(الـــــمـــوت) - :بن عمارة مصطفى خالد
---------------------------------- رأيت فيما يرى النائم،شخصا سمج الوجه،نتن الرائحة،قد وجسني خيفة و هو يقطع طريقي قائلا: -السلام عليكم يا عبد الله. -و عليكم السلام،من تكون؟ - أنا الموت جئت لآخذك من الدنيا. -فتلعثمت،و جف الريق في حلقي،و تجلدت و استطردت: -تأخذني من الدنيا؟الآن؟ -أجل،للتو،و هل هناك مانع في ذلك؟ -قلت:لي شؤون علي أن أنهيها قبل توديع الدنيا.فإن كنت حليما فأمهلني خمس سنوات و سآتي عليها،حينها سأكون طوع أمرك و رهن إشارتك. -لك هذا،و سأرجع إليك لآخذك بعد أن يمر وقتك. *رغم أن منظره مخيف و ذكره مرعب إلا أن فيه خير خفي يصعب علينا رؤيته. و بعد مضي الخمس سنين رجع إلي بمنظره الذي كان و قال:أتمنى أنك أنهيت أشغالك و أعددت نفسك للرحيل. -يا إلهي،أ مر نصف عقد بكل هذه السرعة؟ -لم،ألست جاهزا بعد؟؟ -قلت:أجل فما زال لي أعمال أخرى قد جدت،فارجع بعد خمس أخر. -قال:لك هذه،و أرجو أن تنهيها قبل أزف الوقت. -سأبذل قصارى جهدي،إن شاء ربي. و مرت خمس أخرى و قدم الموت مني متمهلا و قال:ستكون لي الآن،فقد أرهقتني من أمري عسرا. -قلت:لم أتم بعد،و لكنني سآتي معك بلا ريب. -قال:ماذا فعلت في الخمس الأوائل؟ -قلت:عملت ثم تزوجت و لما حبلت زوجتي و قرب مخاضها أتيت. -و في الخمس الأخرى؟؟ -كان لي مال عند تاجر قد سافر ليبتاع سلعة ثم يسترده فينتفع به أهلي و ولدي بعد أن أصطحبك،و لكنك سبقته إلي. -قال:قد قضيت عقدا فيما لا ينفعك،كان عليك أن تفكر في محطتك الأخرى. -قلت:إنها الدنيا،قد أنستني،فلا تشق علي أكثر من مشقة لقائك الأخير هذا. -قال:فعلا،لا يملأ جوف المرء إلا التراب. و حينما وضع يده بيدي أفقت من نومي أهذي و العرق يغسلني،و لما ثبت إلى رشدي،نسيت حلمي و كأن شيئا لم يكن
------------------------------------------. بقلم الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد. البلد:الجزائر.