قراءة في قصيدة مفاتيح الضوء - عادل نايف البعيني
-------------------------------------------------
ناقد وقصيدة .. من ديوان ( أجنحة الجّمر ). الذي سيصدر قريباً .. الناقد والشاعر والأديب الأستاذ ( عادل نايف البعيني ) ، القصيدة ( مفاتيح الضّوء ) للشاعر ( مصطفى الحاج حسين ) . -------------------------------------------------------
مفاتيح الضّوء ...
شعر : مصطفى الحاج حسين .
تتساقط منّي خطواتي
لتلتهمها الدّروب
وأراني أبتعد عن أنفاسي
يستظلُّ بي لهب البكاء
يشرب من تعرّقي جرحُ السّراب
أمشي في عتمةِ أوجاعي
يسابقني التّعثّر
يصطدمُ بي الوراء
ويحملني سقوطي
على أكتافِ الخيبة الزّرقاء
أقعوا في سردابِ غصّتي
متمسّكاً بجذوة الاختناق
يا أيّها الرّاحل عنّي
ياحلمي النّازف موتاً
مهلاً
خذ ظلّي عكّازاً
تسنّد على انكساري
وعرّج على تنهيدةِ الماء
دع النّسمة تقشّرُ يباسي
واترك للغيمةِ أن تسلبني
من جوفِ الجمر
زوّد أجنحتي بالأفق
والتقط من قلبي
مفاتيح الضّوء
سأعبرُ المسافةَ المخثّرة
مابينَ موتي وأحرفي اللائبة
على فتيلِ الكلام
أشيّدُ وطناً من صقيعِ الاغتراب
أسوّره بالمدى الصّاهل
حدودهُ امتشاق النّدى
بحرهُ موسيقى الحنين
سكّانهُ
يمشّطون جدائل السّلام
كلّما تثائبَ الغمام *
مصطفى الحاج حسين . إسطنبول -------------------------------------------------------
قراءة في قصيدة " مفاتيح الضوء" للشاعر مصطفى الحاج حسين.
بقلم الناقد والأديب : عادل نايف البعيني
ليس من اليسير أن يتصفح أحدنا قصيدة لشاعر منجز كالشاعر مصطفى الحاج حسين من غير أن يغوص في أعماقها، يبحث بين فَكّي صدفاتها عن الدر الثمين الكامن في تضاعيف الكلام... فنحن بهذا النص أمام شاعر عانى قساوة النفي، وعاش مرارة البعد عن الوطن والمدينة والحي والبيت ، وتحمّل تعب الانتظار للمجهول الذي يتمناه جميلا ... فتراه في هذا النص مشحونا بالهم، ويملأه الحزن, فها هو لكثرة المسير تلتهم الدروب خطواته المتساقطة منه، فيبتعد عن أنفاسه اللاهثة، ويستظل به جمر البكاء واللوعة ... ليمشي في عتمة أوجاعه..
تتساقط منّي خطواتي
لتلتهمها الدّروب
وأراني أبتعد عن أنفاسي
يستظلُّ بي لهب البكاء
يشرب من تعرّقي جرحُ السّراب
أمشي في عتمةِ أوجاعي
.... لكن هل يَسْلَمُ .. لا بل يتعثّر يتراجع فيحمله سقوطه على أكتاف الخيبة الزرقاء، ليجلس في سرداب الغصة التي تتمسك به حد الاختناق....
يسابقني التّعثّر
يصطدمُ بي الوراء
ويحملني سقوطي
على أكتافِ الخيبة الزّرقاء
أجلس في سردابِ غصّتي
متمسّكاً بجذوة الاختناق .... يستمر الألم والأنين فالحالة لا زالت والحلم لا يفتأ ينزف فيتمنى لو النسمة تداعبه، فتقشّر يباسه ، ويرجو لو الغيمة تأخذه من جوف الجمر .. فأي حالة أليمة يحياها الشاعر مع هذا التشرّد والوجع للوطن وعلى الوطن .. فيطلبُ من الحلم أن يزوّد أجنحته بالأفق ويلتقط من قلبه "مفاتيح الضوء"... ويبقى الأمل أن يصمدليشيّد وطنا يستريح إليه في الاغتراب ...
وطنا مسوّرا بالمدى الصاهل ، ولكنه يتمنى أن تكون حدوده امتشاق الندى، وبحره موسيقى حنين لأهل يمشطون جدائل السلام .
ياحلميَ النّازف موتاً
مهلاً
دع النّسمة تقشّرُ يباسي
واترك للغيمةِ أن تسلبني
من جوفِ الجمر زوّد أجنحتي بالأفق
والتقط من قلبي مفاتيح الضّوء
فالشاعر كما يبدو حاول بهذه القصيدة أن يرسم مسار حياة فُرِضَتْ عليه، ليعيش خارج الوطن مغتربا منفيا مهجّرا، فقدم لنا قصيدة ممتعة جدا، بأسلوب جذاب وسلس متين، معتمدا على رشاقته اللغوية ومقدرته الفنية على ابتكار الصور البيانية المبهرة(تتساقط خطواتي – جرح السراب – عتمة أوجاعي – خذ ظلي عكازا –تقشّر يباسي – صقيع الإغتراب - جدائل السلام) ..
فاستطاع الكاتب أن يقدم لنا صورة وصفية.عميقة الدلالة لما يعاني من أزمات نفسية جراء ما يحدث..
فكل الشكر للشاعر مصطفى الحاج حسين على ما قدم من إبداعات في مجال الشعروالقصة القصيرة .
-------------------------------
عادل نايف البعيني