مَطَرُ الخِيَانَةِ ... - مصطفى الحاج حسين
--------------------------------------
كَانَ المَاءُ يَصرخُ
مِلءَ جَنَاحَيهِ
أَغِيثُونِي بِجُرعَةِ نَارٍ
لِتَنطَفئَ دُرُوبِي
أنَا طَائِرُ القَحلِ
أحَلِّقُ فَوقَ البُكَاءِ
أنتَشِلُ السّحَابَ المُتَفَحِّمَ
مِن حُنجَرَتي الحَجَرِ
أَخمِشُ وَجهَ الزَّمهَرِيرِ
وَأَحتَالُ عَلَى صَحَارَى اللَيلِ
لِأَسكُبَ فِي القَصِيدَةِ
ظِلَالَ الجِّهَاتِ التَّائِهَةِ
فِي الأُفقِ جَنَازَاتُ المَطَرِ
فِي الأَرضِ أَورِدَةُ الشِّتَاءِ
وَفِي فَضَاءِ المَسَافَاتِ
تَتَجَمَّعُ أَسرابُ التَّكَهُنَاتِ
قَلبٌ يَبحَثُ عَن شُبَّاكِ الحَبِيبَةِ
أصَابِعٌ تَزحَفُ فَوقَ
رَمَادِ الشَّوقِ
شِفَاهٌ تَهفُو لِعُنقِ الهَمَسَاتِ
وَرُوحٌ تُفتِّشُ عَن ثِيَابِهَا
وَعِواءُ الضَّغِينَةِ يَنبَحُ
عَلَى تَمَرُّدِ العَطَشِ
هَذَا السَّرابُ بِلَا أَبوَابٍ
يَنكَشِفُ عَلَى لُهَاثِ الأََحصِنَةِ
وَالجُّرحُ يَصهَلُ بِنَزِيفِهِ
تَتَطَايَرُ أَغبِرَةُ الوَجَعِ
تَسِدُّ دُرُوبَ الضّائِعِينَ
فِي قِفَارِ الهَزِيمَةِ الحَمرَاءَ
وَطَنٌ تَدَاعَت شُمُوسهُ
أَشجَارٌ فَرَّت مِن جُذُورِهَا
أَغصَانٌ تَكَسَّرَت فِتنَتُهَا
وَثِمَارٌ وَقَعَت فِي كَفِّ
العَفَنِ
مَن يُنقِذُ مَالَا يُنقَذَ ؟!
وَمَا لَم يَتَبَقَّى ؟!
مَن يَحمِي بَيَاضَ اليَاسَمِينِ
مِن سَوَادِ الرُّوحِ العَميَاءِ ؟!
دَمٌ يَهطِلُ
مِن أَجفَانِ بَسمَتِنَا
خَرَابٌ يَتَزَاحَمُ في رِئَاتِنَا
قُبُورٌ تَحفُرُ فِي اتِّسَاعِ دَهشَتِنَا
وَمَوتٌ صَفِيقُ النَّظَرَاتِ
يَسرُقُ مِنَّا حِبرَ الحَياةِ
إنَّها ثُورَتُنَا اليَتِيمَةُ
الّتِي أَمطَرَتنَا بِالخِيَانَاتِ
-----------------------------
مصطفى الحاج حسين . إسطنبول