من شعـــراء اليمن اليمن موطن الحضارة والسؤدد من أن عرفت الإنسانية ، منبع الأصالة الكرم والرقي على جميع الأصعدة سيدة الشمس والملوك والملكات على حد سواء وما بلقيس ملكة سبأ ببعيد عن الشاهد والحدث وما أروى إلا من تلك الأمة التُبعية ،وهي تمتد من باب المندب غراباً إلى بحر العرب العماني شــــرقاً ومضيق هرمز أرض صدرها واسع رحب ومخصبة دائمة الخضرة والاخضرار سهول تبهر وشواطئ تسحر وجبال عالية المرتقى وخلفها بحر يتصادم مع المحيط ويعتنقه . وحضارة اليمن شاهدها القرآن الكريم فقد ذكر الملك تبع وسبأ ومأرب والسد وقد أفرد الله لــــهم ســـورة والأحقاف سورة تبين لنا حضارة أقوام فيهم من أمن بالله وأطاع رسوله عليهم السلام ومنهم مـــن كفــر وجحد بالله وعبد غير الله . وشاعرنا من هذه الأرض الضاربة في الحضارة والقدم ، فلا غرابة ان يكون أهل اليمن أدباء و شعــراء شاعرنا الكبير الأديب الفحل / علي أحمـــد باكثــــير من عائلة باكثير الحضرمية موطنها الأصلي حضرموت مهد حضارة الأحقاف وتحت رمال الأحقاف تمتد حضارة إلى قلب الجزيرة العربية يطلق عليه في وقتنا الحاضر صحراء الربع الخالي وأعتقد أن المستشرقين هم من اطلق هذا الاســم . ولد الأديب الشاعر في أندونيسيا بمدينة سوربايا في المهجر لأبوين يمنيين وقد اختلف في تاريخ ميلاده بين عام /1910 م وعام /1903 م وفي دون الثامنة أرسله والده إلى مدينة " سيئون "في حضرموت وكعادة الحضارمة في إرسال أبنائهم إلى أوطانهم الأصلية للعلم والمعرفة واكتساب لغة الأجداد ، قد كانت سيئون مركزا من مراكز الإشعاع الديني والثقافي . وفي سن الثالثة عشرة أخذ يقرض الشعــر وأظهر الشاعر الشاب تفوقاً رائعاً ومبكراً فـــي علـــوم عصـره وثم بعد أن نهل من العلم عمل مدرساً بمدرسة النهضة في سيئون ثم مديراً لها ، وقد أصدر الشاعــر مجلة "التهذيب " لمــدة سنـة ، وأصدر العدد الأول منها في شعبان سنة 1349 هــ 1931 م . الأديب علي أحمد باكثير كان فريداً وصاحب مواهب متعددة وإنتاج أدبي كبير في الشعـر والمسرح والرواية وقد خرجت هذه المواهب بعد أن غادر حضرموت شاعراً إلى عدن ثم إلى الحجاز وفي المدينة المنورة بجوار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم نظم قصيدته المطولة " نظام البردة " في أكثر من مائتين وخمسين بيتاً ، وحط رحالـه فـــي مدينة الطائف الجميلة وفيها كتب باكثير أول باكورته المسرحية مسرحية " همام أو في عاصمة الأحقاف " وهي تهتم بالقضايا الاجتماعية وقد تكون أول مسرحية عربية في الجزيرة . ومن الحجاز طائر بلبل حضرموت وشاعرها إلى مصــر لينثر عليها وعلى نيلها إبداع الفن لينافس أهــرامها ومن كان يقرأ لهم سابقاً كأمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم في عقر دارهم ، وهناك ترجم مسرحية شكسبير " الليلة الثانية عشرة " شعراً ونشرها في مجلة الرسالة وترجم " روميو وجوليت " . ثم قام بتأليف مسرحية " أخناتون ونفرتيتي " و باكثير بهذا العمل الجبار الكبير وضع حجر الأساس لتجربة " الشعر الحــر " قبل أن تبدأ الشاعرة نازك الملائكة والشاعر بدر شاكر السياب في نشر أشعارهما الحرة حيث نشرا في أواخر الأربعينات بيمنا نشر باكثير في مجلة الرسالة سنة /1945 م وشعره مجلات "الدعوة والأخوان المسلمون ، والوادي ، والمعرفة ، وأبوللو " . ونظم علي أحمد باكثير شعره في النسيب والرثاء والوصف والاجتماعيات والإخوانيات كما معظم الشعراء ومن الجميل أن باكثير كان من الشعراء الذين لديهم قصائد مؤرخة وهي القصائد التـــي كان يرسلها إلــــى أصدقائه وأخوته والمرثيات . وللأديب العربي مجموعة من المؤلفات تبلغ ستين مؤلفاً يبن الشعر والمسرح والرواية والقــصص الجميلة منها كتاب "فن المسرحية من خلال تجاربي وا إسلاماه ، والتوراة الضائعة ، عودة الفردوس ، الوطن الأكبر ومسمار جحا وفصر الهودج والشاعر والربيع وهكذا لقي الله عمر ومأسات زينب " وغيرها .... وقد حصل الأديب باكثير على عدد من الجوائز القيمة منها جائزة الدولة التقديرية الأولـــى مناصفــة مـــع الأديب نجيب محفوظ وللشاعر باكثير مواقف جادة من أجل الأمة للنهوض بها مما جعله تحت مرمى الخصوم توفي الأديب العربي في مصر عام 1969 م 1389 هـ . وقد قال يرثي أخاه محمد بن أحمد باكثير في 16 /8 /1349هـ حكم الردى لا يمكــن استئنافــه سارت به شرط الورى أشرافـه سيــان بين يديــه لابــس تاجـه وأخو القطيع يهمــه تطوافـــــه فإذا أناخ فما ينهنــه أمـــــــــره تهديــه كــــــــلا ولا استعطافــه هذا أخــي ابن أبي الكريـــم محمد اليــــوم مأتمـــه وأمس زفــافــه وقال في الترحيب بعودة أخيه عمر باكثير من أندونيسيا حيث كانت تسكن والدتهما هناك الروض أصبح للأحبة ملتقــــى أو ما رأيت تعـــانق الأغصـــان وتشقق الأكمام فــي أزهــارهــا عـــن أبيض يـقق وأحمــر قاني يا ابن الميامين الكرام انزل على فـــرح النفــوس وقــرة الأعيـان وأذن لوجهك أن يشـــع ضياؤه فيبــدد الأحـــــــزان باللمعـــــــان وكان مطلعها جميلا حيث قال : دمعــــان في الأجفان يزدحمان دمـع الســـرور ومدمع الأحـــــزان ومن شعره أيام أقامته في حضرموت في مدرسة النهضة التي تعلم فيها ثم أصبح لها مديراً بعد ذلك لا ينــال العلــم إلا بالنصـــب ومقاســـاة عنـــاء وتعب وامتطاء الجد فــي تحصيلــه وسهــاد الليل مع صدق الطلب يابني النهضة جدوا في العلى لا يكون الشيء من غــير سبب ذللوا كل جموح فــــــي العلى باجتهــــاد مستمـــــــــــر وأدب وقال شاعرنا الأديب العربي الكبير في الغزل زارت وجنـــح الليل معتكـــر ونجومه ينظرن عـــــن شــــزر كلآلئ مـــن عقــــدها انتثرت أو خـــرد يسجــــن فــي نهـــــر والبدر يجـري في السماء كما يجري السفين بلجة البحــــــــــر وقد مدح والده في قصيدة رائعة سنة 1340 هــ حيث كان من أعيان حضرموت ومن أبرز رجالها وأحد المؤسسين لمدرسة النهضة العلمية بها إذا جـــن ليـــل وادلهمت غياهبه أبيت وفــي ماطر الدمع ساكبه إلى ان يقـــول : كفاني فخــراً أننـــي كنت نجلـه ويزكو به شعري وتبدو عجائبه وهذا أب لـــو كان للناس مثلـه كفتهم فخـــاراً واعتلاء مناقبــه ولا زال نجم السعد فوقك طالعاً بجودك يبـدو بـــدره وكواكبـــه وشاعرنا الكبير علي أحمد باكثير كثير الترحال والتنقل بين مصر العمل والزوجة واندونيسيا الوالده والوالد ووطنه الأخوة وملاعب الشباب وانبثاق الأدب والحجاز الديار المقدسة مكة والمدينة . والأديب باكثير يميل إلى الفلسفة ويظهر ذلك في مسرحياته المتعددة ذات الطابع الإسلامي مثل مسرحية جحا وغيرها من الأعمال الجليلة .
الأديب الشاعر/ يزيد بن رزيق...