يبقى الحال على ماهو عليه - خيرة الساكت
----------------------------------------------
في جمعية الفراشات المعذبات اجتمعت السيدات تشتكين همومهن ويطرحن مشاكلهن أمام الأخصائي الإجتماعي عله يساعدهن في إيجاد الحلول ..
السيدة زينة أستاذة جامعية تتكلم دون تكلف " توفر كامل ظروف الرفاهية لايمكن أن يكون دليلا على السعادة....سعيت طيلة مسيرتي المهنية للحصول على كل شئ المال المسكن السيارة ...امتلكت منزلا واسعا يطل على البحر مع خادمة و حارس يعتني بالحديقة...لدي مبلغ محترم في المصرف.. كما أقود سيارة فاخرة و مع ذلك لا أشعر بذلك الفرح العارم أو الغبطة..يبدو أنه للسعادة طريق آخر.."
السيدة عائشة عاملة بمصنع الناظر لملابسها يدرك وضعيتها الإجتماعية المتردية..تكلمت بصوت منخفض خجلا - " أنا أعمل بالمصنع منذ سن العاشرة ..منعني أبي من الدراسة متحججا بحرمة الإختلاط بين الجنسين و لكني أدرك جيدا عدم رغبته في الإعتناء بي و تجنبه صرف المال .. أعمل جاهدة ليلا نهارا لا أعرف للراحة معنى و آخر الشهر يتسلم أبي مرتبي من صاحب المصنع..تزوجت شابا يعمل معي انقطع عن العمل بمجرد زواجنا و صار يستولي على مرتبي كل شهر... أنا لا أريد سعادة فلم أخلق لها ..أنا فقط أريد أن أشعر بأني انسانة..لا أريد لأحد أن يقرر مكاني.."
في ناحية أخرى جلست فتاة في مقتبل العمر تمضغ علكة و ترتدي تنورة قصيرة و يبدو أنها لا تبالي بأمر الأخصائي الإجتماعي..تكلمت موجهة أعينها صوب النساء " أنا أتحدى الجميع دائما ألبس ما أريد و أفعل ما أشاء ...لن أتزوج تحت ضغط أمي لمجرد أنني متمردة عن تقاليدهم البالية و لن أطيل ثوبي لأن أبي يراه بالغ القصر...أغلب أفراد عائلتي يتأففون مني ...أمي و أبي لا يكلمانني.. لا يهمني ذلك ..المهم أن أكون حرة ..حريتي قبل كل شئ... بصراحة أنا....أنا أشتاق إليهم كثيرا .."
تلعثمت السيدة سارة عند حديثها " أنا لا أعاني أية مشكلة أنا سعيدة جدا ناجحة و متفوقة ...أنا ..." امتقع وجهها و دمعت عيناها و توقفت عن الحديث عاجزة عن طرح مشكلتها..
أنصتت السيدة جيداء بإهتمام لما تبوح به صديقاتها ،و شرد ذهنها متعاطفة معهن.. تمتمت " تبدو مشكلتي برجوازية بالنسبة لما تطرحونه و لكنها تقلقني.. أنا انطوائية نوعا ما و أحب الوحدة ..أكتب دائما رغم الوصاية التي يفرضها شرطي أفكاري على كتاباتي...أعيش داخل عالمي الإفتراضي الذي كونته لنفسي..ولكن.. فجأة نعم فجأة تكتشف أنك تخطيت العقد الثلاثين و ليس لديك أصدقاء أنك وحيد ...أن خيالك حملك بعيدا لتحيا حياة أخرى...أنه خدعك و أبعدك عن الواقع ...أنا كذلك خيالي خدعني..."
خيم الصمت على المكان للحظات قليلة....
عادت السيدات إلى الأحاديث الجانبية بينما جمع الأخصائي الإجتماعي أوراقه و غادر القاعة...
تناول قلما و خط على باب القاعة من الخارج أمرا شيطانيا ...
اقترحت احدى السيدات الخروج إلى حديقة الجمعية لتناول القهوة...
أحاديث السيدات تصحبها ضحكات رنانة ....مددن أيديهن إلى درج مكتب الإستقبال لأخذ هواتفهن الجوالة...
الدرج فارغ..لا شئ سوى كلمات لعينة خطتها يد جاهلة على باب القاعة...
( النساء ناقصات عقل و دين ..)
-----------------------------------------
- تمت -
بقلم خيرة الساكت / تونس