عذاب الحب - بن عمارة مصطفى خالد
-------------------------------- بهنانة،هركلة،مصقولة عوارضها،بهية الطرف،بالغة الظرف،كحيلة الجدائل لا تزال مليحة الهيئة و هي في الثلاثين من عمرها،تحمل على رأسها طاقية الشرف أينما حلت و ارتحلت،أكملت تعليمها و لم تصادف الإعجاب الجاد الذي صبت إليه و لربما كان لملاحتها سبب في ذلك،فلم يكن يجرؤ شخص الإقتراب منها و محادثتها إلا للدراسة أو للسؤال عن شيء ليس له علاقة بخبايا الصدر و أحاسيس الفؤاد،و ها هي العنوسة اليوم تطرق بابها بعد أن طفق ماء الجمال يجف شيئا فشيئا،و زهرة الشباب تذبل في مهل،اشتغلت كمعيدة بالجامعة،فتعرفت على زميل لها و هو شاب وسيم خلوق،أعجبت به أشد الإعجاب،و أعجب هو بها على نفس النحو،سقطا في شباك الحب و صفدتهما حبائل الهيام و لم تكن تعلم حينها بأنه متزوج و لديه أسرة،فإذا بحلاوة الحب مرارة كمرارة الحنظل و السعادة هم و عذاب،لا من يخلصها منه،و لا من يفك قيدها،كان في كل مرة يعدها بالزواج و لم يستطع إلى ذلك سبيلا،يغادرها و كفه مليئا بالأماني و حين يعود يرجع به إليها صفرا منها،كان يضايقها الزمن و هو يمضي ويرعبها الشباب و هو يخبو و كان هو يتماطل جزعا لا يجسر من مصارحة زوجه لكيلا لا يبني بيتا على حطام آخر،و لا تزال الحال على ما هي عليه بين إنجاب الأحلام و وأدها حتى تقدم إليها خاطب مناسب أعجب أهلها،فإذا بها تتخبط كالمذبوح،لا تعلم أي سبيل تسلك بين السبيلين،فلم يتركوا لها خيارا غير القبول بالعريس الجديد بما أن الحبيب لا يمكنه أن يحل و لا يربط في علاقتهما و ستنساه بعشرة زوجها و بإنجاب الأولاد،تزوجت بعد شهر،و لم تنس بل زاد الشوق في اضطرام الحب الذي ضمرته في خافقها ذات يوم،فندمت أشد الندم على زواج أشبه بالسجن المؤبد حكمت به على نفسها،بالرغم من أن بعلها كان يقدم لها كل الود و العطف و الحنان،و صارت تنظر إلى الذي أحبته يوما من بعيد و قلبها يريد الارتماء في حضن وليفه،و لكن ليت شعري أن يحدث هذا الأمر،و قد أخذ كل منهما دربا غير درب صاحبه،فإذا بها تعيش عيشة الحي الميت إلى أن تجذبها مخالب الثرى
--------------------------------. الشرح: بهنانة:الخفيفة المرحة في هدوء و لين. هركلة:إمرأة حسنة جسم و خلق و مشية. مصقولة:منحوتة عوارضها:أطرافها الطرف:العين بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد. تيارت/الجزائر