تخبرني إبنتي عن عجوز طاعنة في السن تلاعبها يوميا وتعلمها اللغة الفرنسية ، في بادىء الأمر ظننت أن "ألينا" تتوهم وبما أن عمرها لم يتجاوز الست سنوات لم أخذ كلامها على محمل الجد . عادة ما كنت أسمعها تحاول تهجية حروف اللغة الفرنسية بصعوبة قائلة "A.B.C وايضا merci وشيء من هذا القبيل ، رأيتها ذات مرة تحادث نفسها امام المرآة عندما سألتها إلى من تتحدثين؟ أجابت في شيء من الطرب الى السيدة "ريتشل" إن منزلها خلف هذه المرآة يا أمي ..تلك المرآة القديمة ، كانت الشيء الوحيد الذي لم أغيره منذ أن إشتريت المنزل ذاك . حدثت والدتي عن الموضوع فزجرتني وطلبت مني كسر المرآة من باب الحيطة وفقط فلم يكن أحد ليؤمن بخرافات وجود عالم آخر غير الإنس . توجهت فورا صوب غرفة "ألينا" وقمت بحمل المرآة إلى القبو وفعلا هشمتها إلى أنصاف صغيرة وإنتثرت شظاياها في كل مكان ، لحقتني صغيرتي وقالت بوداعة : ان ريتشل يا أمي لا تسكن هذه المرآة وفقط بل هي موجودة في كل مكان عليك حرق المنزل كله للتخلص منها ! ثم أنها سيدة لطيفة جدا بم ازعجتك كي تؤذيها بهذه الطريقة البشعة إنها غاضبة منك يا مامي ستنتقم حتما !! سألتها أين هي ؟ أشارت بسبابتها إلى زاوية مظلمة من القبو وقالت وهي تقهقه : انها تقول عنك شريرة ايضا ! استجمعت قواي وطلبت منها ان تسألها عما تنوي فعله ؟ فظرت أمامي فجأة بصورتها الحقيقة عجوز جميلة في عمر السبعين تقريبا تعتري وجهها علامات الخيبة وقالت بصوت حزين متتعتع بانها لن تؤذي ألينا إنما هي تشبه إبنتها الراحلة كثيرا ثم هرولت وخطفت مني إبنتي حاولت التمسك بها وإنتشلاها من بين ذراعي تلك الشمطاء لكن الفاجعة كانت اكبر الينا تريد البقاء مع تلك السيدة رأيتها تتلاشى شيئا فشيئا قائلة Mama Je t'aime...إلى أن إختفت. أنا اليوم وبعد مرور عشرون عاما بالتوقيت الأرضي أعيش بمفردي في القبو نفسه ويبدو أن المنزل قد بيع ..كما انني لم اتمكن من رؤية ألينا مجددا إلا ان ابنة السيد الذي اشترى المنزل تشبهها كثيرا..! لـِ روفيدة محمد