دراستي الموجزة عن نص (الأرضُ الطيبة ) / الدكتور صاحب خليل إبراهيم النص ***** أَنبتوني نَرْجساً فَوقَ رُباها عِنْدَ أهلي بينَ خَفْقاتِ النجوم ْ بينَ أفياءِ الكرومْ أَنبتوني رمْزَ حُبٍّ لابتساماتِ الصِّغارْ هاكمو صوتي مَواويلَ انْتِصارْ أَنبتوني أَيَّ شيءٍ في بلادي . . !! فهناكَ الأرضُ أندى وهناكَ الشمسُ أبهى وهناكَ الحبُّ أَهْنا أَنبتوني . .......... الدراسة ******* روعة النص تتجلى بمتانة وجمالية بنية السيميائية ، وقوة تماسك وحبكة سياقه اللغوي ، فكأنه لوحة رسمت بحرفٍ مموسق جاخلياً ( تنغيم النبر ) وخارجياً ( الايقاع العام ) وكما يتضح من هذه الدراسة الموجزة : العتبة ( الارض الطيبة ) تمهد لدخول اجواء متن كل مافيه يبعث على الانسجام بين عناصر مركباته البنائية ( من معاني الارض ) ، بتآلف علافاتي بينها لذيذ الوقع في النفوس ( من معاني الطيبِّة ) : لغة المتن : ـ البنية الدلالية : السمة الابرز في تركيبها / مطابقة اللفظ لمعناه ، حيث ان ابدال اي لفظ بؤدي الى اختلال المعنى القصدي للشاعر مثلاً : * انبتوني : الانبات معناه المعجمي المعروف: الزرع ، لكن دلالته المخبوءة ( فقه اللغة ) تعني : تأكيد نمو ما تم زرعه ، وصيرورته نباتاً ، وهذا ما لايؤكده الزرع ، فكم من بذرة ماتت ولم تنبت ماكان متوقعا منها ، لعدم توفر الظروف اللازمة لذلك ( خلو التربة من الغذاء / شحة الماء / تقلبات الطقس .. الخ ) * نرجس : من انواع الورود من مواصفاته ( بالاحالة لخارج النص / علم النبات ): ـ مكانه الاصلي حوض البحر المتوسط / الارض / البلاد التي يعنيها الشاعر في النص تقع ضمن المجال (الجغرا ـ مناخي) لهذا الموطن ( ماحوليات النص تشير الى ان الشاعر عراقي ) ـ ابيض اللون : اشارة الى نقاء السريرة ـ يقتل اعداءه مما ينمو قربه ويزاحمه على غذائه : اشارة الى العدو المحتل ــ يفضل النرجس التربة الجافة والبيئة ذات الشمس الخفيفة : اشارة الى قوة الارادة ـ له استخدامات طبية ( بعض العقاقير والعلاجات ) وجمالية ( صناعةالعطور) : اشارة الى العطاء والبذل المتنوع للاخرين بلا مقابل * وهكذا الحال مع : الكروم : نبات يوفر الظل / المواويل : من انماط الشعر الشعبي العراقي المعروفة ذات العمق الاصالي / ....الخ ، فلو جاء الشاعر بغير تلك الالفاظ لما تحققت المعاني التي قصدها لايوجد هناك ( حذف / ازاحات حادة / اشارات مشفرة / صور مكثفة ) ، لتأكيدتلك التلازمية ( اللفظ ـ معنوية ) ـ البنية النحوية : اهم مركباتها * اسلوب التوكيد : 1 ـ التوكيد اللفظي : تكرار مفردة ( انبتوني ) 4 مرات تكرار مرادفات لفظة ( الارض ، بلادي) / تكرار( بين) 2 مرة / تكرار (هناك) 3 مرات وللتوكيد قصد ترسيخ وتثبيت معنى تلك الالفاظ في ذهن القارئ من جهة وللايحاء بقوة هيمنتها على لاشعور الشاعر ـ البنية الزمانية : فضاء النص الزماني يشكله فعل الطلب / انبتوني : الحالي / الآني .التوقيت ، واسم فعل الطلب : هاكموا / بذات التوقيت الحالي ،.مما يدل على قطيعة مع حدثٍ وقع للشاعر في زمن مضى يمكن تصور ماهيته بتخمين فعل مقابل مخبوء تحت / انبتوني : يمكن تقديره بـ / حصدوني او اقتلعوني ، وهذا بدوره يجعلنا نقدر له فاعلاً مقابلاً لفاعل الفعل الظاهر ، فمن ينبت ضديد لمن يقتلع ، وباستدعاء دلالة / النرجس التي تقتل عدوها ، وطلب الشاعر ان يكون إنباته في ( بلادي ) يمكن ان نرسم صورة ذلك الفاعل المقتلع / المحتل، والاقتلاع فد يكون بالابعاد عن الجذور ( الوطن ) الى المنافي ( تغريب ) فيكون طلب الانبات ، دعوة من الشاعر الذي لايزال بعيداً عن بلاده بدلالة ( هناك اشارة للبعيد ) الى من بإمكانهم ( انباته / اعادته ) للارض الطيبة ، وهم ( اصحاب القرار / السلطة ) ، وبالعودة ( للتوكيد ) اعلاه ، نفهم ان الشاعر / يلح ، على من بيدهم اعادته وختام النص بهذا المفردة / انبتوني ، دلالة ان فعل الاعادة / الانبات ، لم يتحقق بعد !!! بل ان الفعل يخرج من معنى الطلب الى / الترجي ـ البنية الصوتية : سأكتفي بتحليل المركبات الصوتية لمفردة / انبتوني ، فهي تمثل ( بؤرة النص ) : نجد انها مكبلة بصوت ( النون ) الدال على الحزن والالم والتوجع ، الم بدأ النص وانتهى به واتصاله بياي المتكلم ( حرف مد ) جعل صوته الحزين يمتد ...لكن نحو الخمود دلالة استبيانية على لاشعور ذات معذبة .. بالغربة ... وعودة / انبات لم يتحقق بعد رغم تأكيد / الحاح الشاعر البنية الصوتية العامة للنص / التنغيم والايقاع : يطغى صوتا / النون والميم ولهما ذات الدلالة الحسية على التوجع والالم ، اما الايقاع عموما فهو منساب بلا عثرات بهدوء يخفي في اعماق بنيته الصوتية ...حزناًً دفيناً تحياتي / باسم عبد الكريم الفضلي