وطنية طوطمية - محمد القصبي
من رواية صدام.........الفصل 18
-------------------------------
--- كان هذا الحوار مبدأ حديثنا الأول سيدي لو تتذكر..: - مندهشة صاحت... كان ذكيا في ربط ما سلف من حجاج لتشعيب الحوار و تشجيره وذلك لترسيخ مزيد من الألفة و المؤانسة بينهما و من ثمة قال بدهاء تتخفى معالمه في نبرة الجد: --- الحرف ذو سلاحين سيدتي ..إما شماعة لتوصيف آلامنا أو نبراسا يقودنا ضوؤه إلى حيث يجب أن نكون قادة الأغبياء..سيما و أن هذا الحرف التشريعي الذي جئنا نطلبه في أرذل العمر يعمر إباءه طويلا بين هذه الأصناف الحجرية من البشر .. في تلك اللحظة الساخنة من عمر الدردشة قاطعته مستاءة قائلة: --- لقد فررت من عالم المال و الأعمال عشقا في هذا الحرف و سطوته و شموخ عدالته التي هي من وحي السماء... - الكتاب قبل الخبز..لو تعلم .. الحرف القانوني برج عاجي لا يستوطنه إلا الأحرار إذ من سناه تتعدد مشاعل الطريق إلى الله و الإنسان هكذا يجب علي أن أتعلمه صرخة ضمير متقدا بالأمانة العظمى... الحرف قسطاط بعظيم جلاله ..وفسطاط للثقاة على هديه و محجته و أنت ما موقفك سيدي؟؟؟ نظر إليها متفرسا تقاطيع وجهها و نفور نهديها و رشاقة قوامها و امتلاء أردافها ...كل شيء فيها قانون و عزف على اشتعال الرغبة البهيمية ...متلمظا كبث سحرها الأخاذ في نفسه...إنها حقا مدونة الجمال في جل تفاصيل موادها العابقة انوثة و رشاقة .. في عز هذا الصمت الملغوم حديثا نفسيا مصطخبا بادرها بالقول: --- لن أجيبك حتى تناوليني سيجارة أخرى من فضلك ... أجاب و الدخان يتراقص بين شفتيه قائلا: -- لم أكن اعلم يوما أن الحرف لازال يعد وفق الراجح قناعة جسرا إلى ما تفضلت بقوله لما له من امتيازات تفضيلية على مستوى تغيير المصير ... وأداة تبرر السطوة في التحكم و توقيع حميائية التقرير للانا المضطهدة بسبب شراهة الطمع العاصف بالضعيف ... و مع ذلك فقد تراجعت بالمرة هيبته و ارتدت سلبا مسحة وقاره... ساعتها تدخلت بعنف ممسكة بذراعه : --- ماذا؟؟ كيف؟؟؟ كيف ذلك أيها السيد المحترم ؟؟ أجاب بخبث الثعالب مستطردا يقول : ---إننا زمن الكساد المعرفي أيتها الأميرة الضليلة ... حتى فروض الإرث بإمكانك معالجة نوازلها من خلال برنامج الكتروني معد سلفا لهذه الغاية ...لقد تسوى الآن كل شيء أمام هذا المد الطافح بالمعارف لكن بالموازاة فقد عمدوا إلى إقبار الطبقة الوسطى هذا حتى يكون هذا الحرف الأكاديمي وفيا لمنهجه أي البحث فقط في تاريخ العلوم و التطور التاريخي للقواعد القانونية و كذا أصناف الأدب و اتجاهات مدارسها بحثا يخلو من الثورية العلمية ... و كل مستجدات قضائية انما هي مساطر موجبة التفعيل لحماية مصالح القلة الحاكمة ... ضاحكة استدارت نصفا: --- يا للهراء/.....تابع أيها المحاضر في علم الثورة و سفر عدالة توزيع الثروة....ههه متجاهلا استفزازها واصل تحليله الممنهج ضلالة حسب اعتقادها : --- لازال منطق حمو رابي .. الألواح الاثنا عشرية و كل قوانين الجاهلية تفصل بحكامة عولمة اليوم ثوب القسطاس و الفسطاط معا على مقاس الأغبياء حبا و عشقا.. بتؤدة دافئة الصوت التفتت إليه تقول: ---و هل هذه الجموع مدجنة مهجنة يا سيدي ؟؟؟ لم كل هذا العنف اللفظي و الرمزي ضد من لهم تاريخ في تطور العلوم.. هؤلاء هم من أبدعوا صنع مدنية اليوم ....بحروف الأجداد المودعة في بطون الكتب سيدي فحسب كان للغرب شرف قيادتنا اليوم.. من خان حجية الحرف فيصلا إذا أيها العجوز؟؟؟؟؟ غاضبا صرخ في وجهها : --- لم يعد هذا الحرف مشعل الثورات الفكرية سيدتي و لم يعد سلما ترتقي به الطبقة الوسطى بالحراك الثقافي وسيلة و غاية منشودة إلى مقارعة الفئة القليلة الحاكمة بما يهددها ... لم يعد الفقهاء يعزلون الحكام .... لقد أصبحوا داعمين لنظرية الفيض الإلهي ......أصبح حرفك.. حرفا تعليميا فقط لا يفيد إلا في تبرير غاية التعليم المفتوح تهذيبا للذوق وتنويرا للشخصية مصداقا لقوله ص- اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد --... انه حرف يمدنا بثقافة سطحية قائمة على فك الرموز الأبجدية فحسب... كم هو مؤسف حينما تلاحظين أن البرلمان كمؤسسة تشريعية بها من نسبة أمية ممثليه ما يستدعي الاستغراب و ضرب الصفح مقاطعة لأي استحقاق دستوري ... فهل هم تحت قبة التشريع في حاجة إلى مثل هذه الحروف التي صارت تشيئ طلابها إلى أدوات حفظ تبرمج على فن الإعادة و التكرير ...فالقوانين بحروفها مستوردة مملاة .....ووفاء للرمز المفدى- وحده- ترانا سيدتي نكثف من مشاركتنا دفعا بديمقراطيتنا إلى مصاف دول صارت تؤمن بانجازاتنا العامة في مجال العمارة و باستقطاب استثمارات أجنبية لكن ما يعاب على جانب منها إنها شجعت السياحة الجنسية مما يتعين الوقوف على أن هذا الحرف صار يلقن بمعزل عن الأخلاق .... ----- سيدي بت تهذي كثيرا ...من اللازم تنظيم الأفكار و تحديد المجالات ...فلكل مستوى حيثياته... لا تفلسف الأمر رجاء .. أخيرا صرت تهادن دلالة على النفاق الوطني: هكذا ردت له صيحة الغضب حجة بليغة الإقناع- فلم يكن له بد غير الدفاع عن صدق وطنيته قائلا: ---أحب وطني لأنه تاريخ حكم الأمصار عدالة بشريعة الله و التي أصبحت اليوم تطعن في جغرافيتنا المقدسة افتراء و رياء...أما علم الحروف القانونية التي لا زلت تؤمنين بسلطتها على إنصاف المقهور من تعسف الأقوى سلطة و مالا و نفوذا ... فغدا ستتعلمين قواعد المساطر المنظمة لشكل الحق لا لجوهره تحقيقا ..و قد تشتغلين عليها وظيفيا ساعتئذ ستصطدمين بقانون آخر لم نتعلمه في الجامعة إطلاقا ...قانون اشتر عقوبتك بالمال أيها السجين... قانون/ بكم تشتري سراحك أيها الأسير....؟؟؟ للقانون رجالاته الذين يتوارثون منابره في المحاكم في المدرجات ...تأملي إذا مباريات التوظيف في الجسم القضائي كيف تتم أجواؤها ؟؟و كم من المتبارين يتنافسون حول خمسة عشر منصبا في مجموع دوائر الوطن الترابية ؟... إنهم يعينون من خلال مباريات وهمية قضاة تنفيذ التعليمات فقط..فأين قداسة الحرف المشحوذ همة على صخر الكفاءة و المساواة في تقلد مناصب الدولة العامة... حدجته بنظرة شزراء حانقة دلالتها: ---الوطن للجميع... ونحن من نصنع بالاستحقاق الذي تفضلت بنقده هذا المصير و إن المسالة إذا عمت هانت فكل بلدان الوطن العربي على نفس المسار تحيا على قيم و مبادئ وطنية مقدسة و مع ذلك فهي تكافح اللبيرالية المتوحشة التي يقودها لوبي الفساد العابر للقارات على قدر استطاعتها.. بلدان لا زالت تؤمن بوطنيتها ايمانا غاية في القداسة ... فبين مساحات الصوت الخافتة المميزة بمزق حشرجات و تقطعات النبر توجه إليها يقول: --- وطنية طوطمية ... سيدتي الحسناء.... حق لك أن تتعهري .....وكفى .... يتبع
----------------------- محمد القصبي 18/02/2017 الرباط المغرب الأقصى