top of page
صورة الكاتبAdmin

رحلة المجهول - حسن منصور


رحلة المجهول - حسن منصور ------------------------------ تَمضي الْحَياةُ وقد مَضى عنّي غَدُ || مِن بعــدِ أنْ أبْطا عـليَّ الْمَـوْعـدُ وبقــيتُ مُنـتَظِــراً غــداً مُتَجــــدّداً || والعـمْـــرُ ليسَ يَزيدُ أو يتَـجَـــدَّد ما الأمسُ إلاّ مُنْـيَـتي وغَـدي الّذي || كان اشْــتِـياقي قـبْـلَــه يتــَوَقَّـــــد يا هـــذهِ الأيّامُ ترْقُــصُ حـــوْلــــَنا || وتَغــيـبُ كالـظّـلِّ الــذي يـتَـبــدَّد وتظــلُّ أطْــيافٌ لهــا في خاطِـري || يَشْقى الفـؤادُ بظـلِّـها أوْ يَسْعَـــــد في كلِّ يـــومٍ أبْـتَـــني لِي قــلْــعَــــةً|| بِحجــارةِ الأمـلِ الذي لا يَـنْـفـــَدُ مُـتحَــصِّنٌ مــنْ كلِّ غــائِـلَـــةٍ بِهــا || إنْ جـاءَ لـيـلٌ أوْ ضَـبابٌ أســوَدُ فـــكأنَّـني لُــبَـــدٌ جَــــديدٌ خـــالِـــــدٌ || منْ بعــدِ أنْ أخْــنَتْ عـلى لُبَدٍ يَدُ مِـن حـــوْلِيَ البـيْـداءُ بيـنَ رمـالِــها || لُجَــجٌ بِـها الْمَــوتُ الزُّؤامُ مُؤَكَّـد لا يُهــتَـدى فـيهــا لِــرَسْــمٍ أو تُـرى || أبْعـادُها، والصَّمـتُ فـيها سَرمَـد قد أعْــمَـلـتْ فـيهـا الرّياحُ سَـوافِــيـاً || بِعــزيِمــةٍ تَمــضي ولا تـتَــردَّ د حتّى الْخَــنافِـسُ والْجَــنادِبُ لم تكـنْ || تـنْجـــو إذا مـا ثـارَ نقْـــعٌ أرْبَــد وتَلــوحُ للـعَــيـنِ الــرّوابِي غَــضّــةً || فتقولُ لي نفسي: هُـناك الْمَقْـصِد فـلْـتـتَّخِذْ مـتْنَ العــواصـفِ مَــرْكــباً || يُـدنيــكَ مــنْ تلـك الـرُّبَى ويُسَدِّد ومَشـيْـتُ في درْبِي بغــيـرِ تَـمَـهُّـــلٍ || مُتَـخــاذِلاً طوْراً وطـوراً أصْمُـد يَتجــاذَبُ النّفسَ الشَّحــيحَــةَ هـاجِسٌ || يَهْــوي بِهــا، وعَـزيِمــةٌ تتَـمـرَّد خَــوفٌ من الْمَجـهــولِ معْ أمَــلٍ بـهِ || والْخَــوْفُ يُفْــني والرَّجاءُ يُجَـدِّد مُـــتـرَدّدٌ مُــتـقَــلّــبٌ فـي حـــالَــتَيْ: || فــرَحٍ يُـغــنّي أو هُــمـومٍ تُرْعِــد وأنـا يُـمــــزِّقُــــني صِـــراعٌ دائــــمٌ || وغُــبارُه يُخْـفي الطّريقَ ويوصِدُ فـأكــونُ كالأَعْـشى يســيرُ ولا يَرى || أمُــغَـــوِّرٌ فـي درْبِـه أم مُــنْـجِــد وإذا انْجَلى ذاك الغُبارُ على الْمَدى || بزغَتْ شُموسٌ وانْجَلى لِي الْمَشهَـد فأرى الــرُّبَى تبَـــدو أمــامي ثانــيـاً || طابَ الْمُــنى فـيها وطابَ الْمَوْرِد وأرى الفــؤادَ تَهــزُّنِي خــفَـــقــاتُــهُ || وطـــيـورُه تـشْدو الْهَـــنا وتُغــرِّد وأرى الْهَـــجــيرَ كَــواحَـــةٍ فـيْـنانَـةٍ || وظــلالُـهــا وغُــصونُهـا تَـتـــأوَّد وأرى السّـرابَ إذا بــدا لِي كــوْثـراً || أرْتـــــادُه وبِـمــــائِـــهِ أتَــبَــــــرَّد وقـــوافِــلُ الأيّــامِ أحْـــدوهــــا لـــه || وأُريــدُهــــا مــن مـــائِه تـتَـــزوَّد وأنـا أســيـرُ كـأنَّـنــي مــــاضٍ إلَـى || مُـلْـــكٍ مُـقــيــمٍ مــا أقــامَ الفَـرْقَــد أنسى شَقائي في الطّريقِ إلى الْمُنى || وأقــولُ ثَـمَّ سيَسْتَريحُ الْـمُـجْــهَـد تلــك الْحَـــياةُ ومــا بِهــا من زيـنــةٍ || ألْــوانُهـــا بنُـفـــوسِــنا تـتَــولَّـــــــد بَحـــرٌ من الأوْهـــامِ يـأْسِـرُ حـسْنُـه || وعـــلى شـواطِــئِه عــيونٌ تـرْصُد تـتَــرقَّـــبُ الْحَـــظَّ السّـعــيدَ لعـلَّهــا || من لُــؤْلــؤِ الأوْهـــامِ قـد تتَــصَيَّــد ويَضـيعُ عــمْري في الطّــريقِ كأنَّه || حـــبّاتُ عِـــقـدٍ إثْـرَ بـعْــضٍ تُفْـقَـد فكأنَّ عــمـري والطــريقَ تَـرافَـــقـا || فـإذا انْـتَـهى هــذا فــذاكَ سَـيَـنْــفــد -------------------------------------------------------------- الشاعر حسن منصور [من المجموعة الرابعة، ديوان (شواطئ السراب) ـ ص 82 ـ دار أمواج ـ ط1 ـ 2014


٧ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page