لَو كُنتُ عندَكِ ...- مصطفى الحاج حسين
---------------------------------------
آهٍ لو كنتُ عندَكِ الآنَ
آهٍ لو كانَ وجهُكِ أقربَ
ويدايّ كانتا ضمنَ روحِكِ
لاحتضنتُ فيكِ نبضَ الأبدِ
يا مهجةَ التَّكوين أنتِ
ياوردةَ اللهِ نبتَت على عرشِهِ
تختالُ في جنَّاتِهِ كقصيدةٍ
ملكةٌ على الحورِ البيضِ
تسعى إليكِ الملائكةُ مِن كلِّ صوبٍ
لِتَستَرِقَّ النَّظرَ إلى عينيكِ
تنوئينَ بالنّورِ المقدّسِ
لا شيءَ يشبهُكِ إلّا ظلّكِ
تجري من تحتِ قدميكِ الأنهارُ
ويتظلّلُ المدى بفيءِ عطرِكِ
يا واحةَ الأناهيدِ والتبتّلِ
ياشمسَ ذي الجلالةِ والسّديمِ
ياحبّيَ الأوحد
على مدارجِ الشّفقِ
إنّي أحبّكِ
أكثرَ ممّا كانَ عليهِ الحبُّ
يتعلّمُ الحبُّ منّي الحبَّ
وكيفَ يكونُ حالُ العاشقِ
أشهدُ أن لا هوى في الهوى
سوى هواكِ
يا نسغَ الزّمانِ الطّاعِنِ في الجّمالِ
ولحاءَ الأزلِ الغارقِ بالنّدى
على أذيالِ فتنتِكِ يصلّي الأمدُ
حوريّةُ النّجومِ أنتِ
سماءُ التائهينَ في البراري
وملاذُ البهاءِ والحيرةِ
جبالُ الاشتياقِ الوارفِ بالحنينِ
تنحني لكِ هامةُ الغمامِ
يرفعُ الوجدُ لكِ قبعتَهُ ابتهالاً
للسّوسنِ المطلِّ من سفوحِكِ
يامدماكَ التّاريخِ السّحيقِ
سأقبِّلُ جبهةَ قلعتِكِ
السّامقةَ بالافتخارِ والضّوءِ
لو كنتُ عندَكِ
يا حلب *
مصطفى الحاج حسين . إسطنبول