لا تبكِي يا أمي فَـأنا مازلتُ على قيدِ الحياة تدرِين يا غالية بِـحال إبنّك فضوليٌ كعادتِه، أخبرونّي عن طِيب الجنّة وبأنّ الله فيها يستجِيب ويحققُ الأمانِي من دون مُقابل، أنا لم أمُت يا أمي بل سأزوُر الجنة حقاً ليسَ لدي أدنى معلُومة متّى أعود لكن ما أدرِكهُ حقاً بأنّك لن تحتاجي لشيءٍ بعد اليوم سأطلُب من الله ثمن أدويتِك وأيضاً مبلغَ عمليتكِ الجراحية، سأطلُب أن يُحقق لكِ أمنيتكِ بزيارة بيتهِ الحرّام، لكن لا تبكِي لأنّي لن أكُون بخير إذا لم تكونِي أنتِ كذلك..أخبِري والدي بأنّ لا يرهِق نفسهُ بالعملِ كثيراً فأنا في طريقِ العودة، أخبريه بأني لم أعُد ذلك الفاشل الذي عهِده، بأني أصبحتُ لا أخافُ الموت الذي كان يدعو عليَّ به مُتحججاً بأني كائن بلا قيمة تفاعُلية في المجتمع وبأني فقط أملأُ جزءًا من هذا المنزلِ، حدثيه عن أشياء كثيرة غيرها الزمن بداخِلي وبأني كنتُ أتمنى لقياهُ لكنني لم أقدِر فَـالبونُ شاسع والتوقيتُ متباينٌ جداً بين السماءِ والأرض.. لا تبكِي أُختي أنتِ أيضاً لم أنسك، لم أنسَ طلباتِك وسأتوسل إلى الربِّ من أجل أن يحقِقها لكِ لن أجعلكِ تشعرين بالنقصِ أمام زميلاتِك لن تلبسّي هنداماً بالياً بعد اليوم ولن يكون بوطكِ ممزقاً يتسربُ منهُ الأذى أعِدك بأنكِ ستكملين تعليمك وسأرفعُ رأسي عالياً وأصرخ بأنك أختِي وقرةُ عينٍ لي..لكن عدِيني بأنكِ لن تبكِي..ضمّي إليك أخانا الأصغر وغنّي له بصوتك الدافىء وقولي لهُ بأني سأعودُ محملاً بحقيبةٍ كبيرة من الألعاب التي طلبها منّي، سأعودُ وسنتقاسمُ معاً الفراش ونتوسدُ ذات الوسادة، وسأسردُ عليهِ مغامراتٍ كنتُ قد قمتُ بها حبيبتي أنتِ أيضاً تبكين لماذا؟ أخبرتُكم بأنّي عائد ما بالُكم لا تصبِرُون..إني لا أتالم ولستُ جائعاً أو متعباً حتّى، أشعرُ بأني قريبٌ جداً من الله، متحمسٌ لأخبرهُ بكلِ شيء، يتملكُني شعورٌ غريب لكنّه صادق أشعرُ بأن كل شيءٍ سيتغير للأفضلِ عما قريب..أُمي إن سألوكِ عني يوماً فرددي بفخر "يا شهيدَ الوطن يا مثالَ الوفاء" لكن لا تبكِي
رُوفيدا محمد