جالساً على أخرِ السطرِ كنقطةٍ منكوبة... يمرُ الخريفُ على أشجارِ فمي.. أراودُ تفاحةَ المعنى فتطردني القصائدُ من جنةِ الحروف... ولازال ظلي يكتبُ عني تقاريرهُ الكيدية... في الطابقِ الأخيرِ للحسرة على شرفةِ القلق آهٌ عجوز تدخنُ سجائرَ الخيبةِ الرديئة... تعدُّ على أصابعِ الليلِ أسماءَ حدائقِ المدينةِ العاقر وتشقُ ثيابها ابتاعُ من شاعرٍ جوال تشبيهاً بليغاً استرُ به عريها هي مثلي أعياها التفتيشُ عن سكاكرِ الأملِ في جيبِ كلِ شمسٍ تتأهبُ للشروق من هنا مروا.... وفدٌ من سادةِ قريش يوزعُ معونةَ الخوفِ على المتضررين من الفرح.. من هنا مروا... نشرنا الهتاف الوطني على حبالنا الصوتية منذ نعومةِ حناجرنا حتى جف الصراخ توضأت الخطايا من صعيدِ دمنا... واغتسلنا من جنابةِ أفكارنا وترادفنا معاً للصلاةِ بلاإمام تقول الآهُ العجوز: على شرفة القلق كانَ الحبقُ يدوزِّنُ أوتارَ العطر... حين مروا ..كسَّرَ الغاضبونَ واجهةَ أغنيةٍ وطنية وقطعوا رأسَ قصيدةٍ نثرية سافرة.... أنتَ وأنا كنا مثلَ شارعين باتجاهٍ واحد... جمعنا عرائضَ الأقدامِ الحانقةِ ورميناها في حاويةِ تقريرِ المصير في المدينةِ لم يبقَ غيرنا وسنونو ممنوعٌ من السفر يرقدُ على بيض الاقامة الجبرية... يتشاغلُ بحلِ كلماتِ الغربةِ المتقاطعة.... لاعليك.... قافلةُ الخرابِ تسير والمدافعُ تنبح... ولكن كدتُ لا أعرفك لم يبقَ منكَ غيرَ جلد الأماني وعظم الذكريات قلت: كان لي ولدٌ وحيد أسميته( وطن)... كنتُ أدورُ به على مرضعاتِ البختِ فيقفلُ فمه كلما أجهشَ نهدُ الزمانِ بحليبِ السعد... ضاعَ ولدي ذاتَ اهمال بحثتُ عنه بينَ عظامِ المدينة... لم أجدْ إلا الصور المطفأة وجرائدِ الاخبارِ المؤطرةِ بالبكاءِ الفاخر... ودفاتر صفراءَ فيها الكثير من الأخطاء الاملائية والدينية... ضاع ولدي.. ضاع.. استشاطتْ الآه يأساً غمستْ اصبعها بمحبرةِ دمها وكتبت على جدارٍ مهشمِ الأضلاعِ والخاطر: ( ألف نوحٍ لايكفي ولو صار الكون سفينة) هزَّ الجدارُ رأسه وسقط موافقاً. بقلمي: سليمان أحمد العوجي.