هذا المساء - عبدالقادر حصحاص
-------------------------- هذا المساء... سأرتب مكتبي القديم..ذو الأعمدة الشقراء بل مالت إلى الحمرة..قد تمكن منها الصدأ و أنفض الغبار على الأريكة..دات الثوب المهترئ و أرتب بعض الكتيبات.. و أترك مسرحية موليير "مدرسة الزوجات" و الوصايا العشر لسنيور أرنولف لصغيرته أنيس هذا المساء... سأعلق سفائر الذكريات.. على لوح الماضي سأستشعر الحاضر و أستقبل الآت.. سأشعل الشموع لأكسر عتمة الليل الطويل... و أتفقد مشطي..و مابقي من أسنانه الغير مكسورة و أتوجه إلى مرآتي المشقوقة و أخلص شعري بعضه من بعض و أتفقد وجه كهل و ما أرتزأت السنين من ملامحه و أحلق ذقني و أنعشه برذاذ العطر هذا المساء... سأفك أغلال الصمت.. و أطرد الرتابة من البيت.. و أضع أسطوانتي المنسية.. لبتهوفن "أنشودة الفرح" السيمفونية التاسعة و أرقص على نغماتها..و أسجل شهادة ميلاد جديدة هذا المساء... سأعيد الحياة لمزهريتي.. و أصب ما تبقى من ماء.. لتنعش وردة..قد أذواها حر الدهر لتكون زينة لمكتبي و أنسة وحدتي و كفيل لها ما بقي من عمر...
------------------------- بقلم....عبدالقادر حصحاص