.الدّرب.... - جميلة بلطي عطوي
------------------------------------ ذاك الدّرب الذي تهواه رجلاي بدا خريفيّ الملمح...على جنباته تتهدّل الأيّام ، تتناثر الأعوام ، يرتمي العمر قاب النّهاية . لقد كان ربيع بهجتي ، فيه أرتع فراشة زاهية الألوان ، أعبّ من الزّهر طيبه، مطيّتي ألوان قُزحيّة تتماوج في دفء الشّمس وزينتي قلائد من نور القمر. خطوة ...خطوة تتسرّب أنفاسي ، ألج محراب الحنان – بيتنا - في حوض المحبّة أتعمّد ، أُسْقى ترياق السّعادة والرّضا فتنبجس في الأوردة السّواقي ، يزدان كلّ شيء ... يبيت المنظر حدائق من أعاجيب ألف ليلة وليلة تضمّخ الإحساس. يا له من سخاء يتملّكني حدّ الثّمالة. ودّ أسريّ به أتربّع على عرش الدّنيا أميرة ...مملكتي وجه آخر للجنّة ، به كنت ومنه مازلتُ ألتقط زاد الأيّام. واليوم... مثقلة الكاهل أنا...هامتي أرهقها كلكل الأيّام تسوقني ...خطاي تنقر الطّريق نقرا، كلّما حاولتُ اقتلاعها تنغرس في مسامّ القدر يكبّلني...لكنّ الهوى يشدّني إلى الدّرب ...فيه أتقصّى آثار الزّمن الهارب...عمر في ذاكرة التّاريخ ينحتُ بإبر من نار مسيرة طفولة سعيدة منها أرتشف طلّا نديّا يسري في النّبض، يبلّل لهفة تجتاح النفس حدّ التّهليل.. في الدّهن تتعاقب الفصول ...محطّات تظهر وتتوارى ...والرّوح تتوق إلى هناك...إلى مشارف الدّرب ،يستهويها حفيف وردة تُزهر رغم الغيوم ، تُظلّل شرنقة واعدة ، تبشّر بالانبعاث
------------------------------------. جميلة بلطي عطوي تونس...12/ 6/ 2017