top of page
صورة الكاتبAdmin

أب صخري ..! - أحمد عبد اللطيف النجار


أب صخري ..! - أحمد عبد اللطيف النجار ---------------------------------------------- حياتنا التى نحياها قصيرة أقصر مما نتصور ،هناك من يحياها بثمن رخيص بالتخلى عن مبادئه وإصراره على العناد والخطأ حتى ولو ظلم بعناده أقرب الناس إليه ،وهناك من يحياها بثمن غالى دفاعاً عن مبادئه وتمسكاً بحلم غالى يتمنى تحقيقه ولكن حالت الظروف فى فترة ما من حياته من إمكانيه تحقيقه ،وفجأة يجد نفسه وجهاً لوجه أمام حلمه القديم فيزداد تمسكاً به. هذا ما حدث بالفعل لبطلة قصتنا وفاء التى نشأت بين أب صارم لا يعرف إلا إصدار الأوامر بسبب نشأته العسكرية وأم طيبة مغلوبة على أمرها وشقيقين، تكبر وفاء وتلتحق بإحدى كليات جامعة الأسكندرية وأقامت مع جدها بعيداً عن بيت أسرتها فى القاهرة ،وخلال دراستها تتعرف على شاب خجول مهذب يدعى مهران وهو ابن صديق جدها ،وتمر الأيام سريعاً بالأسكندرية وتعود للقاهرة تنتظر تخرّج فتاها فى كلية الطب وبعد تخرّجه يذهب مع والده وجد وفاء لمقابلة أبيها لطلب يدها للزواج، ويرفض والد وفاء طلبهم بجفاء شديد بحجة انهم دون مستواهم الإجتماعى ، ويتقدم لوفاء شاب آخر وجد فيه والد وفاء الشروط الملائمة لعريس ابنته ، ويتم الزواج رغماً عنها وبالطبع لا يحدث تفاهم وإنسجام بين وفاء وزوجها الذى فرضه عليها أبيها ويتم الإنفصال فى هدوء تام ،وحتى تنسى وفاء تجربة زواجها الفاشل تطلب نقلها من الشركة التى تعمل بها فى القاهرة إلى فرعها بالأسكندرية وهناك تلتقى مصادفة مع مهران الذى تعرف منه انه تزوج من ابنة أستاذه الطبيب الكبير الشهير ،بل ويعمل عنـــده فى عيادته ومستشفاه ويستعد للحصول على الماجستير بمساعدة صهره ،ولكنه يعيش مع زوجته حياة زوجية تعيسة لأنها لا تكف عن تذكيره بفضل أبيها عليه وغير ذلك من المنغصات ، ويقرر مهران ووفاء الزواج فوراً لتعويض ما فاتهما من العمر. وعندما يعلم والد وفاء بنبأ زواجها من مهران تهب عليهم العواصف الهوجاء من كل مكان ،بل ويقوم والد وفاء بإبلاغ صهر مهران ويحاول الطبيب الكبير إقناع مهران بتطليق وفاء وتركها دون فائدة، فيقوم بتهديده بالطرد من العمل بالعيادة والمستشفى وحرمانه من الحصول على الماجستير ،فلا يهتز مهران ولا يتزعزع عن موقف ومبادئه فى التمسك بحلمه القديم وحبه الشريف الطاهر لزوجته المخلصة وفاء. وتتوالى الأحداث عاصفة ويفقد مهران عمله بالمستشفى والعيادة والجامعة ويستغل صهره الطبيب المشهور نفوذه ويقفل فى وجهه كل أبواب العمل والرزق ،وتتوالى العواصف الهوجاء على وفاء ومهران ويصمدان أمامها بكل شجاعة وإيمان برحمة الله وتحاول وفاء استرضاء والدها ولكنه يرفض بقلب جامد كالصخر أوأشد قسوة!!بل ويقاطعها نهائياً وتصبح المسكينة وحيدة خاصة بعد سفر شقيقاها للدراسة فى أوروبا،وتستمر المقاطعة من جانب والدها. تقول وفاء: ماذا نفعل أنا وزوجى حتى نعيش فى سلام وبلا حروب فى الرزق وبلا ضغوط من جانب أبى ، أنا لا اريد من أبى مالاً أو مساعدة ،أريد فقط عطفه وحنانه واعترافه بزواجى ممن أحببت! تقول وفاء أيضاً: تشاء رحمة ربى أن يعرف شقيقاى بالمحنة التى أتعرض لها أنا وزوجى ويعرضان الأمر على صاحب المستشفى الذى يعملان به فى أوروبا وهو طبيب فاضل فيتعاطف مع محنتنا ويقرر مساعدتنا بتوفير فرصة عمل لزوجى مهران فى مستشفاه ونسافر معاً إلى أوروبا حيث نعيش فى هدوء وأمان ويعوضنى المولى جل فى علاه عن أيام المحنة ويرزقنى بتوأمان ،والآن كل ما أبتغيه من دنياى هو رضا أبى ليصفح عنى ولا يقطع ما بينى وبينه إلى الأبد! هكذا أخى القارىء نرى ونلمس العبرة والعظة فى قصة أختنا المظلومة وفاء، وانى لأتعجب من موقف أبيها قاسى القلب ،من أين جاء بكل هذه السوة؟! أقول له ما هى الجريمة النكراء التى فعلتها ابنتك وفاء ؟! انها يا أباها الفاضل تزوجت فى الحلال ولم تستطع ان تدع فرصة السعادة تفلت من يديها حين جمعتها الأقدار مرة أخرى مع من أرادته وأنتظرته طويلاً ،فهل يستحق ذلك كل هذا العقاب القاسى؟! ألا تحن إليها وتئن عليها أحشاؤك كما تحن هى إليك وتئن عليك أحشاؤها ؟! ألم تعرف بأن قيمة الإنسان الحقيقية تتحدد بمن يعنيهم أمرنا وبمن يمثل رضاؤنا عنهم أو جفاؤنا لهم شيئاً ذا قيمة وإعتبار؟! أنت هنا يا أباها لا تعاقب سوى نفسك إذا أصررت على أن تحرمها من كل ذلك! إن الله يغفر الذنوب جميعـــــــــــاً فكيف لا تتسع رحمتك لما فعلت ابنتك وفاء؟!!!! ألم أقل منذ البداية أن ما نحصل عليه بثمن رخيص ننظر إليه غالباً دون إهتمام ، أما ما نحصل عليه بالثمن الغالى فهو وحده الذى يستحق البقاء والإهتمام والتكريم . إنه أب قاسي القلب بلا شك ، مريض في تفكيره ، مريض في سلوكياته ، مريض في نرجسيته ، مريض في نشأته العسكرية الصارمة التي عاش فيها مسلوب المشاعر والأحاسيس ، فعاش رجل بلا قلب ، يستطيع أن يضحي بسهولة بفلذة كبده من أجل غروره العسكري وكبريائه المريض !!! مثل هؤلاء الآباء حرام أن يحملوا لقب أب ،، لقد دنسوا ذلك اللقب الكريم بغرورهم الأحمق ودنياهم الزائفة !! والد بطلة قصتنا عاش حياته يصدر الأوامر العسكرية والجميع يطيعونه كالعبيد ، فكان صعباً علي نرجسيته أن يجد من يقف في وجهه رافعاً راية العصيان علي أب ظالم لا يتقي الله في أولاده ، بل ويعتبرهم سلعة تُباع وتُشترى في سوق النخاسة الذي اخترعه فكره المريض !! ومن حسن حظ وفاء أن إخوتها لم يتشربوا نفس طباع وسلوكيات أبيهم العسكري المريض !!!! وعلي الفور يقدمان يد المساعدة لأختهم وزوجها دون خوف من عتاب أبيهم العسكري المريض نفسياً !! ذكّرني موقف والد وفاء بموقف صدام حسين من شعبه وأمته !!!! نفس المنطق المتحجر والغبي في التعامل مع الأحداث المصيرية التي تقرر مصير أمته وشعبه !! أضاع الرجل شعبه بعناده ،نعم ضاع العراق للأبد ولن يعود ثانية لأمته العربية !!! مرت حتي اليوم أكثر من 14 سنة منذ سقوط بغداد ومعها صدام ، ولم يتغير شيء ، بل من سيئ إلي أسوأ! ثروات العراق تُنهب بيد الأمريكان وحلفاؤهم والعرب يتفرجون !!!! بل ويصفقون للأمريكان ويعطونهم مئات المليارات من الدولارات مكافأة لهم علي دمار العراق وتفتيتها ونهبها ! إذن كل مآسينا واحدة سواء كانت أسرية أو عربية أو قومية ، نعيش في دوامة من المآسي لن تنتهي !!! والغريب إنني أجد ( بعض ) أصحاب المنتديات الفيسبوكية ، من يلومني علي كثرة المآسي والأحزان في قصصى السردية ! بل ويقول لي ( يا أخي عايزين شوية فرفشة الجروب دا عشان الأعضاء يفرفشوا وينسوا همومهم !) ... يا سيدي علي الفرفشة والبال الرايق !!! ذلك نموذج واحد لجيلنا الصاعد الذي سيحرر الأقصى ، ويعيد الكرامة العربية في مصر سوريا واليمن والعراق وليبيا وتونس !!! ذلك هو شبابنا العربي الذي سيحرر الأقصي بالفرفشة !!! تباً لهم من شباب أضاعوا أمتهم وأضاعوا كل شيء!!! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أحمد عبد اللطيف النجار


١٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page