نداء لملحمةِ الصمت ... - أبو علي الحلفي
---------------------------------------
مهداة إلىٰ معلقةِ الحارثِ بن حلَّزةَ اليشكري :
لا تأذُنيهِ بطولِ البينِ أسماءُ
فالداءُ دائي ... وهجرُ المرتجىٰ داءُ ...
لا تأذنيهِ ... فما بعد الرحيلِ روئً
كلا ... ولا بعدَ طول البعدِ تلقاءُ ...
لا تنشديني ... فما عادت معلقتي
تهوىٰ ( عُكاظَ ) ولا تهواها ( لمياءُ ) ...
لكنما عهدُ عمْرٍ قد مضىٰ هدراً
والباقياتُ تضاريسٌ وأشلاءُ ...
يا أيُّهٰذي التي مازلتُ أذكُرُها
برقاً ورعداً ... وغيمُ العشقِ أصداءُ
يانقطةَ الباءِ من حبٍّ مضىٰ جدلاً
واسْتعمرتْهُ السُّكارى ... فهوَ ضوضاءُ ...
يا ألفَ ليلىٰ إذا مارُحْتُ أُوصِفُها
بل ألفَ ألْفَ ... وما في الوصفِ غلواءُ ...
لا تقتليني بصمتٍ فالشقيُّ قضىٰ
وليس غَيْرَ سؤالٍ منكِ إحياءُ ...
لا تقتليني فبعضُ الصمتِ ذو ظمأٍ
عند اللقاءِ ... وبعض النطقِ إرواءُ ...
إني علىٰ العهدِ يامَنْ فيكِ قافيتي
قد عَرْبَدَتْ برؤاها ... فهيَ غوغاءُ ...
تسري إلىٰ الشامِ لاتلوي علىٰ أحدٍ
مِثْلَ الفراتِ ولكنْ عكسُهُ الماءُ ...
وحْيٌ مسيرتُها ... كالعطرِ سيرتُها
ضاءتْ أميرتُها ... فالشعرُ لِأْلاءُ ...
جيلٌ إذا نهضتْ كالوحي إنْ نزلتْ
غيْبٌ إذا عرجتْ ... شهباءُ ... عصماءُ ...
من أَلْفِ أَلْفِ وجودٍ جيئَ من عدمٍ
شاءتْ قيامتُهَا الكبرىٰ ... ولا شاؤوا ...
يا مبتدا قصةٍ سارتْ بلا خبرٍ
قد مزَّقتْها رواياتٌ وأنباءُ ...
هِزِّيْ نخيلي وَإِنْ كانتْ بلا رُطَبٍ
فالطفلُ عيسىٰ ... وكفُّ اللهِ مِعطاءُ ...
هزِّي الليالي ... فلا طيفٌ يؤرِّقُني
ولا كوابيسُها السوداءُ سوداءُ ...
هُزّي العراقَ ... فما ماءُ الفراتِ غدا
يهوىٰ الظماءَ ... ولا تهواهُ ظمياءُ ...
أو قطِّعيني بسكينِ الهوىٰ إرباً
فالروحُ وحْيٌ ... وهذا الطينُ إيحاءُ ...
أبو علي الحلفي ( ملاحم الشعراء ... )