top of page

"البرنزي " بطل أم جبل ؟ "ما يهزو ريح" - بن مكي وليد

  • صورة الكاتب: Admin
    Admin
  • 15 مارس 2017
  • 3 دقيقة قراءة

"البرنزي " بطل أم جبل ؟ "ما يهزو ريح" - بن مكي وليد

------------------------------------------------------

يلج القراء النصوص الادبية من عتباتها ، و أنا ألج "البرنزي " للأديب عمار التيمومي عن دار ورقة للنشر من فهرستها ، انها أول الملامح الخارجية للطرافة ،فلا نجد تقسيما لها حسب الفصول ،بل لا نجد تقسيما حسب المنطق و لا حسب تطور نسق الاحداث، غير أن الفهرست تغري القارئ بمطالعة كل صفحات عنوان منها، و عندما تطالع تلك الصفحات يزداد الاغراء أكثر ، فتحاول مطالعة ما بعدها ، فجأة ترتبك و تعود مكرها إلى بدايتها عن طيب خاطر لتعلم الاحداث السابقة و اللاحقة . و الاكراه هنا محمود ، كالإكراه الذي يمارسه القانون على الجمبع فكل الناس مكرهون على احترام القانون حتى يضمنوا حقوقهم و حرياتهم . و في الرواية انت مكره على قراءتها لتعلم و تشعر و تستنتج و تحلم و تعيش مع تفاصيل حيوات شخصيات فاذة و نادرة و استثنائية. هذا في خصوص فهرستها أما في خصوص عنوانها "البرنزي" فهو مثير للحيرة ، فالبرنزي هو جبل من جبال القيروان و هو كذلك اسم البطل في الرواية ، فم العلاقة بين الجبل و البطل؟ يبدو أن البطل و كأنه "جبل ما يهزو ريح"، بيد أن مشاعر الحب تهزّه و تجلبه و تزعزعه و الأنثى تبعثر كيانه و تزرع فيه في نفس الوقت مشاعر الانتماء إلى الأرض باعتبار الأنثى خصوبة "افروديت" يرد ص 238 "وتعمدت الثانية ملامسته فبعثرت حسه و أوراقه". المهم أن شخصيات النسوة في الرواية رغم الفجوات في كل واحدة منهن ، إلا أنهنّ يجتمعن ، لتكوِّن شخصية واحدة ذات أبعاد نفسية و اجتماعية و عاطفيّة قادرة على مجابهة الحياة و مواجهتها وهو ما يرومه الراوي و من ورائه المؤلف فنجده يورد عن الشخصية النسائية مريم ص 203 "فتطلق شعرها كما شهلاء، و تنظر بالكرآة فإذا هي بعيني لاحظة الحوراء ، فتبعث بعينبها غمزا كما فضيلة ، بشرتها ناصعة نقية ك"emma" ، لها لوع جاكلين و جرأة ، ماريا و حبور المالطية و سذاجة أم البرنزي وحكمة جدّته ". و للرواية خصوصيات أخرى منها خصوصية الاساليب الانشائية القائمة على الاستفهام بأنواعه و التعجّب بأصنافه ، مما يجعلها رواية طرح الأسئلة ، لكن أي أسئلة؟ انّها أسئلة الوجود التي تؤرّق الانسان ،منذ الأزل و تلك الاسئلة توجدفي أغلب الروايات ، بيد أن الطريف في "البرنزي" هو كشفها عبثية هذه الأسئلة ضمنيا ، بواسطة سلوكيات الشخصيات و مواقفهم و أقوالهم ، فهي تعيش لحياة بجميع تجلياتها و البحث عن الاجوبة عبثيّ، باعتبار أن ما يحياه الانسان هو تحقيق لانسانيته ، وهي اجوبة عملية عنها ،فاللعب و اللهو و الحب و الشبق و الشجاعة و المروءة و اتخاذ القرارات الصعبة والمواقف الجريئة وتحمل المسؤوليات و تقبّل الحياة بخيرها و شرها ، كلها تدخل في اطار تحقيق انسانية الانسان و في اثبات الوجود و يرد في الرواية شيء كهذا و فحواه كالآتي"نعيش أصداء الحياة خير من أن نخسرها ". و عديد الخصائص و الخصوصيات التي تزخر بها الرواية ، لا يمكن أن نلمّ بها كلها إلا من خلال دراسة نقديّة متأنية تحفر في الخبر و الخطاب و الدلالة ،و تكون في مستوى هذا الأثر الابداعي . غير أنّ النظر في بعض جزئياتها وكيفيات كتابتها ، كالوصف الذي تميّز الراوي بالتفنن فيه ، و لكن أي تفنن ؟ ليس ما نقصده هو التزيين و الزخرفة و اظهار القدرات البيانية و البديعية الذي يكثر في الروايات الكلاسكية و القديمة ، بل إن الوصف فيها دقيق ، مؤطّر ضمن مشروع وصفيّ للراوي فالراوي ملم إلماما و يتمتع بدراية و علم بموصوفاته ، فهو لا يتطفّل على موصوفاته بصفات لاتحملها ،فهو يعي جنسها و نوعها و كيفيات تجلّيها. و منها وصف الشخصيات وبواطنها و خوالجها و أحاسيسها بدقة و مرونة و سلاسة . وهي ميزات فنية للرواية الحديثة . أما خاصيتها الأخرى فهي مسرحة الاحداث : رغم أن الاصل في الرواية القص و في المسرحية العرض ، غير أنّ الرجل في البرنزي يُمسرح الأحداث و يعرضها ، و يُصوّر المشاهد باكسسوارتها و ديكوراتها ،وهو يوازي بين افعال الحركة و أفعال الاحساس. مما يجعله طيّعا و لينا و قابلا للانتقال إلى السينما . و أما من ميزاتها الأخرى الراهنيّة ؛ فهي رواية العصر الراهن لما تتميز به من تطرّق إلى مواضيع تمسّ حياة الناس "كبير و صغير وإلي يدبي على الحصير "، فهو يدقق في رسم سلوك الاطفال و بيان أصناف الشبان و الشابات و أنواع الرجال و النساء و يقدمّ على مدار صفحات الرواية لمحات و رؤى و تصورات عن أنماط السلوك البشري و تفكير الانسان . و حتى لا نتوه أكثر في هذه الخاصية نورد مثالا من ص ص.201،202 يتحدث فيه الراوي عن شخصيات مختلفة لفتيات ، يعشن معا. و لا تخفى النزعة الرمزية في هذا المتن الروائي و لا الرومنطقية و لا الواقعية بأنواعها . مما يجعلها قابلة للدراسة من خلال أي منهج نقدي . وهذا ما يمكن أن يمثل حيرة في عيون النقّاد ؟فهل هذا موطن ضعف و وهن في حبك النص ؟ أم هو ابداعية فاقت الحدود المرسومة لكل منهج نقديّ؟ أم أنّها تدخل ضمن عبث البحث عن الأصل و الجنس و النوع و التيار ،مثلما يحتوي مضمونها عبثية في طرح الأسئلة؟ انها رواية "اللامذهب" و رُدّها عليّ ان استطعت.


Commentaires


© 2016 مؤسسات خليل الشامي الثقافية .  Wix.comابتكار 

bottom of page