عدلت عقارب حلمي على الوقت الثمل في حانات الرتابة، يستفزني الليل بعطره المعتاد، أصابته تخمة السواد حتى تقيأ ديجوره على صفحات انتظاري، ركضت مطولا في شوارع الحلم أمتص علكة التمني، ثم ألوكها، ألوكها حتى تفتقد نكهتها، افتض بكارتهارصيد خيباتي المتضخم في بورصة العاطلين، ها أنا بلا عمل، بلا حلم، أحرق حروفي بسجائر القهر الوفي، لقيطة أحلامي، لفظتها مثابة رعاية أحلام الشباب، فقدت وعيها بين كراس المقاهي الملونة بأنفاس المسحوقين، زدني سيجارة على آهات، زدني دمع على اغتراب يا وطني، وأنت أيها المعطف الأسود، بلا كرامة!! ألم تضجر من مرافقتي، التقينا ذات حب، تأنقت بك، ارتجفت في حضرة عينيها الملونة بجنون الشباب، تمنيت أن أغرز سكين الفراق في خاصرة الوقت اللئيم، يتجسس على مواعيد العشاق، يتقن فتق البدايات، التقينا أيضا أمام مكتب التوظيف الغارق في حِزَم الرشاوي، حين انتظرت حتى تسرب إليّ اليأس من وجوه المرفوضين، طرقت الباب، ألقيت السلام، أجابني بنصف نظرة، لم يصغ لدواوين أحلامي، واغتصب فرحتي بضحكته البلهاء كفكره الهرم، بين سنوات الظلم، وأنت أيها العود، ثر، أرفض عزفي الموجع، نشّز شكواي، منذ التقينا ذات حلم مشروخ، وأنا أجلدك آه تلو آه، حتى مكتبي غرق بحلمي الذي سقط مغشيا عليه بالصد القهري، ميؤوس من تحقيقه في ظل وطن نتفوا أمنه، دولة، دولة، عيروني أصواتكم لأصرخ بكل يأسي، بكل خيبتي، يا وطنا تفنن في شنقي على مشنقة الاغتراب، وسقاني سم الفقر ألوانا، ارحم انتظار بائس تحت نوافذ الطغاة، استنفذ علبة صبره، وجلد بلا رحمة حروفه ودفاتره...
ناهد الغزالي/تونس