متسـولة - محمد القصبي
------------------------
كانت من أجمل النساء اللائي وهبن حسنا أخاذا يبهر الجميع :زمن أوائل الشباب المثخن بإغراءاته المطلقة ...آية افتتان لا تقاوم جاذبيتها في الأنوثة المتسقة و تعبيرات الجسد الذي يتحرك غنجا في ردهات الماخور بين سائر بائعات الهوى اللائي يؤثتن المكان ... سلطانة العشق الممنوع تتربع عرش الهوى و هي المنحدرة من إحدى قرى الهامش التي تقتات على بيع أثداء بناتها لتوقيع محاولة عيش في صفحة الأيام الغادرة للأصول و الهوية الإسلامية التليدة... كم كان جسدها غاليا باهض الثمن في سوق البغايا الراقيات مظهرا و ثقافة جنسية واعية ... و لطالما كان يحجز لاسم يقوم بتدبير نفقاته اليومية ببذخ تام.. مما يجعلها سلعة موقوفة على جانبه الشخصي.... و في الضفة الأخرى من شلال الصدفة المنحدر من أعالي فرعيته الجبلية..كان كأي معلم زمن الانفتاح و الإغراء اليسار الثقافي يداوم ارتياد الحانات المجاورة أماسي السبت ..و شاءت الصدفة في إحدى عطله القصيرة أن تجالسه أميرة البغاء في طاولته التي احتجزها في انتظار شلة الشيطان التي يتدفق أفرادها كيأجوج و مأجوج من مختلف أمصار الفرعيات التي تنتثر في ضواحي المدينة ... تحدثت إليه عن غدر الرجال و هي الأفعى السامة التي تغتال أذكاهم برفة رمش منها ...لم يكن يملك هذا المعلم في الجيب جيبه الا ما يكفي تدبير مؤونة الشهر من راتبه الشهري كقسط اشتراك واجب الدفع مقابل الغذاء و الكراء ...ترى ما السبيل لاقتناء ليلة حمراء و إياها... و بدأت ساعتها تتراقص أمام عينيه وكالات ايكدوم و كريدور لجدولة الدين و الاستمتاع بالباقي .... فقيرا معدما كأي موظف بسيط يقاسمه متاعب الضمير المهني اليقظ تراه معتزا بأنفته و كبريائه هذا مع ما كان يتفرد به من راسمال لغوي ناضج ...الشيء الذي بهرها و جعلها تستطيب نفسا إليه فأخذت تنقد مشروباته الكحولية إلى أن قاما و توجها معا إلى بيته التي استنكفته أول الآمر .... عشقته لحديثه و إياها في كل الجروح التي تجد من انسه لها بلسما شافيا لما لم يندمل بعد منها... الأيام دول من سره زمن ساءته أزمان ... افترقا نتيجة حركة انتقالية رسمية ..فتخندق النسيان في هوة الماضي السحيقة بينهما إلا من ذكريات نائمة قد تبعثها أحداث الحاضر المتشابهة ... شاب و شاخ على رفق الله به بالتوبة النصوح كأن عوض الله طيشه باستقامة على المنهج السليم في الدين و التدين... وذات صلاة و هو خارج من المسجد التقى بها جالسة تتسول المصلين بعد أن ضاع جمالها إلا من حروف لا زال يتذكرها ... بين الحانة و المسجد نفسها الصدفة ذات الإحساس العنيف الذي ثار حنينا و رأفة... و مشاعر أخرى لم تدرك في حينها ....
----------------------- محمد القصبي 20/11/2017 القنيطرة
المغرب الاقصى