خوصصة القدر... - محمد القصبي
--------------------------------
مزهوا خرج القرش محفوفا برجالاته التسعة وهم يركبون سياراتهم رباعية الدفع المرآويات السواد حيث حانة فرنسية قد ثوت في أعلى الجبال المحاذية للرمال الذهبية من الشاطئ... يريد تسوية ما يجب دفعه محاصصة و الفرنسي الذي له نصيب النصف من ملكيتها.. معاملة سلسة قد مرت في أجواء عادية بينهما.. و نادية حينها لم تدرك إطلاقا كيف تم انتقال الملكية و الجميع جلوس في مكان يتناهى إليه لغط الزبناء من كل حدب و صوب .. يا له من سكون يتشظى في تضاعيف الضوضاء امتدادات زمنية مفعمة بالسعادة الآنية و التي تضفي على المكان حيوية من جنس آخر ....إنها حيوية تنم عن استراحة عقل مما ينوء به من أحمال مسؤولة... ضوضاء تترجم انفصال الوعي عن الواقع... و من عتمة السكون انبجس الراوي بين الأضواء الملونة الخافتة و هو يملأ الفضاء لغوا : ---- إنها حانة مميزة من نوع خاص.. تخلو من موائد القمار فلا يؤمها إلا أبناء الذوات و رجال الأعمال لتقرير مسودات الاتفاق حول مشاريعهم الخاصة أو احتفاء بمن رست عليه الصفقات العمومية بفعل إن / يعقوب...و غالبا ما كانوا يحتفلون أسرا و عائلات بانتهاء ورشات الأشغال العامة مما يفتح الباب على مصراعيه لزنا المحارم كتبادل الزوجات تحت تأثير الإفراط في الشرب .. خانة البذخ و الثراء الفاحش بين أمراء مال الحرام قد وضعت لنفسها أسهما في بورصة التداول .. الأسهم التي تعصر عوائدها من دم الفقراء.. الأرامل.. الأيتام.. اللقطاء.. العجزة.. المرضى ... الأميين.. المعطلين.. المسرحين و المعتقلين باسم السلم الاجتماعي...فمن يهتك عرض هذا السلم سيما ممن يملكون أدوات النهم و الجشع الذي لا قرار له وحتى إذا ما قدر جزافا لأبنائهم أن يوظفوا في احد أسلاك الدولة .. فإنهم قطعا لا يكدسون إلا في وظائف أمنية هذا فقط لحماية مصالح هؤلاء النخب الرفيعة مستوى...فأين تغريدة الوطن للجميع... لقد صار مؤسساته محلا للتعاقد بعقد اذعان محدد المدة و القيمة بين أبنائه البناة الحفاة العراة من أي تأمين قد يصون أدميتهم من الهدر ويقيهم من فاجعة التسريح ... بالله كيف استطاعوا خوصصة القدر ..و بغللة هذه الأمة التي هي قد أصبحت لا تجيد النهيق أو الصهيل.. في تلك اللحظة رن محمول القرش المعد للأخبار الشائكة ... مكالمة قد غيرت من ملامح وجهه المرح لتقرأ سمات الغضب الصامت بدل انفراج الأسارير المحسوبة وفق ما تقتضيه المواقف الملعونة .... لم يسمع الحضور من رده غير كلمة/ و لو ..ليعود إلى حديثه و الضيوف بنبر متقطع أحيانا حيث كان يداري حنقه بشكل احترافي..انه قرش لا يستوكر إلا كهفا من الأقنعة المحتالة المختلفة ألوانها... . تساءل الجميع عما تخفيه كلمة لو .....ربما هي خسارة كبيرة قد مني بها في تجارة الممنوعات...أسئلة تتناهى إلى سمع نادية التي ترقص على إيقاع حكمة الأقدار التي أرادها القرش أغنية الليلة بعد أن استبدلها عن أغنية شعبية كانت كل كلماتها ساقطة ..يستعملها متى كانت الضحية تجالسه لأول مرة و كأنه بكلماتها الخادشة للحياء يهيئها لما قد تأتيه طوعا أو كرها كأن تقدم جسدها للافتراس المرضي أنى شاء فما أكثر الجواري البيض ينتجهن كسلعة بيولوجية من بنات الهامش المغرر بهن و المستدرجات إلى علب الليل .. بوابة الموت الصامت للعذرية و الأخلاق ... فنادية ملك الجميع و محتوى أسرار الجميع.. لقد فقهت أسلوب القرش في سيادة عالم الجريمة كما أخذت من حكامة الزعيم الإجرامية ما يجعلها امرأة ذات ثقافة لكنها بلا أمومة تسعى.. بلا مشاعر تهيم على وجهها راحلة غانمة..بلا حب صادق راجف إلا متى التقت بالعجوز عندئذ فقط تعود إلى فطرتها الأولى لتحيا في أعماقها جرح أنوثتها المغتصبة بفعل الحرمان ...انه رمز العائلة التي حرمت منها و هي رضيعة....تذكرته حنينا و استبد بها مجون الكأس فأخذت كل مأخذ بصورته التي صارت تنطبق على وجه القرش الماثل أمامها و بينما هي تراقصه و تتغنج على صدره بين اللمس و التقبيل... أرادت المسكينة مداعبته و قد استحال أمام ناظريها ذاك العجوز.. دغدغته فما كانت منه إلا صفعة قوية قد هوت على ام وجهها البض الجميل الوضاء اشراقة ...وهو يصيح غاضبا : --- متى كانت الأتان الجرباء تتمسح بالأسود المالكة أسرار رهبة الجميع ....أنت رهينة هنا و كأية بضاعة قابلة لأن تكون محلا للمقايضة أيتها القحبة المعتوهة... آمنت نادية باسترقاقها المقيت ..كما آمنت انه لا خلاص منهما إلا بالمضي قدما في عالم لا يسمح للداخل فيه العودة منه إلا ميتا بلا نعش قد يلقى في الفيافي تنهش لحمه الغربان..الحدآت وذئاب القفار أو أن تحلل ذبالا في المساحة التي تسجى جثته النكراء فيها ... ذل من بالت عليها الثعالب.. في كبد الليل ..عاد القرش للقاء الزعيم الغادر لميثاق المودة ..فهو صاحب المكالمة التي وردت حاملة من الأنباء ما كسر خاطره و أغاضه كثيرا حد صفع الرهينة الواجب احترامها لأنها بمثابة وديعة بشرية تمثل الضمان تحت يديه حسبما تجري به أعراف عالمه المحكم بقوانين زاجرة حد الموت ... دخل معية نادية البهو تحأرضي ينتظر الزعيم .. لقد كان لقاء الغرماء يخلو من أية ابتسامة تفيد المداهنة و لو على سبيل المجاملة و الرياء كالمعتادة بين أناس عاديين ... معا أخذا يتحدثان في أمر ما قد يلخص أنباء غير سارة إطلاقا قد تؤثر على مستقبل حسن العلاقة البينية التي تجددت ساعتها من خلال المكالمة السابقة وعدا موجب البرور به و باقي الشركاء... كان الحديث حامي الوطيس و نادية تتابعهما و هي لا تفهم مما يقال لان الحاجز الزجاجي بينها و بينهما سميكا جدا يمنع الصوت من الاختراق... تتساءلت مجهدة :--- فيم يوشوشان يا ترى ؟؟؟.. ولم عزلت عن مشاركتهما سرا كهذا؟؟؟ ضغط القرش على الزر الاتوماتيكي ..رفعت الستارة الزجاجية فإذا بنادية لا يباعدها عنهما إلا مسافة حاجز الستار السري الذي أصبح بحكم الاختفاء وهميا ... انه زجاج مصفح ...يحمي القرش من أية رصاصة قد تطلق من مسدس غادر ... بعد لحظة من الحديث الجاد الذي دار بينهما بلا هوادة.. تفاحات نادية مما شاهدته عن كتب .. فلأول مرة تراهما يتصافحان يدا في يد مما أثار استغرابها و السباحة في يم من الاستفهامات المحيرة : ---ترى ما الذي جمع الآن بين المغربي و الشامي ؟؟ لا بد أنهما قد اتفقا على أمر جلل ما سينفذان معا في كواليس الجحيم خطة من شانها أن يتقاسما معا العوائد مناصفة بينهما.. --- ما الفرق في التخطيط بين من يشتغل في كواليس الحكومة و كواليس زعماء الاجرام ؟؟؟؟ ففي الحالة الأولى قد تعد برامج تمويهية لسرقة المواطن بكل غباء و الدليل مما حصل من سرقات للصناديق العمومية وقد حلت المسائل بخطة التعاقد هذا على سبيل المثال لا الحصر ... بينما الثانية فهي أوكار وحيدة النفق مدخلا و مخرجا اذ من خلالها يصنعون تصاميم للاستحواذ على كل الثروة المتجددة الممكنة و الخيالية بحكم الذكاء و صدق العمل الشفاف...زعماء الإجرام اصدق إيمان بوطنيتهم من هؤلاء اللصوص الذين هم بأزياء رسمية يتاجرون في بطون مضمرة جوعى و عانات كثة و أسمال رثة لأناس منبوذين يبحثون في اقتتال دائم دام بينهم عن سر محاولة عيش .... هكذا تساءلت نادية وقد تيقنت أن اثنين من علماء الإجرام كالقرش و الزعيم هما بوزن أعضاء و برلمانيي الدولة و الحكومة العربية بأجمعهما كلبا على جحش..و يتساءل الراوي لم كل هذا التحامل حقدا على الوطن المبارك الأمين بسلمه؟؟؟.. أو هكذا يكون الوفاء المقدس لأرض تحمل تاريخا مقدسا مجيدا بعظمائه ؟؟؟ ..
يتبع
------------------------
من رواية صدام / الفصل 27 1/3/2017 القصر الكبير المغرب الأقصى