top of page
صورة الكاتبAdmin

الجدول !  - أحمد عبد اللطيف النجار


الجدول ! - أحمد عبد اللطيف النجار ----------------------------------------

الحياة الزوجية فن راق لا يستطيع تذوقه إلا الأزواج المهرة الحاذقين ، أما أولئك الذين يعتبرون الزواج مجرد مهمة اعتيادية للحياة ووسيلة للإنجاب ، هؤلاء لم يقدروا الحياة الزوجية حق قدرها ، ولم يحترموا ذلك الرباط المقدس بين البشر ! هذا ما حدث مع صاحبي أسامة ، الذي جاءني ذات ليلة حزيناً مهموما يقول : بحكم مهنتي في الأعمال الحسابية والجداول ، رسمت جدولا غير عادي ، أوّضح فيه مزايا وعيوب زوجتي ضحي ، وقد قسّمت الجدول إلي ثلاث خانات طويلة ، كتبت في رأس الخانة الأولي كلمة الصفات ، وفي رأس الخانة الثانية كلمة الزوج وهو أنا ، وفي رأس الخانة الثالثة كلمة الزوجة وهي زوجتي ضحي ، وكتبت في خانة الصفات أول بند وهو الهوايات .. أنا : القراءة والخروج مع الأبناء وزيارة الحدائق والنادي والآثار . هي : مشاهدة المسلسلات المصرية والعربية المتخلفة ــ شرب الشاي بشراهة ــ النوم العميق ــ الجلوس في البيت وعدم الخروج إلا لزيارة أهلها فقط ! الاهتمامات .... أنا : النظام ــ النظافة ــ الاستحمام بكثرة . هي : الإهمال ــ القذارة ــ الكسل ــ عدم الاستحمام . الميول ..... أنا : أكره المشكلات العائلية التي يسببها أهلها . هي : تحب أن تنغص عليّ حياتي بفرض أهلها عليّ بالرغم مما تسببوا لي فيه من مشكلات . العواطف المتبادلة .... أنا : أكرهها بلا حدود وأشعر بأنني في سجن معها ! هي : تبادلني كراهية أشد وتدعو عليّ إذا خرجت ألا أرجع وأن يفرمني قطار أو تدهسني سيارة !! الواجبات الزوجية ..... أنا : أحب القيام بها مرتين كل أسبوع . هي : لا تطيقها ولا تستجيب لها إلا بعد إلحاح شديد كل شهر أو شهرين ، وأحياناً كثيرة كل عدة شهور ! المميزات ..... أنا : هادئ في كل شيء وأخدم الجميع وأتمني الخير للكل وأقدس الحياة الزوجية . هي : لا أنوثة ولا رقة ولا عقل ولا جسم ولا إغراء ولا حركة ولا كلمة !!! الأمنيات ..... أنا : أتمني لها الموت من كل قلبي ، وحين تسافر لعدة أيام أشعر بأن باب السجن قد فُتح وأدعو الله في صلاتي أن يزيحها عن طريقي أو يهديها ! هي : تتمني لي ما أتمناه لها وأكثر ، وكانت سعادتها بسفري للعمل بالخارج كبيرة لكي تعيش بمفردها مع المسلسلات المصرية والعربية المتخلفة وكوب الشاي الثقيل الذي تتجرعه عدة مرات في اليوم جرّعها الله السم بقدرته وهو ألعلي القدير ! تلك هي حقيقة مأساتي يا صديقي ، أعيشها مع تلك الزوجة البائسة منذ أن تزوجتها وحتي اليوم ! يا الله إنه لجدول صعب وعسير حقاً يا صاحبي ، أحصيت فيه كل مساوئ زوجتك وأصبحت أنت الملاك البرئ الطاهر !! إنه جدول ظالم وغير منطقي، فمهما رأيت في زوجتك من خصال غير حميدة ، يكفيها أنها قبلت بك زوجاً وأنجبت لك البنين والبنات ، وقاست الأهوال في حملها وولادتها ، فكان جزاؤها منك الاحتقار والسخرية والكراهية المطلقة لها ولأهلها ! ذلك أنك بطبيعتك إنسان كاره للحياة ، حاقد علي الآخرين . علي أية حال أيا كانت بشاعة الصورة التي يرسمها جدولك العجيب هذا لزوجتك ، فالمؤكد هو أن زواجك من أخري ( سراً) لا يجوز حتي ولو كان بدعوى الحرص علي مشاعر أولادك ، ذلك أنه من حق زوجتك ضحي أن تعلم بعزمك الزواج عليها لكي تختار بين الاستمرار معك أو الانفصال عنك ! ذلك هو حقها الشرعي الذي قرره لها ديننا الإسلامي الحنيف ، ومن واجبك إشعارها باستحالة الحياة بينكم علي هذا النحو وكل منكما يكن للآخر الكراهية الشديدة ويتمني له الموت ! ليست هذه هي الحياة الزوجية التي أرادها لنا الله سبحانه وتعالى سكناً ومودة وتعاطفا ورحمة . لا شك في أن كل منكما يأثم إثماً كبيرا بانطوائه للأخر علي مثل هذه الأمنيات الكريهة ، والأفضل لكل منكما إذا استمر الحال علي ما هو عليه ، أن تنفصلوا حتى ولو تجرع الأبناء علقم الانفصال ومرارته ، بدلاً من أن يبيت كل منكم ليلته إلي جوار شريك حياته وهو يتمني له من أعماقه الموت ! عليك يا صديقي مواجهتها بكل تلك الحقائق لعل وعسي أن تستنهض همتها لتلبية احتياجاتك الإنسانية والعاطفية درءاً للخطر الداهم الذي يواجه حياتكما الزوجية ! تلك هي طبيعة البشر يا صاحبي ، بعض الناس لا ينهضون للإصلاح إلا إذا استشعروا خطر الغرق ! نصيحتي لك هي أن يحاول كل منكم الاقتراب من الآخر والتطهر من مشاعره العدائية ضده وأمنياته السادية له ، عسي أن يسهم ذلك في تقريب المسافات وإنبات بذور الحب التي خنقتها أرض الكراهية والحمق وحب الذات !! وبمناسبة الذات وحب الذات ، ما لي أري أحبابى مدمني الفيسبوك ، كل مدمن فيهم يقدس ذات ملكه أو رئيسه ، وأصبحنا نقرأ لهم عناوين جروبات غبية جدا مثل : الرئيس فلان أسد العرب ، والرئيس علان قاهر العفاريت ، والملك فلان ملك العرب والعجم والأمريكان !! هل رأيتم نرجسية عربية أكبر من نرجسية مدمني الفيسبوك !!! هؤلاء الواهمون يعيشون عالم وهمي افتراضي ، واعتبرهم انسحبوا من الدنيا كلها وعاشوا في قوقعة الفيسبوك !! إذن هم يعيشون في كوكب آخر غير عالمنا ، وبالتالي لا مانع من جرعة نفاق للرئيس الأوحد للعرب أجمعين والزعيم الكوني ملك ملوك أفريقيا ، وملك جزيرة البطيخ الملك فلاني ، وملك ملوك العرب ؤمنقذ الإنسانية المعذبة في اليمن وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان والهند وكل الكواكب الأرضية والسماوية !!! يا لها من نرجسية غبية يتمسك بها أصحاب الفيسبوك ، ولا يخجلون من تسمية جروبات كاملة بأوصافها !!!! يعني الضياع شامل من كله ، علي الأرض شعوب تعيش في غيبوبة ، خاضعة ذليلة مهينة ، وفي السماء والعالم الافتراضي الفيسبوكي جماهير تعيش الوهم العريض والنفاق التكنولوجي !!!! كل شعب يرى رئيسه أو ملكه هو الزعيم الأوحد للكون وهو منقذ البشرية من الضياع !!!! ثم انظر حولي واري واقعاً عربياً مظلماً من كل النواحي ...... ضاعت العراق ...! ضاعت سوريا ...! ضاعت اليمن ...!!! ضاعت ليبيا ...!! تاهت تونس ...!! تاهت مصر ...!!!! انفلت عيار مقاطعة قطر !! انقسمت السودان بيد بشيرها !!! وماذا بعد ...؟!!! اتمني من الله وارجوه أن يكشف الغمة عن أمتنا العربية والإسلامية ، وأن تفيق شعوبها من غيبوبتها الطويلة ، وأن يحترم أباطرة الفيسبوك نفسهم وعقول الآخرين وكفاية نرجسية بقي !!!!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد عبد اللطيف النجار


٩ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page