الكنز و جنون الأموال - ساعد بنعيسى الباتني
------------------------------------------ نحن نعلم أن الأموال هي سيدة الأرزاق كلها ، و أنها ضرورية للتشغيل و الإنتاج و الانفاق . و نعلم كذلك أن كنزها يؤدي إلى تقليص عدد العمال و تخفيض الأجور و اتساع دائرة البطالة و هذه تؤدي بدورها إلى تقليص الأعمال و قلة الإنجازات و انخفاض الإنتاج و ارتفاع الأسعار و تدني القدرة الشرائية . و نعلم كذلك أن كنز الأموال و تسريح العمال و اتساع دائرة البطالة تؤدي إلى الفقر و سد سبل الكسب الحلال أمام العباد الشيء الذي يدفعهم إلى الارتزاق عن طريق سلوك سبل الحرام الشيء الذي يؤدي إلى السرقة و الحِرابة و قطع الطرق و ممارسة الجريمة و القتل والانحراف على الأخلاق المستقيمة و بيع الشرف و انتهاك الأعراض ناهيك عن الكذب و السفسطة و الارتشاء و المحسوبية و أكل أموال و أرزاق الناس بالباطل . وهكذا يخلق الأغنياء بكنزهم للأموال أعداءهم بأنفسهم و يدعون أن الفقراء لا يحسنون تربية أبنائهم ، و هكذا يصبح الأغنياء مضطرين للدفاع عن أنفسهم و المحافظة على أموالهم على الخصوص ، و يصبحون مجبرين بدورهم على سلوك السبل المباحة و سبل الضلال إن اقتضت الضرورة ذلك للمحافظة على الذات من الهلاك و على أموالهم من الضياع . و هكذا يدخل الناس جميعهم أفرادا و جماعات في جنون الأموال و يدخلون في الفتن و الإرهاب و في الحروب التي لا تبقي و لا تذر . و ما يقال عن المجتمعات الصغيرة هو عين ما يقال عن المجتمع العالمي ، و إن جنون الأموال لا يسمح للناس بأن يفكروا بعقولهم و لكن يدعوهم دائما إلى التفكير ببطونهم و شهواتهم و أهوائهم و في سلوك سبل الضلال التي ستخلصهم مما أوقعهم فيه كنز الأموال. إن الحب الطبيعي للأموال و لجميع شهوات الحياة هي التي تتسبب في جنون العباد ، و إن الكلمات و العبارات و المقالات الموجزة و المطنبة و تأليف الروايات و القصص الطويلة لعاجزة عن تشخيص المرض و علاج الداء . إن الأموال قد خلقها الله لتكون وسيلة لتشغيل الجميع وفقا للسبل الشرعية ، و خلقها لننتج بواسطتها الأرزاق و متطلبات الحياة المباحة للجميع دون تمييز و دون إقصاء ، و خلقها لنوزع بها هي نفسها ما أنتجناه على جميع العمال و على العجزة و الفقراء قال تبارك و تعالى : ( و في أموالهم حق للسائل و المحروم) الذاريات (19) . إن الأموال لم يخلقها الله للكنز و التسبب في الفقر و العوز و نشر البطالة و الحاجة التي تضطر فريقا من العباد إلى الانحراف و الاجرام و تدفع فريقا آخر إلى الدفاع عن الأنفس و الأموال و ارتكاب الجرائم في حق العباد . الشيء الذي يؤدي إلى دخول الجميع في نيران الفتن و الحروب التي وصفها الله بنار جهنم . إن الناس إذا أرادوا فعلا أن يكونوا عقلاء ، فعليهم بالتفكير السديد و عليهم بفهم مقاصد القرآن الكريم و كلام العزيز الرحيم الذي أنزل ليخلص الناس من الجهل و يشفيهم من الجنون و يخرجهم من الظلمات إلى النور . إن الله تبارك و تعالى قد أنزل القرآن رحمة بالعباد و شفاء للقلوب التي في الصدور . أما المتعصبون لحقوق الملكية الحرة للأموال فأولئك من المشجعين على طغيان العباد و انحرافهم عن الصراط المستقيم ، و إن الطغيان يهدي الناس إلى الضلال و إن الضلال يخرج العباد من النور إلى الظلام . و إذا كان كل ما سبق سببه كنز معدني الفضة و الذهب الذين خلقهما الله فما بالك بكنز النقود الوضعية التي هي من خلق الإنسان و ما بالك بفرض أصحابها للعقوبات الاقتصادية على الدول و الأفراد و حرمان الفقراء على الخصوص من العمل و الإنتاج و حرمانهم من الحصول على أقواتهم اليومية . إن خروج الناس من ضلالهم و من جمر و جحيم الارهاب و من الفتن و الحروب التي لا ترحم الإسرائيلي و لا الأمريكي و لا الفلسطيني و لا العربي و لا المسلم و لا المسيحي و لا الروسي و لا الفارسي ولا غيرهم من بقية الأعراف و الأعراق و الجنسيات لن يتحقق إلا بالعودة إلى الله و إلى الشريعة السمحاء ، و الى الاسلام الذي ارتضاه الله دينا لجميع العالمين . قد يدعي الذين يكنزون الذهب و الفضة و يحققون الأرباح أنَّ الأموال تتزايد بالعمل ، فأقول لهم إن الأموال لا تربو و لا تتزايد و لا تتناقص ، و إن ما حققه الأغنياء من الأرباح هي قيمة ما خسره المنتجون و العمال نتيجة بخس منتجاتهم و أكل عرقهم ظلما و زورا من طرف أصحاب النقود . إن الأنانية و الفردية لا يمكن أن تخدم مصالح جميع العباد و لا يمكن أن تحقق الأمن و السلام ، فما على الناس سوى أن يهتدوا إلى الحق ليسلموا من الإرهاب و الفتن و الحروب ، و إن أبوا فعليهم أن يستمروا في سلوك سبيل الضلال . إنني لا أكره اليهود و لا المسيحيين و لا المسلمين و لكني أريد منهم جميعا أن يسلكوا سبيل الرشاد . فبلغوا عني أيها القراء فإن ما أنشره هو نيابة عن السيد المسيح عليه السلام و ليس نيابة عن السيد ساعد بن عيسى ولا نيابة عن السيد عشي السعيد بن أحمد بن عيسى الاسم الأصلي للعبد المسكين . باتنة في 03/07/2017