top of page
صورة الكاتبAdmin

انتكاســــــــة ... - محمد القصبي / المغرب


تجنح روايته الجديدة و انطلق يعدو بها في اتجاه دار النشر فرحا بما أتاه الله من نعمة الفكر و الثقافة .. و لأنها أيضا من تقديم اسم لامع في الساحة الأدبية العربية و التي طارت شهرتها حتى طبق الاسم كل الآفاق العالمية بفضل شبكات التواصل الاجتماعي التي هيأت له فرصة تشطير الذات إلى نجوم عالية لامعة في سماء الإبداع .. رواية مميزة أحداثها متنا و اسلبه في صياغة المؤثرات الشائكة التي تسمو فوق الوصف و التأويل انها رواية لا تفك شفرتها إلا بعد الإحاطة بسيميائية البؤرة ..الايقونة و الرمز... قطعا سيبيعها للناشر كسلعة خامة تتخذ صيغة مخطوط ورقي مستنسخ رقميا إذ يحفظه قرص مضغوط و أوراق أخرى تشمل التعليقات المتبثة اسفل نسخة فنية منها لمعاودة التصحيح و التعديل و الإضافة رضوخا لأمر الناشر إن اقتضى الأمر ذلك ..هذا مقابل مبلغ زهيد يكفيه لتغطية نفقات عديدة على مستوى الاستهلاك و قضاء الدين و دفع فاتورات الماء و الكهرباء و وجيبات الكراء المتأخرة ... في حين سيحتفظ الناشر بسلطة تداول الرواية ما شاء له من الطبعات مع احترام اسم مؤلفها .. حسبه تاجرا لاهثا يركض رواء الربح الوفير الذي سيجنيه من عرق و حرمان الفرقد الذي اخبى نوره داء الفقر ....لا يهم ان استولى على الاسم اسم صاحب الرواية التي هي أفكار يطمأن إلى رسالتها في التنوير و بعث الوعي من سباته ليعمق صيغ طرح إشكاليات الرغبة و فلسفتها في الدين و السياسة و المجتمع .. أمام دار الطباعة و النشر و التوزيع..ارتكن زاوية عند واجهة المقهى الأمامية والمقابلة لدار النشر..بلهفة شديدة ينتظر حلول ساعة الصفر...وقت عيادة الناشر مقر مكتبه و انتظار ردها من الزمن ريثما ينتهي من معالجة تقارير و برامج العمل اليومي كانجاز تقديم عمل او تعليق على تحقيق علمي او تبرير ما من شأنه أن يعرض العمل لسلطة الرقابة و هو الرقيب الأول حماية لظهر المقدسات التي تخشى أسنة الثقافة السامة من أن تصيبها موتا محقق الوقوع ... ياه حتى الناشر أصبح مخبرا سريا من يدري ربما .....ما اشد وطأة لهيب الانتظار المحموم باضطراب نفسي حاد... نقد النادل و ازدلف نحو المؤسسة الثقافية التي هي معلمة فكرية تعمل على ترسيخ قيم التفتح والانفتاح من خلال تشجيع حركة الإبداع الذاتي في عمليات الترجمة التي تقوم بها بطلب / قرصنة / إنها ترجمة الأخر المختلف المناقض و المحاور الذي نشاركه ارث الفكر بأقل التكاليف و نقبل عليه بلهفة عظمى ...يقرأ مسروقا و تعمق دائرة الاعتراف به أيقونة فكرية جديرة بالتكريم.. جميل جدا أن تتظافر جهود البشرية ماضيا ..حاضرا و مستقبلا في بناء دائرة تطور الحضارة على أساس إبداعات الفكر في الصناعة و طرح البديل المدني في الحياة... لكن الموت الغاضب يحطب الجميع باسم صراع الحضارات و الثقافات و الأديان ... انها مؤسسة للبناء المشترك لكل آفاق ثقافية تمجد حضارية الإنسان الدموية فما اجل الأدب الذي ينقل و للتاريخ أمانة موت الإنسان الأخير... ...استقبله الناشر بابتسامة مصطنعة تخفي أزمات نفسية حادة .. أدركها المؤلف حدسا كما أدرك طالعه السيئ سلفا رغم ما يلاحظه من علامات الرضا البادية على محيا الناشر و الذي ما انفك يحرك رأسه يمينا و يسارا ...و الأديب في رقصه على الحبل حيرة كبهلواني يخشى السقوط ..يتأمل علامات الفخامة و الوجاهة التي تنبئ به مؤثتاث المكتب و هي في اغلبها مقتنيات مستوردة أما اللوحات و الجداريات التي كانت تزين مدخل المكتب فهي من توقيع فنانين أجانب ... لم ينتبه إلى أن هذه المؤسسة هي نفسها التي تطبع مقررات الجرائد الرسمية التي بموجب الإعلان يتم دخول قوانينها حيز التنفيذ..طباعتها للإعلانات و مقتطفات أحكام المحاكم الوطنية التي تمس قضايا دعوى حيازة أملاك و عقارات المواطنين لأجل المنفعة العامة... في حين أن مقررات أبناء المدارس فتطبع خارج الوطن .. يا للمفارقة هكذا اوشى له بها قرينه بالرغم من كل ذلك.. فيا له من شعور يسمو به كائنا مميزا متفردا صيغة بين بني جنسه... سيغني بالتأكيد له الحلم القديم بكل بارقة أمل تقتضي إنصاف قيمته كمثقف عضوي جدير بالاحترام رغم بؤر الوحل الذي يرهق ممشاه في وحل جمر الهامش .. استلم الناشر الرواية ..اطلع على العتبات و من ثمة انطلق يقرا التقديم الفاخم بعبارات التمجيد و المجاملة فانفرجت أساريره عن ابتسامة عريضة قائلا: ---إن هذا الروائي الذي تشرف بتنزيل استهلاله من أصفى أصدقائي .. لقد سبق أن نشرت له روايات عديدة متنوعة..انه يجيد فن الكتابة في الأدب الاباحي ...مقهقها طأطأ رأسه على استحياء ... بعدئذ طفق يتنقل بين بداية المتن الروائي.. وسطه معرجا على قفل النهاية فما أن وضع مسودة الرواية على المنضدة حتى قال بصوت أجش: ---عم يتمحور نص الرواية بكل إيجاز سيدي الكريم ؟؟ أجابه الروائي ببراءة و باختصار مفيد: --- عن ظاهرة جهاد النكاح التي باتت تستهدف عرض الأمة الإسلامية.. فشخوصها واقعية / حقيقية سيدى.. قد تكون الرواية في شكلها المتجدد استطلاع صحافي على ارض المعركة عن بعد من خلال شهادات الوافدات من هناك.. من سوريا .. العراق.. و إذ هو يتحدث موسعا قاعدة العرض المدموغ ببيانات قاطعة حتى ضرب الناشر كفه على المكتب صائحا غاضبا: ---هل تعرف ماري كوري؟؟بالقطع لا .. فانا من يؤمن اشد الإيمان بقولتها : -أنا لا أرى أبدا ما تم إنجازه، أنا أرى ما لم يتم إنجازه بعد- اخرج من هنا هل تريد مني نشر خزعبلاتك عن عاهرات مارسن البغاء تحت لافته جهاد النكاح .. و ألقى بالاضمومة على وجهه ساخطا مرغدا مزبدا ... جمعها غير مصدوم مما حدث إطلاقا .. فلقد علمه الهامش كيف يوسع رئتيه ليشم كل عفونات النخبة المتحكمة في الفكر و الثقافة و الاقتصاد و السياسة و في لعبة الخبز المشطور نعمة من صاحب الفضل منة بل صدقة ممنوحة للمنبوذ كحاله الرث الصريع حياة و كرامة و ذلك على أمل ردها له صوتا ...صوتا اقتراعيا ...يا للبلاهة ... عند خروجه من المؤسسة .. توا. أدرك من بوابها ما يفيد أن ابنة الناشر هي الأخرى قد شاركت ضمن تقليعة جهاد النكاح خارج الوطن و خالها من أعطى لقبه للوليد الذي وضعته نتيجة نكاح الرهط.. و من نتائج ذلك أيضا عليه انه قد اقلع عن أداء فريضة الصلاة لا سيما بعد سابق اطلاعه على فتوى عالم الدين الموثوق فيه وهو يؤكد على ضرورة المشاركة في جهاد النكاح و آخرين آزروه من مختلف المنابر الدينية ... إلا أن السؤال الذي أدهش الروائي عن مثل هذه الحقيقة التي لا يعلمها و من معه إلا المقاول الورقي لحساسية الخصوصية ما عليه يستفهم وضعا معدوم العلة : ---من اعلم الحارس بموضوع الرواية التي وثقت لأسباب هي ملك يمين صاحبها... من اعلمه بدقائق الأمور و تفاصيل جزئياتها الصغيرة .. تأبط مسودته و قفل العودة مسرعا لا يلوي على شيء..ينفث سيجارته السوداء و هو يردد مستغربا: ---ألهذا السبب لم يعرف هذا البلد خريفا عربيا أسوة بالآخرين ... سبحان الله .. سبحان علام الغيوب.. سبحان من انعم على هذا الشعب بهواية التبصيص... التجسس و التلصيص ... سبحان من اقر توازن الأمن و السلام و اقتيات مصاصي الدماء على عدسات هؤلاء و أولئك ...في البآبئ وحدي اقرأ مكفهرا خذلا صدق حرب الجميع ضد الجميع ... يا للغرابة وطن جياعه مخبرون سريون ..أثرياؤه مخبرون سريون ..ودار فتواه يسكنها مخبرون سريون ...كمجلس الشعب لا فرق فممثلوه الأميون هم يجدلية العلاقة القائمة مخبرون سريون ...وكل وزاراته السيادية يشغلها مخبرون سريون ...و الجميع ...قد امتدت كفاءتهم لحماية بلدان ما وراء البحار من تفجيرات كانت مؤكدة الوقوع....فيا للغرابة من عدسات داخل و خارج ضيعة سموها وطن البصاصين ...---------------------------------------------------لست كسيحا ...فلن أتوقف عن السير و إن كان الممشى في الحمأ بطيئا..--------------------- لست غبيا ..يكفي أن لي لسانا و قلبا ينبض إيمانا بحب وطن مسروق ... مسروق لا يتقن إلا الإعاقة و غرائبية الأكفان ......

محمد القصبي 29/01/2018 بلقصيري المغرب الاقصى

إهداء خاص: إلى من علمتني لغة الصبر معزوفة جمر يلون بالحمرة شفق كل انتظار.. فقط انتظريني يوما ما فينقا أتجدد حضورا بين كفيك... R.w


١٠ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page