ملحمة فراغ - نعيمة حسكة
----------------------------
يكتظ الفراغ... السنة الثامنة بعد الاربعين .. وحوش السعال تهرول... و الباقون موتى يعبرون... عيون متربصة... لأقدارهم ينظرون... أفواه مشدوهة... ظلوا يحلمون... ومازالوا يحلمون... ذاكرتهم مشوهة... يعبرون الرحيل... كذئاب تعوي عبر صحارى الحريق... الحر شديد و طول الطريق... المنفى بعيد و السجن عتيق... الصور حديد و الصوت شهيق... آه ثم آه.. حين يكتض الفراغ بالالم في القلوب أماه... تصم الآذان و تُبكم الأفواه... تنمو خفافيش الظلام... تحتضن الأوهام... تدوس مضاجع البؤس... تحتل مناصب الهيام... تحرم النور... تحلل سبائك الغرور... لا فرح لا أحلام... يكفيكم الضجر المآسي و الإعدام... لا حياة لا جديد... يكفي وأد العديد...و الضياع العنيد... يكتظ الفراغ بالفراغ ... وأجنحة الحرمان... تمتص دماء الغلمان... دفينة تلك الأحزان... طاحونة قهر مزقت الخلان... تداعت سنين الجنان... و سئم من الجبن الزمان... يكتظ الفراغ خلف المسارات... يمحو من قواميس الضوء كل العبارات... يرمي للريح بقايا أجساد... اكتسحتها الأيادي... هرمت خلف الجدران... انهزمت في سباق قوافل الموت... الممدود كوشاح صبية تاهت زمن الدموع... زمن الخضوع... زمن الخشوع... أخرصها الصراخ... بين أيادي المرفإ المهجور... خلف ظل الغرور... يا نجوى التائهين... يا ملاذ الضائعين... يا جسر العابرين... متى زمن الحياة يحين... متى يُفك أسر السجين... متى يهدأ ذاك الأنين... متى يزول عرق الجبين و متى تكتمل سنوات الجنين.
------------------------------
نعيمة حسكة