top of page
صورة الكاتبAdmin

تباشير الفرج  - أحمد عبد اللطيف النجار


تباشير الفرج - أحمد عبد اللطيف النجار --------------------------------------------

ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب . نلك آية كريمة من كتاب الله ، تنير لنا الطريق إلي التوبة الصادقة والتقوى الصادقة . سبحانه وتعالي جل في علاه يخبرنا أن التقوى هي طريق النجاة والفرج والرزق الوفير . وبشّر الصابرين بالجزاء الكبير في الدنيا والآخرة أولئك الذين صبروا وأيقنوا بأن الصبر مفتاح الفرج ، فكان صبرهم صبراً جميلا كما كان صبر سيدنا أيوب عليه السلام . هناك نفوس عظيمة تعتصم دائماً بالصبر والإيمان والقرب من الله في أي محنة تقابلها ، فتنقلب المحنة إلي منحة ، وتمنحهم السماء من جوائزها الكثير والكثير ويعوّضهم الله عوض الصابرين . من تلك النفوس المجاهدة الصابرة أعرض عليكم اليوم نفس مؤمنة صابرة، تلك هي السيدة فوزية التي جاءتني ذات يوم وعلي وجهها هالات الإيمان ونور اليقين تقول : أنا سيدة في منتصف العمر ، وهبني الله تعالي الجمال والخلق والأصل الكريم والقناعة التامة والرضا بالمكتوب خيره وشره . نشأت في أسرة متوسطة وكنا ستة إخوة متحابين ، متعاونين ، كافح والدنا الموظف البسيط لتعليمنا وكنت أكبر أبنائه ، متفوقة في دراستي ، والتحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية . في تلك الكلية نظرت حولي فرأيت من ترتدي أحدث الثياب ومن تركب سيارة من أحدث الموديلات ؛ فلم يزدني هذا إلا إصرارا علي النجاح والتفوق ، وكنت بقناعتي وثقتي بالله أرى نفسي أجمل وأشيك طالبة بالكلية . تعلمت الحياكة وبدأت أصنع ملابسي بنفسي وملابس بعض زميلاتي ، وكانت تلك الملابس الجميلة المحتشمة تبدو وكأنها أجمل من أي ملابس أخرى ، حتي اشتهرت بأناقتي وذوقي الرفيع . أثناء الدراسة عزفت عن الاستجابة لمحاولات أي شاب من زملاء الكلية للارتباط العاطفي بي ، ليس لأنني أطمح للارتباط برجل ثري ، وإنما لأنني أجلت هذا الموضوع حتي تنتهي دراستي وأرد بعض الدين لوالدي ووالدتي . مرت الأيام وواصلت دراستي حتى تخرجت وعملت علي الفور ، واستطعت بفضل الله المشاركة في أعباء الأسرة . كانت أسعد لحظات حياتي حين اسمع أمي رحمها الله وهي تدعو لي بالخير ، وحين أرى فرحة أخوتي كلما اشتريت لهم بعض حوائجهم بعد تخرجي بثلاث سنوات تقدم لخطبتي صلاح ، موظف ميسور الحال ومن أصل طيب ، ارتحت له نفسياً ووافق والدي عليه ، رغم اعتراض أمي ولكني ذكّرتها بحديث رسول الله صلي اله عليه وسلم : إذا جاء كم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه . وأنا لا أطمع في أكثر من الدين والخلق ، واقتنعت أمي ووافقت ودعت لي بالسعادة والتوفيق . تزوجت في شقة بسيطة للغاية ، متواضعة وكنت سعيدة جداً بها وبزوجي الطيب صلاح الذي رزقني الله به ، وازددت حرصاً علي الصلاة والدعاء إلي الله بدوام هذه النعم . رزقنا الله بالأولاد وكانت حياتنا تمضي في هدوء ، ولم أتطلع يوماً إلي الثراء ليقيني أنه زخرف زائل ، وكانت كل دعواتي إلي الله بدوام الصحة والستر وصلاح الأولاد . مرت أيامنا سعيدة وانتقلنا إلي مكان آخر بمحافظة الشرقية بدلتا مصر وترك زوجي صلاح الوظيفي الميري وتفرغ لمشروع تجاري شاركته فيه بكل ما املك ، ونجح المشروع في بدايته وكبر الأبناء والتحقوا بالمدارس ، وكم واجهنا أزمات مالية وكنت اضطر لبيع مصاغي ونعاود النجاح مرة أـخرى ، وأنا دائمة الشكر لله في السراء والضراء . حتي حدثت لنا صعوبات بالغة في المشروع التجاري ، فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير وقضت علي الأخضر واليابس ، وتعرضت تجارة زوجي للإفلاس وفقد كل ما يملك وأصبحنا علي حافة الهاوية ساعتها يا أخي وجدت نفسي أواجه الحياة بمفردي والديون تلاحقني في كل مكان ! زوجي بدون عمل وأولادنا في المرحلتين الثانوية والجامعية ، ودخلي من عملي بسيط لا يفي بجميع متطلبات البيت ، وبعت كل ما أملك لأسدد جزءا من الديون المتراكمة . وعملت عملاً آخر بالإضافة لعملي الأصلي ، في حين لزم زوجي المنزل وقد انتابته حالة إحباط شديدة وشعور بالذنب !افقد شعر انه مقصّر في واجبه نحو بيته ومشروعه وتجارته الخاسرة . لكني تماسكت وكان قلبي مطمئناً دائما بذكر الله الذي يخرجني من كل ضيق وشدة . وكنت أواضب علي صلاة التهجد في الثلث الأخير من الليل وأرى في نومي إشارة لحل بعض مشاكلي ، وازدادت جرعة إيماني ، وكنت اختلي بنفسي كثيراً لأصلي واقرأ القرآن واحرص علي صلاة القيام والتهجد ، أدعو الله أناء الليل وأطراف النهار كي يساعدني علي تجمل ابتلائي ، وحمدت الله كثيراً انه ابتلاء في المال وليس في شيء آخر . لم يكن المال يمثل لي في يوم من الأيام غاية ، بل هو وسيلة للعيش والستر ، وكنت أجد دائماً أهل الخير والناس الطيبين يمدون لي يد العون والمساعدة ، وبمرور الأيام استطعت أن أخرج زوجي صلاح من أزمته النفسية ، ووجد بحمد الله عملا مناسبا بمؤهله لأنه إنسان طيب القلب عطوف علي أهله ، وأنا كلي يقين بالله أن الحق سبحانه وتعالي سوف يخرجنا من تلك الأزمة أقوى وأصلب من ذي قبل ، فأنا لم أقصّر في حق الله ذات يوم ولا حق زوجي ولا حق أولادي ، وأعطي كل ذي حق حقه ، وارعي الله في جميع أعمالي ومعاملاتي مع الناس ، وأمد يد العون لكل إنسان يلجأ إليّ مهما كانت ظروفي . وما زلت حتي الآن أواجه قدري بصبر وإيمان داعية الله سبحانه وتعالي أن يأجرني في مصيبتي ويبدلني خيراً منها ، وهو سبحانه وتعالي يجزى من يُبتلي بالهم والحزن حسن الثواب في الآخرة . اللهم ارحمني بما قضيت لي وبارك لي فيما أبقيت حتي لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجّلت . • يا الله ... يا الله .. تلك ملحمة إيمانية رائعة تجسّد فيها الصبر واقعاً حيا ملموساً عشناه في قصة اختنا فوزية . أعظم درس تعلمناه منها هو أن كل محنة تواجه الإنسان قد كمل معها تباشير انفراجها . ما أحسن الصبر الجميل ، وما أجمل وأعظم حسن الظن بالله سبحانه وتعالي الذي هو من شعب الإيمان . طوبي لك أختاه جزاء الصابرين الشاكرين ، الحامدين الله في السراء والضراء . تلك هي تباشير الفرج التي أراها قريبة جدا سوف تشرق بظلالها الوارفة في أمتنا العربية الضائعة ! دوام الحال من المُحال ، وما نراه يحدث الآن في سوريا من جرائم إنسانية بشعة ، واليمن حيث الكوليرا تحصد أرواح الآلاف بسبب عفن الحوثيين وتابعهم الشاويش علي عبد الله صالح ، وليبيا حيث استولي عليها الدواعش كغنيمة حرب ، والعراق الذي تفتت إلي دويلات صغيرة بسبب الطائفية البغيضة وتدخلات شياطين طهران! وما يفعله المدعو عمر البشير من جرائم بشعة في دارفور ! كل تلك المحن إشارات واضحة باقتراب نهاية الظالمين في كل مكان ، وطبعاً علي رأس هؤلاء الظالمين بني صهيون الذين اغتصبوا أرضنا وعرضنا منذ عشرات السنين والعرب كلهم عاجزين عن صدهم وطردهم من أرض فلسطين الطاهرة !!! سيبدأ الفرج تباشيره من تلك الأرض تحديداً ن وسيرى العالم ما يذهله عن كل كوارثه الكونية والأرضية ! وإن غدا لناظره قريب . أحمد عبد اللطيف النجار


١٤ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page