وجه آمرأة عبد الكريم ساورة .... اليوم لم يعد لي اختيار بعد أن احترقت المدينة، و معها منزلي الصغير الراقد على تلال راقصة، وفراشي الصوفي الذي ورثته عن أجدادي ، وكتبي القديمة، وقصائدي التي أهديتك إياها يوم اعتقدت أن الجلاد خرج من جسمي. أعرف جيدا أنك غريبة المنبث، تعشقين الطيور بلون النار، لم تعد شهيتك مفتوحة لأشجار البلوط، ولم يعد يثير اهتمامك قصة مخلوقات نادرة كتبت أوجاعها على حيطان الزنازن ، هل فعلا فقدت الذاكرة؟ تذكرت يوم ولدت في ليلة ليلاء باردة وكبرت على كتفي وكنت تحلمين بعرش أسطوري. وجهك من بقايا النحت الماغولي، سفر بعيد، رِكابٌ وأصقاع ، دمار وضياع ، جسر متين، تهدم بدموع الحضارات.... المفقدون لغز عجيب في معجمك، والحالمون بالعودة أسرى مدى الحياة بفتنتك. ما أغربك في قهرك، أنت حضن وموت وسيف في ثأرك. لا تعيرين اهتماما إلى التاريخ وأوجاعه، ولا يهمك أرقام الضحايا في الحب وأهواله. كل البلدان تتسابق على أخبارك بين من قضى نحبه وبين من يعيش أبد الدهر سجين أهوالك. متحفك بركان، تحول بمشيئتك مزارا، وتحفك من الجمر أضحت أثارا، بالله عليك كيف حولت إله الجمال رمادا؟ تغررين العاشقين إلى جحيم صلاتك، يتسابقون بجنون، يبكون على أعتابك من يكون ألأول قربانا عظيما لنارك. بالله كيف احتمى القدر بأسوارك؟ وأنت نائمة على كف أعدائك؟ خططت لغزو عشاقك ، وأحرقت النوايا وعود الناي، حتى لاتسمعي حفيف نارك.واستسلمتِ لجميل كبريائك، أن غرست حبقا وزهرة الجوري لتنتشي بها بقية أيامك. أتلفت كل رسائل الود بينك وبين الحياة ، وأقسمت أن تدفني كل الحكايات التي كنت فيها محطة لوم وشبهات. وجهك ذوب كل المسافات، وأشعل فتيل الشهوات وأجمل ما فيك حرصك على قواعد العشق التي نسجتها للمفاجآت. كيف أطفئ شهوتك القاتلة ؟ وأحلام امرأة تقود الزمان إلى الهاوية؟؟ أعرف جيدا أنك تعشقين الرقص على الجثث، وهوسك رمح مسموم وظلمة وتحريف كل القصائد الحرة. هل ترضين بألف وجه ووجه للقمر كهدية لعيد ميلادك ؟ وأترك لك صحبة ضيوفك الغرباء اختيار لون الشمع والحطب ولوحات الرقص البائد لإطفاء ظمأك. هل ترضين بوجه الأرض لحافا، تغطين به كل نذوب وجهك القاحل ؟ أرى على قسمات وجهك، صمتا مطبقا، فأنت وحدك حكاية لكل عاشق أحمق. كاتب مغربي