لم أكن أتصور بأني سأراها , في عرس جارتي .. أخرستني المفاجأة .. ودار في خلدي المثل الدارج (رب صدفة خير من ألف ميعاد) جلست في وجوم بعدما أصبت بدوار..داهمتني الظنون,كان علي بأن أتماسك حيال هذه النظرات التي توشك أن تخترق الجسد النحيل ..تداخلت الأصوات بالزغاريد .. سماعات " الساوند " ترسل أنغام الموسيقى الصاخبة ملء المكان , وتكاد تصم الآذان أول عهدي بها كان منذ سنوات.. في عيد الربيع .. لم أستطع أن أقاوم عيناها البدويتين , هيئ لي أنها درة , جاءت من قاع المحيط , دنوت منها في حركة بهلوانية , ثم أنطلق لساني , تعبيراً عن فرط اعجابي بها , كانت لطيفه للغاية جاملتني بابتسامه ساحرة , وبضع كلمات , رقيقة ... وانصرفت . , وذات يوم تجاذبنا أطراف الحديث , وهي عائدة من المدرسة..روت ليّ الكثير عن حياتها , وعن المدرسة , وعن " ايفون " الأستاذة التي تغار منها .. وتشتاط غضبا , عندما تراها تتحدث مع " أمال " صديقتها , وكانت تحكي وتسترسل , وكانت النبرات دافئة , ترسل النشوة في عروقي , وجوانحي , وانتهى اللقاء عند مفترق الطرق " ... في أخر خطاب , لمحت لي بأنها لن تراسلني مرة أخرى .. فقد صارت زوجه لرجل ثري , يستطيع أن يشتري لها كل ما تريد .. وقالت بالحرف" هو يحبني كثيراً جداً.. ويغار علي من النسيم .. وأنا أخاف أن يعرف أي شيء من الماضي ".. قرأت الخطاب , وأنا مندهش .. وسألت نفسي .." هل هذه "....." التي كنت أعرفها .........؟!!. طويت الخطاب.. واكتفيت أن أعيش علي ذكراها .. وعلي أن أراها في الاحلام .. وفقط .. لكنها اليوم ليست حلماً.. ليست خيالاً .. هممت أن ألمس هدب ثوبها ... لأتأكد أني مستيقظ ... الفرح يعج بالمدعوين ... كاميرات التصوير تدور هنا وهناك .. لتلتقط الزغاريد , والضحكات , والهمسات .. اصطنعت ابتسامه باهته .. ووزعتها علي المدعوين .. ووقفت أُصفق في هِستْيريا .. والأصدقاء يطلبون مني أن أرقص .. رفضت .. حزّموني .. رفضت .. فرجوني .. فرقصت .. تسلل طفل من بين يديها .. اقترب مني .. مبتهجاً .. أمسك بالعصا , وأخذ يرقص معي .. انخرط رجل أبله , من بين المدعوين , وبيده رزمة من الفلوس , تكاد يده تعجز عن حملها , وحيا : ــ الفرح , المعازيم , العروسين , الراقصين , وأنا وأنت , ورقصني يا جدع نظرت إليها , فابتسمت في وجلٍ .. وهزت رأسها.. لحظتها علمت انه زوجها فضربتُ بالعصا علي الأرض .. ورقصتُ .. ورقص الطفل .. والمعجبون ...