المصير ...- مصطفى الحاج حسين
---------------------------------
على رقعةِ الغبارِ
سيكتبُ التّاريخُ حكايتنا
ويحفظها في فمِ اللهبِ
سيذكرُ تفاصيلَ مأساتنا
مزوّدةً بالحقائقِ الدَّامغةِ
على أنَّ قتلنا كانَ
مجرَّدَ اختبارٍ للعربِ
كم فيهم من طاقةٍ
على اللامبالاةِ
والتّفرجِ على ذبحنا
وتهجيرنا من صحنِ دارنا
دونَ أن يرفّ لهم جفن ؟!
هم أوّلُ من أغلقَ الحدودَ
في وجهِ دمعتنا !
هم آخرُ من استنكروا
وراودتهم فكرةُ عقدِ
اجتماعٍ طارئٍ !
قالوا :
أنَّ طقسَ بلادهم
لا يناسبَ ما اعتادت عليهِ أجسادنا
من طقسٍ معتدلٍ
صحراؤهم ستكون شديدةً علينا !
طعامهم قد لا تستسيغهُ معداتنا الخاوية
وقد نخطئُ في معرفةِ قيمةِ نقودِهم
أمامَ الدّولار .. واليورو
وَمِنَ المحتملِ أن نقعَ في الإرباكِ
مابينَ أن نهمسَ بذلٍ كلمةَ سيّدي
بدلَ أن نهتفَ بفرحةٍِ - مولايَ -
وهنا تكونُ الطّامةُ الكبرى
ولهذا ..
ولأجلِ أن ننعمَ بالرّاحةِ الأبديةِ
حرّضوا علينا الموتَ
من كلِّ الجّهاتِ
وكانَ الموتُ مطواعاً لرغباتِهم
تفنَّنَ وأبدعَ وتألَّقَ
في طريقةِ حصادِنا
على عَجَلةٍ نموتُ
من غيرِ أيّةِ محاولةٍ للتصدّي
نموتُ ودمنا يبتسمُ
أمامَ عدسةِ التّصويرِ
للذكرى الخالدة
وفي مجلسِ الأمنِ المراوغِ
تُتلى أسماء القتلى بتأثّرٍ واضحٍ
لمنحِها بطاقة اشتراكٍ
للإقامةِ في مقابرٍ جماعيّةٍ
في هذهِ المرّة لا أحدَ يستخدمَ
حقّ الفيتو اللعين
كلّ الأممُ المتحضّرةِ
منحتنا حقّ الموتِ المباغتِ والجّماعي
وعلى كلِّ مهاجرٍ مشرّدٍ
أن يلحقَ بركابِ القتلى
إنقاذاً لكرامتهِ وسمعةِ بلدهِ
من دونِ اعتراضٍ أو تذمّرٍ
هذا قرارٌ دولي .. أتّخذَ بالإجماعِ
على كلّ مواطنٍ سوريّ بريءٍ
أن يموتَ وبأسرعِ ممّا ينبغي
حتّى تنعمَ إسرائيل بالطمأنينة
ويمضي عرسانهم إجازاتهم
لشهر العسلِ البهيجِ
في مرتفعاتِ الجّولانِ المغتصب
بهدوءٍ وسرورٍ
قالوا :
السّوريّ عاشَ أكثرَ مما يجب
ألم يكن أوّل من اخترعَ الأبجديّة ؟
فمنَ الحكمةِ أن يزولَ
هذا الكائن القديم
ليتيح الفرصةَ لوجودِ الآخرينَ
وفي هذا
ترشيدٌ للتفجّرِ السّكاني .
------------------------- مصطفى الحاج حسين . إسطنبول