وحش إيل - خيرة الساكت
------------------------
صوت قرع قوي على باب عجوز تعيش صحبة ابنتها الشابة يقطع ظلمة ليلة شتاء حالكة السواد.. فتحت العجوز الباب نصف فتحة مستغربة : - " من الطارق ؟ " - " نحن جنود الرب إيل ..لقد وقع الإختيار على ابنتك لتقديمها قربانا لوحش البحيرة... قومي بتحضيرها... " صرخت العجوز من هول الصدمة ..ضاع صراخها وسط رياح عاتية تضرب أكواخ القرية...
***********
مع طلوع الشمس أيقنت العجوز أنه يوم تنفيذ أمر الإله إيل.. دلت ابنتها على مخبأ و راحت تذيع بين جيرانها خبر الهروب و كلها أمل بأن تنجو ابنتها من موت محقق...
استقبل أهل القرية خبر هروب القربان بإستغراب فلم يسبق لفتاة اختيرت لمهمة مقدسة أن هربت ..قالوا بحنق " اللعينة كيف ترفض أن تنقذنا !! يكفيها شرفا أنها ستموت من أجل خلاصنا جميعا.. أترضى أن يدمر وحش البحيرة قريتنا بأكملها !! "
قدم جنود الرب و قد زاد وقع أقدامهم المدوي من فزع أهل القرية الذين أربكم خبر هروب القربان ، ركل أحدهم باب الكوخ ، وقفت العجوز أمامهم تنتحب باكية " لقد عرفت الفتاة بأمر الإله إيل و هربت في غفلة مني " - " إذا سنلقيك في البحيرة بدلا عنها!! "
جذب الجنود العجوز بقوة دون أدنى اعتبار لسنها و دفعوها في مسلك فلاحي نحو البحيرة..
********
بكى الأهالي مصير العجوز المسكينة و مصيرهم المجهول . سيغضب وحش البحيرة و يدمر قريتهم و لن يظل منها سوى الخراب .
قيد جنود إيل العجوز ..زاد بكاء أهل القرية حدة.. صرخت العجوز بأعلى صوتها : - " إيل كاذب.. لا وجود لوحش.. كل ما أصاب القرية من رياح عاتية و أعاصير و خراب مرده السماء ..إيل ليس إلاها إنه بشر مثلنا ..بشر خبيث..!! "
تمتم بعضهم " المسكينة ، إنها تهذي من هول ما ينتظرها... " صفع الجنود العجوز و جروها من شعرها لإسكاتها...
من بين الأشجار الكثيفة برزت الشابة تكلمت بكل ثقة : - " اتركوها و شأنها ، أنا صاحبة المهمة المقدسة وسوف أقوم بها " - " لا ابنتي ، لا تكوني ضحية لكذبهم و خرافاتهم.. هيا ابتعدي من هنا.. " - " إنه قدري يا أمي و أنا راضية به ، سأفتديكم بروحي "
فك الجنود وثاق العجوز و ساقوا الفتاة أمامهم إلى المعبد للقيام بالطقوس النهائية ثم إلقائها في البحيرة ليلا..
جرت الأم وراءهم مرددة " ابنتي ابنتي لا تفعلي ذلك اهربي منهم.. " وقعت على الأرض و تلطخت ثيابها بالوحل بينما غادر أهل القرية المكان لمزاولة أعمالهم..
***********
ألحق إيل الفتاة بجواريه في القصر كعادته.. ثم أقام حفلا بمناسبة تقديم القربان لوحش البحيرة و نيل رضاه مشبعا بذلك نهمه.
فرح الأهالي لضمان سلامتهم وأمنهم و ذهبوا للإحتفال في حديقة القصر...
يطغى على الحضور الفرح و الحبور..وقف إيل في شرفة القصر متأملا رعيته المطيعة..
سجد الجميع لبهاء طلعته ووقاره و هتفوا :
" يحيا الإله إيل ، لا إلاه إلا إيل "