سَأَكُفُّ عَن مُطَارَدَةِ الوَقتِ
فَقَد أَنهَكتُ الزَّمَانَ
مِنَ الهُرُوبِ مِنِّي
وَأَتعَبتُ اللَيَالِي
مِنَ التَّخفِّيَ عَنِ النّومِ
النَّهَارُ اِحتَرَقَت رُمُوشَهُ
وَهُو يُحَدِّقُ بِصَرخَتِي
الفُصُولُ انكَمَشَت عَلَيهَا الأَرضُ
والجِّهَاتُ تَكَوَّمَت تَحتَ غُربَتِي
البَحرُ خانَ مَاءَهُ
المَوجُ رَمَّدَ رَذَاذَهُ
الشّطآنُ اغتَالَت رِمَالِهَا
وَسَمَكُ القِرشِ يَنهُشُ ضُحكَتِي
كُلُّ الأَسمَاءِ تَدَاعَت مَعَانِيهَا
والقَصِيدَةُ أَوقَعَتنِي فِي شِبَاكِ الصَّمتِ
صَارَت لُغَتِي وَبَالاً عَلَى لِسَانِي
تَتَرَصَّدُنِي الأَحرُفُ
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِن زَوَايَا حَنِينِي
السّمَاءُ صَحنٌ مِنَ البَلَّورِ
تَهَشَّمَ فَوقَ شَهقَتِي
وَالغَيمُ يُهَاجِمُ ضَيَاعِي
وَالمَوتُ
هَذَا المَخلُوقُ الأَسوَدُ
يُبَاعُ وَيُشرَى فِي بِلَادِي
الَّتِي صُلِبَت أَسوَارُهَا
عَلَى أَعمِدَةِ الخَرَابِ
-----------------------
مصطفى الحاج حسين . إسطنبول