بنت من سورية - عبد الفتاح نفاتي
--------------------------------
كنت عارية و ملبسي في الثلج
خلخال من قش الجولان
بالمدرسة ينادونني أميرة البندر
و بالبيت حين أفتح صدري
لقافلة الحلم
أرى شبحا يخطف دماي
بيتنا الريفي في شريان الوطن
لا علامات توقيف بوليسيه
لأستدل بالطريق
و لا دوريات الجيش لتخيفني
حين أقرر السفر ليلا
إلى حديقة البنفسج
و لا الشتاء يمكن أن يستبدل عنقود عنبي
ببارجة تحاصر الغمام
إسمي في الدفتر لا يهم
إسمي السلام
و لقبي في خانة القلب
بنت من ربوع سورية
تعمر أكثر من عصافير الكناري
و توقد الشمع لعريسها المستقبلي
كان أبواي خادمين عند الرب
يؤمنان بتفاصيل القيامة
و يصليان خمس مرات
و يسبحان
و يلهوان في أوقات الفراغ
بظفائر أختنا الصغرى
قلت يا أبتي هل نلبس اليوم
لباسنا الأسود
ضحك الشامي العتيق
مثل إبريق الشاي
الأسود يا بنيتي لا يليق
بوطني
أراهنك أن الله يعرف
مستقبل الألوان
و لم أزل أتذكر في مطلع كل رثاء
كيف حجبت السماء
عن بيتنا زقزقات الصباح
الآن أراهنك و أقول فوق صدرك
عمت سلاما و عمنا حربا
و جرحا
ينزف جرحا
في بيتنا الدامع
خلف ستارة البندقية
شامة على كتفي
مازالت تذكرني بصلوات الجنائز
و بسلال التفاح و البذنجان
من الجنوب جئت كما تركتني
يا أبتي حافية
ضيعت الخلخال
في عتمة الحدود
و قصف الدم للدم
و مع ذلك أنا كما عهدتني
يا دمشقي
إبنتك الضالة منذ أول سؤال
عن الملبس
لي حافظة أوراق مزيفه
كتبتها خشية مؤامرات الحواجز
و نمقت إسمي بالبكاء
و ختمت على جنسيتي
و غيرت جنسي و ديانتي
و قياس خصري
و لون بشرتي
و تعدادي في قوائم الأحياء
لكي أنجو بفعلتي
عمرت طويلا كما نصحتني
لكنني من يومها ما عدت
أمتهن سوى المنفى
و لا أعترف بالمستقبل الإستشرافي
فقط موسومة من الآن
إلى اللأبد
موسومة بالخزي و الشقاء.