حبيبتي ، نسيت أن أكتب فيك قصيدة شجن ، لمّا كنت و كنا بذاك الوطن حبيبتي ، نسيت أن أرسمك بقلب الوطن ، فأنا حين أفتقدك ، أشتاق لمعنى السلام بعينيكِ ، لمّا كان السلام ثالثنا ، كان شعرك الأسود ببريق الزيت يثير طفولتي ،، لمّا كنتِ و كنا ، نلهو فلا نعرف لجغرافية مشاعرنا حدودا ، كنت أنت حبيبتى ، تلهمينني عشقا ، بينما روحك تهديني السلام
فـالسلام ، أن أحبك أنت ، السلام ، أن أهديك ورود قلبي و مفاتيح الروح السلام ، حبيبتى أن أدعوك لرقصة ثنائية ، يدي بيدك ، نلثم جبين القمر ، نحلّق حول كوكبنا من شماله إلى جنوبه ،، السلام أن أتنفس عطرك بلا قيود ، و بدون حضور ذاك الجلاد يزجرني عند كل منعطف ،، فشوارع بلادي صارت بعبق غريب عبقٌ ، أنساني رائحة زيزفونك ، أنساني رائحة المطر تبلّل جبينك ، أنساني شذى ياسمينك بالجنائن الخضر ، و عبير الإكليل على الأغصان و خلف الشجر .. كنتُ لمّا أشتاقك ، أسير حافيَ القدمين ، ألتحف سماءَ مدينتي ، أختطفك من بين النجوم و في غفلة من الزمن ، و نسيــر ، نسيــر معا ، يدا بيد ، أهمس لك بلا وجل فحبّـي لك لم يتجاوز رقعة وطن ، تبتسمين لي في شجن ، تعبثين بالنجمات ، تقهقهين خلف جدران و تتوارين عن أعين الجميلات ،، لا تهابين الليل و ظلامه و بعض قبلات ، ذاك السلام بوطني كان ، و كنّـا أنـا و أنـت نحلق بذي المكان .. صار السلام يَـبْكينا يا حبيبتى ، صار السلام يشتهي قبلة نرسمها على جدار حروفه ، على عجل ، ثم نلوّن نقاطها بعشقنا ، على مهل ، فيسترق منا اللهفة و يهدينا صمته ، يهدينا سكونه و الأمان ، يرسم لنا بالأحلام بعض جنان ، و فردوسًا إسمه الوطن ، يرسم جدرانه عالية و ظلالا و نخوة و كبرياء تهدينا الفرحَ بلا ثـمـنْ ،
صار السلام ، حبيبتى ، بصوت مدفع ، و طلق بالسماء ، يبعثر ليلي ، يسرق من روحي الصفاء ، ينزل على جدران البيوت فيرديها خواء .. مشاعري و طفولتي تلطخت كما روحي بالدماء ، بحثت عنك ، بين ركام الأحاسيس ، بعثت عن ضحكاتنا ، عن وشوشاتـنـا ، عن قمر كان هناك يستبق خطواتنـا ،
دعوتك ، أن تلبّي النداء ، علّي أنسى وحدتي و بعض شقاء ! فأهداني السلامُ روحَـكِ و حُـلُـمًـا و ذكرى بعض قبلْ ، ... حضنتها لـففتها ، إلى حين !!!
هل أدركتِ لمَ عشقك لم يكن أبدا من الممنوعات ؟ فقد كان شعرك الأسود الطويل خارج التصنيفات ، كانَ الأرضُ و الهويّـة و السَّـكَـنْ !! فأنت الأرض و أنت الحبيبة و أنت الوطن هجره السلام ، فصار ذكرى تراقصها النجمات بالسماء ، كما راقصتنا الأحلام ، حبيبتى ، لمّـا كنّـا نحن لأرضنا الوطن ، أ يــا "سلاما" ، عبر من هنا ، تاه ، و ما عاد استقرْ ... !!
يا "سلاما" مرّ من ذي الأماكن ثم ماعاد عبرْ ...! يا "حروف السلام" تبعثرت بحنايا قلبي و على طرقات الوطن ! أشتاقك كما أشتاق إلى عينيك حبيبتى تهديني ألف سلام ، و شعاعا يوصلني لآخر مشوار ، عند حدود الحرية ، بذاك القفر .. صرت أشتهيك اليوم كما كنت أشتهي فيما مضى جسدك المعفّر بالنقاء ، صرت أشتهي حروفك ؛ أ ل س لا م تماما كما كنت أشتهي أصابعك حبيبتى ، و خصلات شعرك ، و سلام يحوينا حتى انبلاج الفجر ،، فــتعاليْ ! تعاليْ يا حروفَ مجدي و فرحي و حنيني ، تعالي و اقتربي ! إنزرعي بالعمق فيّ ! إنزرعي بحنايا روحي : انزرعي ؛ ألـفًــا #أ - فأحبك ، أعشقك ، ألثم ترابك انزرعي ؛ لامًــا #ل - هي لهونا ، لعبنا ، لقاءاتنا وقت السحر انزرعي كرقّة حرف الـسّـين ؛ #س - تذكرين سهراتنا ، سمرنا ، و سمفونية يعزفها القمر انزرعي فيّ بشدة حرف الــلّام؛ #لا - - لا أذكر كم بوليسًا كان يحرسنا ، ثم يمضي و يبتسم ،، - لا أذكر كم قبلةً رسمت على ثغرك في غفلة من "لاءاتٍ" و "ممنوعاتٍ" و "تحريماتٍ" و آخرها ممنوع أنا من السفر ، ممنوع أنا من تسلّق جسدك و كذا بعض الشوارع و المدن ،، -" لا " ... !!! هي صرخة يطلقها الطفل يلهو على مشارف الحزن ، و الفرح ، و المعاني البريئة ككل ،، -" لا " هي لمساتنا ، لفحاتنا ، لواعج تعبّئ القلب تسمع همساتها نجمات تحرسنا بوَجَــلْ ،، ثم انزرعي " ميمًــا " فــ .... #م - هي مواعيدنا بين شجيرات الزيتون عند كل ممرّ ، هي مرافقتي لنجمك يشع بقلبي و لا يأفل ، و هي مفردات أهديتنيها في غمرة العشق المشتعل ، و مواعظ مزّقناها على طرقات الوطن و استرقنا مرافئَ حضنَـتْـنـا فكنتِ و كنّـا و كان ذاك الوطن !! و كنت أنتِ لي حضنا بطعم الوطن ! و كنت أنا حبيبك و كل المعنى و الوطن !
سلام من روحي أُقرؤك حبيبتى ،
سلاما من روحي أهديك ، و سلاما بعبق روحك أنتظر تهدنيه فيهدأ قلبي و إليك أعيد عزف سمفونية القدرْ ، و أعيد رسم حكايانا بأناملك ، يا عشقي أنتِ ، يا سلاما من عينيك كان شعاعا ينبثقْ . ********************* بسمة الحاج يحيی / تونس