الشعر الحر ) ، مخضعاً الوزن والقافية ، لمزاجية شعره ، وما تختاره معانيه منهما / وتأويلية عبارتي المقطع الأخيرتين : ان السياب عاد الى جذوره وإن كان ميتاً / مكافيء عمق ارتباطه بالوطن ينتهي الفصل الاول من النص ، كاشفاً أن مرجعيته الخطابية كانت ذلك التماهي مع سيرة السياب الحياتية ، وقد لعبت مفردات لغته ، ادوار الممثلين ، منها ماكانت حاضرة بقوة اشاراتها رعم ثانوية دورها ( سفط ، الخليج ، شَروى نقير ، عملة ، عارياً ، الحسن البصري ، الخليل ) ، ومنها ماكانت غائبة / مستترة ، رغم محورية دورها ( السياب ) ، غير أن أثرها ، كان جلي التأثير على حركة أحداث العرض ، وتولى الحاكي مهمة ( الإخراج ) ، بقصدية التمهيد / التقديم ، للعرض النصي ، بقصدية الإيحاء أنه سيدور حول ماهية أسرار السفط السيابي ، التي منحته حياةً لايطالها الموت ( رمزيته الشاعرية الثورية ) ، واذا ماجمعنا العلامات السيميائية ، التي حصلنا عليها من نفكيكنا لهذا الفصل ، تتشكل لنا مرسلة خطابية هي : السياب لايموت أبداً ، وهي تتعارض دلالياً مع ماعنتْهُ عتبة النص / يموت السياب غداً ، ولما كان السياب صاحب رسالة ثورية ( مقدسة الأسرار )، فإن بقاء أثره ، سيفضح زيف المقدس المؤسساتي ، وهذه في عرفها / جريمته الاولى ، ويستأنف الراوي قوله : الفصل النصي الثاني / الحدث الصاعد : شناشيلُه الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي أثداءِ عشتار . . . أنَ تُعادَ لها الألوان والدُهان . . . ما زالتْ ابنةُ الشّلبي تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار غادرَهُ الرّصيفُ الظّلُ يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة !
دراسته التحليلية : تستمر حضورية صوت الراوي ، مع هذا الفصل أيضاً ، ليعلن بدء انطلاق حركة النص التصاعدية ، بمرسلة خطابية مشفرة : شناشيلهُ وهي ذات سيميائية تواصلية ( مع الآخر / قاريء العرض ) ، فإضافتها الى هاء الغائب ( ضمير متصل يعود للسياب هنا ) ، أخرجها من بنيتها النصية ، كإشارة ذات دلالة معنوية ( طراز بنائي معين ) ، الى سياقها ( التاريخي الأدبي ) الخاص بالشاعر ، و تفكيك شيفرتها يحيلنا الى آثار السياب الشعرية ، للبحث عن دلالة ( شناشيل ) تلك ، فنجد أنها من مركبات عنوان قصيدته الشهيرة ( شناشيل ابنة الشلبي ) ، التي كتبها قبل وفاته بقراية العام ، وهذا يؤكده ماذكره الراوي لاحقاً .... : ما زالتْ ابنةُ الشّلبي .. وكأنه اراد أن يوجه وعي المتلقي ( قاريء العرض )، الى أن (حدث ) هذا الفصل ، يدور عن شاعر أصيل الأنتماء لجذوره المكانية ( مدينته / وطنه ) وكل ما يرتبط بهما من ذاكرة ( فرد جمعية ) و إرث إنساني وميثيولوجي ، من خلال الايحاء بالأولى ( المدينة ) ، ببعث اشارتين : الاولى ـ ذات دلالة مكانية ( شناشيل ) / طراز معماري اشبه بالشرفات البارزة من غرف المنازل العليا ، كانت معروفة في العديد من مدن جنوبي العراق عامةً ، وتُشتهرت به البصرة خاصةً ، حتى سُميتْ ( أم الشناشيل ) ، الثانية ـ ذات دلالة ذاكراتية فرد جمعية ( إبنة الشلبي ) / وقصديتها مركبة المعنى ، يفكك الى : ـ معنى ظاهر( الشلبي ) : لقب اسرة بصرية عريقة / ذاكرة جمعية . ـ معنى آخر تحتاني (ابنة ) : حرمان عاطفي الشاعر / ذاكرة فردية لتتكامل الدلالتان فتشكلان قسمات الانتمائية الجذورية الأصغر ( مكا / ذاكراتياً ) للشاعر ( البصرة ) والايحاء بالثاني ( وطنه) ، من خلال ما ورد في متن القصيدة من اشارات ( ميثيولوجية رافدينبة ) / سومر ، ديموزي ، عشتار ، وهي ذات مااوردها الراوي في سياق عرضه هذا ، في توظيفية صورية قصدية الدلالة حيث يقول : الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة الاشارة ( السمرة ) : ذات دلالة لونية، ( شمس سومرية ) نقشته ( على جلود الحفاة ) فموضعتهم مكانياً ،في جنوبي العراق ،/ الحضارة السومرية التي ظهرت للوجود في هذا المكان من العراق قبل بناء البصرة بآلاف السنين ، و ( جلود الحفاة ) اشارة هنا ، الى فقراء بائسين ، ممزّقي الثياب فبانت جلودهم، وبغير هذا سينتفي فعل ( تنقش .. على ) . المقاربة المعنوية : احفاد بُناة الحضارة السومرية ، غدوا اليوم فقراء عراة ( طبقة معدمة ) ، وهذه اشارة تقابلية مع / اثرياء ( طبقة متنعمة ) يكافؤها دلالياً : التمايز الطبقي الصارخ و يتصاعد الحدث ليشعرنا بقدسية سُمرتهم ، وارتباطها بالخصب والخضرة والمراعي / مقاربة ايحائية بالحياة الزراعية الرعوية السائدة في الجنوب ، حين يبعث الراوي اشارة صورية مركبة لإله المراعي ( ديموزي ) ، و إلهة الخصب ( عشتار ) في تلاقٍ أسمر السبب والأثر على ديموة الحياة : مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي أثداءِ عشتار . . . أنَ تُعادَ لها الألوان والدُهان . . ويعود الراوي ، في حركة تصاعدية أخيرة لهذا الفصل ، للتأكيد على أن ذاكرة السياب الفردية ، مكتظة بالقمع الشعوري / محرومية عاطفية ، إلا أنها انسحبت امام هيمنة ذاكرته الجمعية المتخمة بالهَمِّ الآخروي ( الفقراء والمضطهَدين ) / عاطفية نحو المحرومية . المكافيء المعنوي : نكران الذات أو تأجيلها ، العطاء دون مقابل ، رغم أن المقابل ( ابنة الشلبي ) منعته يسير العطاء ، فلا غير اعراضها عنه وتجاهلها إياه تماماً ، وهنا يقول الراوي .،: ما زالتْ ابنةُ الشّلبي تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر ( مازالت ) : دالة زمانية تعني الثبوتية المستمرة الحضور ( ابنة الشلبي ) : شيفرة معنوية ،/ مقاربتها الدلالية : صورة ذاكراتية الحضور ، لمكبوت عاطفي توتُّري / حبيبة رافضة ( تشرب الزمن ) : بنية دلالية ازاحية المعنى ، مركبة من اشارتين متضادتين : الاولى ( تشرب ) وتعي: إفراغ / إخلاء محدود لاشياء محددة الوجود والنوع ، من اوعيتها الظرف مكانية . الثانية ( الزمن ) ذات دلالة حسية مطلقة الحضور ، أبدية الوجود لاتفنى . المقاربة القرائية: إفنائية الاشارة المحدودة تزيح عن معنى الاشارة الثانية ، دلالة الاطلاق الحضوري اللامحدود ، ولافنائية الوجود ، لتعطيها دلالة بديلة محددة فانية، مكافئة لمعناها المحدود ، وهذا يتحقق بمَوضَعَة الزمن ومرْحَلَته مكانياً / جسدياً ، فيكون البديل الانسب ، زمن الشاعر المتمرحل في فترة تجربته العشقية القصيرة لها ، والفاقدة لكل قيمة عندها ، فهي تقوم بشربه / إخلائه ، من حيِّزه الضئيل الحجم ، العديم القدر، في أفق ذاكرتها ، وحسابات اهتماماتها ( بزجاجة كولا ) ، / كولا اشارة الى تَرَفِيّة حياة تلك المعشوقة وهي تقاطعية مع حياة العاشق الفقيرة ، ولاتكتفي بهذا بل تردفه بشرب / اخلاء ، اجمل ما ارتبط بقصة حبه لها ( والمطر ) بكل دلالاته ، وتظل تنتظر بترفُّع ( غرور ) ، ضحيةً جديدة ( عاشق لها ) تضيفه الى ( كُرّاس ضحاياها) : ( تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار ) و في ( ازاحة نفسية لاشعورية ) لحجب احساسه بالخيبة والاحباط جراء رفضها اياه ، يقرر ان لن ( اداة نفي المستقبل ) يكون هناك من بعده ، من سيحبها مثله ، و أن محطة انتظار طلّتها من شرفتها ، أوصدت ، فيقول ( بإزاحة معنوية شديدة الذكاء ) : : ( غادرَهُ الرّصيفُ ) ولايتبقى من ذكريات حبه إياه ، إلّا أثرها الشَبحي ( الظل ) ، يبالغ في إمحائه من مخيلته ( يذوب ) ، حين يجعل ما يبدده ، هو انطفاء أمله فيه ( ظلام يأس ) ، لكنه انطفاء باعث ( محفز ) على انفعالية منتِجة ( شعراً ) ، وهو نتاج شعري غائر الشكوى ( يحفر ) / اشارة دالة على عمقية الأثر ، ( اسماء ) من جرحن مشاعره ، برفضهن حبه إياهن / المكافيء المعنوي للحرمان والظلم ، وهو يحفرها على جثمان ( جذع ) محبته تلك ، بدون اي مقابل ( شجرة / وهي اشارة للبذل المجاني ) ، مسلوبة الحياة ( ميتة ) : ( الظّلُ يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة ! ) يختم الراوي فصله النصي هذا ، وهو قد صعد به حدثياً نحو تكاملية الفكرة التي يريد العرض النصي الاخبار عنها / عرضها ، في فصوله اللاحقة ، وتخلص قراءته الى : 1ـ مرجعية الفصل/ النصي ، الخطابية : التماهي الانساني مع السياب 2ـ رغم عميق شعور السياب بالاحباط ، مصدره هنا ، الآخر العاطفي ( من أحبهن ) / مقاربته المعنوية : القهر الحرماني ، وما خلفه رفضهن اياه ، من توترات وصراعات نفسية مشعرة بالغربة والقلق الوجودي ، اكتظت بها ذاته الفردية ، الا انها لم تسحبه اليها نكوصياً انغلاقياً ، وتقاطع بينه وبين الاخر الانساني ، بل ان ذاته الجمعية ، ظلت هي المتحكمة الفاصلة ، في تحديد مواقفه المنحازة نحو ذلك الآخر المضطَهد ، ودفاعه عنه ، بانتمائية وطنية ( مكاتاريخياً ) اصيلة ، وهذا هو جوهر مشاهد فصل الذروة / العقدة النصي اللاحق 3ـ جريمة السياب الثانية : أن في آثاره الشعرية دعوة للانحياز للمضطهدين والدفاع عنهم ، ضد السلطة الجائرة وكل من تلتقي مصالحه معها ، 4 ـ الرابط العضوي المضموني مع الفصل السابق : ان صاحب ( السفط ) المقدس ، له جذور انتمائية وطنية ممتدة الى اعماق تاريخه الحضاري ، واحد اسرار سفطه هو انحيازه للمظلومين والفقراء المسحوقين ، وحمله همهم ،ً ودفاعه عنهم الفصل النصي الثالث ( الذروة الحدثية ) : في مشاهد هذا الفصل يختفي صوت الراوي ، ليحضر صوت الشاعر ليتولى الحكائية الحدثية ، / اشارة لظهور بطل العرض / الحدث النصي ( السياب )، بقصد تحقيق اكبر قدر من الحيادية والموضوعية في عرض الأحداث :
المشهد الأول / نم نم جيكور لفجرٍ قد لا يُريكَني غفوتُ عنكَ بعيداً لم أتعبْكَ بعدُ لغسلِ عيوني كُلَّ صباح فقد غسلتُها للمرّةِ الأخيرةِ من ماءِ طفولتِنا معاً دونَ أنْ تدري لم أردْ أنْ أيقظَك من اغفاءةٍ تحتَ ظلال باسقاتٍ هُنَّ الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء ! دراسته التحليلية : ( جيكور ) : مرسلة خطابية إحالية ، فهي تحيلنا الى تلك القرية البصرية الريفية المشهورة بالنخيل ، التي شهدت ميلاد السياب و كانت شاهداً على اول حرمان استوطن ذاته ( موت امه ) ، والتي استقبلت في رخمها جثمانه بعد موته ، بعد ان لازمت وجدانه طوال حياته الاشارة المؤكدة بالتكرار ( نم نم ) : توحي بضديدها، اي انها دلالة على ( صحوها / حضورها ) في وجدانه طيلة سنوات عمره ، و طليه منها النوم ، هو ( اسقاط نفسي ) لشعوره بدنو ساعة رحيله من الحياة / نومه الابدي ، فهو يقول : ( لفجرٍ قد لا يُريكَني ) لكن حرف التقليل ( قد ) اطلق اشارةً معنوية مفادها ان رحيله كليةً غير مؤكد ، فهناك رؤية ( يريكني) لاتكون بالبصر ، بل بإستحضار أثر الغائب / الراحل هنا ، وهي دلالة على ان السياب سيرحل منه ما يُيصَر بالعين فقط / الجسد ، لا ما سيخلفه من آثار / ابداعه الشعري ومعناه الانساني ، باقي العرض النصي يدور حول ابتعاده عن قريته ، واشارات عن موته / انطفاء عيونه ( لم اتعبك بعدُ لغسل عيوني كل صباح ) ، واخرى : ( ظلال باسقاتٍ ) وهي اشارة مركبة ازاحية المعنى، دلالتها تتحدد بعد تشريحها : ظلال : دال ، مدلوله : مايخلفه احتجابُ الضوء بفعل حاجز قائم ما ، من خيالٍ لذلك الحاجز ، فالظل دليل على وجود شيء ما قائم ، تحدده هنا صفته ( باسقات ) : عاليات ، المكتسبة تعريفها ، من مكانيتها ( الريف الجيكوري المزدحم بالنخيل ) ، وهذا يقودنا لتركيب هذا المعنى : ظلال النخيل العاليات ، وقراءته الاستيحائية الاولية تكون : الوجود الجيكوري الحي ، و بإلحاق الجزء بكليته العراق وهو العريق ، تكون القراءة الاستيحائية النهائية : الوجود الجيكوري العراقي الحي العريق ، وهذا الوجود : الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام الاطول : زيادة تفضيلية ، خصص دلالتَها الزمانية ، ماجاء بعدها ( من كل عهود الظلام ) ، وهذه معناها لغةً : من كل أزمنة الظلام ، فيكون المعنى الكلي للعبارة ، بعد إرجاع تمييز / الأطول ( زماناً / تقديراً على مابعده أزمنة ) ، المحذوف كإزاحة تركيبية : الاطول زماناً من أزمنة الظلام ، ولما كان الطول الزماني يدل على العمر ، فتكون مقاربة العبارة الدلالية : الأطول عمراً من ازمنة الظلام، ولكن اي ظلام ؟ الظلام : دالة تعني : غياب النور ، ولما كان المكافيء الدلالي للنور / الشعور بالامان ، فستكون مقاربة مدلول الظلام المعنوية : الشعور بالخوف ، وهو مما يزرعه الحاكم الجائر في نفوس الشعب المضطهد ، لتثبيطهم عن الثورة عليه ، وبتقريب الدلالات يغدو الظلام اشارة للظلم ، ويصبح معنى ( ظلال باسقات / هن الاطول من كل عهود الظلام ) : الوجود الجيكوري العراقي الحي العريق هو الأطول عمراً من عهود الظلم / المكافيء المعنوي لهذا الوجود العريق : انه الأبقى رسوخاً في الحياة من تلك العهود ، وهو وجود عبّد للمظلومين درب الشموخ ( بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء ) ،وبغَيره لاكرامة ، بل مهانة الذل (ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء !) خلاصة المشهد القرائية : 1 ـ التماهي كان تماهياً شعرياً تقمُّصياً حد اننا تصورنا ان السياب عينه هو من كتب هذا المشهد النصي 2 ـ ملامح الذروة العرض نصية ، بانت بدايات تشكلها بذلك التقابل بين الصراع الذاتوي ( الفردي / الجمعي ) ، حيث تتمثل مظهرية الاول بالمقطع الاول ، حتى تمفصله مع الثاني بـ ( تحت ظلال باسقات ) ، حيث تنسحب الذات الفردية و تذوب لوعة همها ، في الهم الوطني للذات الجمعية ، وهذا ارتباط عضوي مضموني مع الفصل السابق 3 ـ جريمة السياب الثالثة هنا : التبشير بأن العراق سيبقى حياً لن يموت ، و ستندحر عهود الظُّلم مهما طال بها الزمن المشهد الثاني / آلامُ بروموثيوس أيوبِ النّبيّ فارتر مثلثٌ صارَ معي مُربّعاً مُغلقَ الجّهات حدَّ الاختناق تابوتاً أودعتْهُ أنا وآخرَ القصائد . . . لستُ محسنَ السعدون همنغواي رصاصتي لم أزلْ أحشو بها ثُقباً في رئتي . . . المشهد يبدأ باشارات تتوحد دلالاتها عند معنى عام هو الالم ، وتتعدد عند تخصيصه : ـ بروميثيوس : سارق شعلة النار من كبير الالهة ( زيوس ) لكي يعطيها البشرَ / تناص تخارجي مع اسطورة اغريقية ، فحكم عليه بأن يتعذب الى الابد ، ومن المقاربات المعنوية للنار : المعرفة ، ازاحة الظلام / الظلم المعنى الخاص : الالم كثمن للتضحية من اجل الاخر / مقاربته سيابياً : تضحيته من اجل ابناء وطنه المظاومين ـ أيوب : العذاب الاختباري / تناص مع الموروثات الدينية المعنى الخاص : الألم كدليل على عميق الولاء للاخر ( المقدس ) / المقاربة السيابية : ولاؤه للوطن المقدس عنده ـ فارتر : العذاب كجزاء للحب المستحيل / تناص تخارجي مع الادب العالمي ( رواية آلام فارتر ) المعنى الخاص : الألم كجزاء للوفاء للاخر/ المقاربة السيابية : وفاؤه لمن انكرنَّ حبه ومثلث الالم والعذاب هذا ، صار مربعا اغلقت جهاتِهِ عذاباتُ وآلامُ الشاعر بسبب ولأجل الآخر ، بل ان هذا المربع صار : تابوتاً أودعتْهُ أنا وآخرَ القصائد . . . والتابوت : شيفرة نصية ، يؤدي تفكيكها الى التعرف على سياقها التاريخي / الديني ، المؤثر على انتاجها ، فيكشف انها تعني : ( تابوت العهد ) ، الذي وُضعت فيه ( ألواح العهد المقدسة ) ، وهو من معاني ( السفط ) / وفق المراجع المقدسة لذلك السياق المار ذكرها آنفاً ، وهكذا يكشف السياب ان تلك الاسرار المقدسة التي وضعها في سفطه هي : أنا .. وآخر القصائد الاشارة / انا : حصرية الدلالة ، فهي تعني الوجود الحسي المعنوي الحي للشاعر / رمزيته الثورية الوطنية ، فهو كوجود مادي طواه الموت آخر القصائد : الاشارة ( القصائد ) اطلاقية الدلالة ، تدل على عموم المنجز الشعري للسياب ، اما الاشارة السابقة لها ( آخر ) فهي ذات رسالة ايحائية للبحث والاطلاع على جميع ذلك المنجز للعثور على ( القصيدة الاخيرة ) تلك ، ورغم شدة عذاباته و احباطاته النفسية / كمكافيء شعوري لتنكر من احبهنَّ لنقاء عاطفته ووفائه لهنّ ، إلا أنه لم يقدم على الانتحار كما فعل غيره : لستُ محسنَ السعدون / اشارة للانتحار السياسي همنغواي / اشارة للانتحار المرضي ( الافكار الاضطهادية ) بل هو يتخذ من ( الرصاصة ) / آلة انتحار المذكورين ، وسيلة لتأجيل موته : رصاصتي لم أزلْ أحشو بها ثُقباً في رئتي . . ./ اشارة لإصابته بالتدرن الرئوي ، الذي تسبب في موته لاحقاً ، وهنا يتكشف سبب آخر لذلك الصراع الذاتي الفردي
خلاصة المشهد القرائية : 1 ـ ذات التماهي في المشهد السابق 2 ـ ذات الارتباط العضوي معه ( انسحاب الذات الفردية المحبطة امام الذات الجمعية المحبة للحياة ) ، مع ظهور سبب آخر لتصدع تلك الذات الفردية 3ـ كشف السياب أسرار سفطه المقدسة ، مما مثل تأكيداً لجريمته الأولى ، فهي تفضح زيف القدسية المؤسساتية السلطوية المشهد النصي الثالث / عُذراً شريانَ قصائدي عشّاري الجّميل أرسمُكَ على مساحةِ سريري أمشيكَ كُلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد . . . رجلاي متعبتان تحملاني من فراشٍ مُتذمرٍ لطولِ رقاد تطوفانِ بي أقفُ متوسّلاً بأنفاس تختفي بدهاليزَ مظلمةٍ تحتَ ساعةِ السّورين ومضاتٍ بعدَ وهج . . . تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود ما ازدحمتْ به النهودُ ممالك البهار البخور القهوة السندُباد يُبحرُ على الأرض . . . يتمفصل هذا المشهد مع ما سبقه ، في ذلك السبب الآخر لصراعية ذاته الفردية / اصابته بالمرض القاتل ، وبلغة تكتظ سيميائيتها الدلالية بالاشارات المكانية ، وكثافة الصور الفردية او المركبة او الكلية ، والازاحات المعنوية ،يستهل الشاعر المقطع / المشهد ، بالاعتذار لنسغ قصائده ( نهر العشار ) : عذراً شريانَ قصائدي عشّاري الجّميل والاعتذار اشارة لقصور ما ، او تخلف عن وعد ، فبعد ان كان الشاعر يستلهمه شعرَه ، وهو يسير حِذاءَه ، بلا حساب لخطواته ، إذاه يقول : أرسمُكَ على مساحةِ سريري أي أنه صار يتمثله مرسوماً بين حدود ضيقة ، يشغلها سريره / اشارة لمرضه المذكور ، المقاربة المعنوية لهذا : الشاعر يعتذر للعشار عن أسره / رسمه ، اياه داخل حدود زنزانته ( سرير مرضه ) ، و الغاية من هذا الرسم : ان يبقى يَمشيه كل يوم / لاشعور توهمي تعويضي ( وفق التحليل النفسي ) للتغطية على فقدان قدرته على القيام بذلك الفعل ( المشي ) حقيقةً بسبب تداعيات مرضه ، و ابتعاده عنه غريباً خلف حدود وطنه ، ويحمله توهُّمُه على مماشاته يومياً ، وفي كل يوم يحرق وريداً متخذاً إياه ( لفافة تبغ ) تصاحبه في مشيه ذاك / لفافة تبغ اشارة ذات دلالتين: الاولى ـ تعني السيكارة التي ادى ادمان الشاعر على تدخينها الى اصابته بذلك المرض القاتل . الثانية ـ الاحتراق النفسي الداخلي بدلالة ( وريد ) / مقاربتها : لهفة الحنين المستعر في وجدانه : أمشيكَ كُلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد . . . ويأخذ الشاعر برسم صورة المرض الذي بنهش ايامه وبسلبه قواه ، مبرَّزةً بألوان العجز والوهن اللذين يُقيّدانه الى سريره : رجلاي متعبتان تحملاني من فراشٍ مُتذمرٍ لطولِ رقاد ولاشعوره التوهمي يصور له انطلاقه مُطوِّفاً على مرابع الصبا والشباب ، في مدينته الحبيبة ( البصرة ) / كتعويض نفسي ، عن رغبة مستحيلة التحقق واقعياً حيث يقول : تطوفانِ بي أقفُ متوسّلاً بأنفاس والاشارة ( متوسلاً ) / دلالة على طلب المعونة والمساعدة ، خصصَتهما ( بأنفاس ) / مكافيء القوة البدنية ، لذا هو يتوسلها عونَها على مايبذله من جهد للوقوف ومن ثم الطواف ، لكنه توسُّلٌ لما تختفي / تتلاشى بسبب المرض ( السلُّ الرئوي بفعل نهشه الرئتين ) ، ويكون تلاشيها مكانياً في : تختفي بدهاليزَ مظلمةٍ تحتَ ساعةِ السّورين ومضاتٍ بعدَ وهج . . . ساعة السورين : اشارة تناصية تخارجية، لأشهر ساعة تراثية عرفتها البصرة ، في تأريخها المعاصر ، غدت مَعلَماً مكانياً متلاشياً ، بعد هَدِّها بفعل عامل خارجي ( امر سياسي ) / وهذه صورة كلية تعويضية نفسياً عن تلاشي الانفاس في رئتين ( مَعلَمين جسديين ) معطوبتين / مهدودتين ، بفعل السُّل الرئوي / عامل هدم خارجي ، لكن تلكما القدمين تتهالكان، من وهنهما ، فتُلقيا به في اعماق مَعلَم آخرَ، سوقٍ بصري المكان ، عراقي الشُّهرة : تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود ما ازدحمتْ به النهودُ ممالك البهار البخور القهوة وبعد طول ترحال يشدُّهُ شعوره الى واقعه المرِّ فيجد أنه كان بحاراً مغامراً بلا بحار / المقاربة الدلالية : توهُّمُ الوصول لتلك الأماكن المحببة لنفسه، كتعويض نفسي عن استحالة ذهابه اليها حقيقةً ، فنجده يقول : السندُباد يُبحرُ على الأرض . دراسة المشهد التحليلية الموجزة : التماهي عكس اعلى درجات تقمص ( الذات السيابية الفردية ) في صراعها المرضي ، بلغةٍ اعتمدت سيميائيتها الدلالية على الاشارات المكانية الواقعية المعاني ،وكذلك الصور المكثفة بنائياً وبكل انواعها / صور مفردة ، مركبة وكلية ، لتجسيد ما سببه ذلك المرض للسياب من احباطات نفسية مؤلمة ، حاول التغطية عليها ، بتصوّرات لاشعورية تعويضية ( في مفهوم علم النفس ) / مكافئوها المعنوي : احلام اليقظة ، لكن شعوره / صحوته، تعيده لواقعه المؤلم المتقاطع مع ما يتمناه . المشهد النصي الرابع : يطرق الشاعر قصداً تعبيرياً آخر بعيداً عن تشكِّيه من تصدعاته النفسية كما مر بنا في المشهد السابق ، فيعرض في هذا المقطع تقاطعاته الفكرية مع الآخر المؤدلج قائلاً : أنبأني راءٍ أنَّ اخوةً يأكلونَ على بساطي ما حرّمهُ اسرائيلُ على نفسه . . . يزورونَ بيتي كُوّتي الصغيرة ألبسوها مِعطفَ ماكبث أفرغوا عُلبَ المكياجِ على عذراواتِ الطّين ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة ! دراسة تحليلية موجزة : السيميائية اللغوية لهذا المقطع وما تحفل به من اشارات ، رموز ( نصية / ماوراء نصية ) ، ايحاءات ، صور ( شعورية / عقلية ) ، وشيفرات / { راء ، بساط ، اسرائيل ، كوّة ، مكبث ، علب مكياج ، عذراوات الطين ، ينبش ، سكين صدئة } ،توحي لنا ، للوهلة الأولى ، أنها عبثية الانتخاب ، متنافرة دلالياً ، متباعدة تزامنياً ، ضمن سياقها النصي ، مما يجعلها غير متمفصلة مع بعضها دلالياً ، ولامتآلفة نسقياً ، فتتهاوى مركبات بنية المعنى الفوقاتي للنص ، وتعقم مرسلاتُها ، عن توليد رسائلَه الخطابية ، لهذا ساقوم بتفكيك مركبات تلك السميائية ، ثم اعادة تركيبها ، ، بعد الحصول على جذور دلالاتها المنتجة لأفكار النص ، التي ستكشف ( المعنى التحتاني للمقطع ) المخبوء تحت ذلك البناء الظاهر، مما يمثل مقاربة مضمونية شديدة الملامسة ، لغائية المقطع التي ( عناها ) الشاعر : الجسد المضموني لهذا المقطع مركب من ثلاثة اجزاء ، منقطعة عن بعضها رسائلياً ، ومتصلة عضوياً بضمير الجماعة ( الواو المتصلة ) ، الجزء الاول : ( أنَّ اخوةً يأكلونَ على بساطي / ما حرّمهُ اسرائيلُ على نفسه . . .) الثاني : ( يزورونَ بيتي / كُوّتي الصغيرة / ألبسوها مِعطفَ ماكبث ) الثالث : ( أفرغوا عُلبَ المكياجِ على عذراواتِ الطّين / ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة ! وهذه اشارة لغائبين في ماهيتهم ـ حاضرين في آثارهم ، فمن هم ؟ ، سنترك الاجابة عن هذا الى قصدية ( المعنى التحتاني ) للمقطع ، وهو ماستكشفه عمليتا ( التفكيك / اعادة التركيب ) لبنية المعنى الفوقاني ، كما اسلفت ، بداية سأقوم بجمع بعض الاشارات الواردة في السياق اللغوي لكل جزء ، والموحية ظاهرياً بالعلائقية بينها ، ثم إحالتها الى ماورائيات النص (مصادرها المعرفية ) ، للحصول لها على دلاله معنوية ، أقوم بزرعها في جسد الجزء اته ، فإن رفضه ، فهذا يعني ان هناك مقاربة مغايرة الدلالة علينا الوصول اليها ، وكما يلي : من الجزء الاول : اخوة + اسرائيل ( بعد الإحالة الى المصادر الدينية ، ومراجعها / الكتب المقدسة ) = اخوة يوسف / حددت بعض تلك المصادر/ سفر التكوين، معنى اسرائيل بتعريفين : الأول ـ هو النبي ( يعقوب ) المفجوع بغدر اولاده بأخيهم المحبب اليه يوسُف ، الثاني ـ هو ( مصارع الرّب ) ، وهي صفة لحقته ( اي يعقوب ) ، جراء مصارعته الربَّ ( الذي تجسّد له على هيئة بشر او ملاك ) ، وتمكنه منه، ورفضه اطلاقه من بين يديه ، قبل ان يباركه / المقاربة الدلالية هنا : ( الهو ) =المقدس المطلق القوة وعند زرع هذا المعنى ( بعد اختيار التعريف الأول اعلاه لإسرائيل ) في موضعه من جسد الجزء ، نجد ان ( بساطي ) تجعله يرفضه بعمومه ، فياء المتكلم المتصلة به ، تُعصرِنُ زمنَ النص ( في جزئه هذا ) ، فهو زمن الشاعر ، بدلالة مضارعية الفعل ( يأكلون ) ، المتضاد تماماً مع الماضوية البعيدة لزمن تلك القصة ، ورفض عموم المعنى، يعني رفض معاني مكوناته / فالاخوة ليس معناها الا