من رواية صدام...الفصل 17 - محمد القصبي
-------------------------------------------
فقيدة الثأر / سالومي..
لماذا لقبت باسم تجاري رهيب كالعملاق و الجميع من معارفها يعلمون أنها ذات قلب مفعم بالطهر و المحبة الخالصة... هي أيضا فضلت هذا اللقب ألذكوري للاختباء وراءه لغزا يملا الصفحات القانونية لأعمدة أحداث الجرائد الوطنية ...آثرت القبول به و استعماله من وراء جدر لتمويه رجال السلطة هؤلاء الذين كان لهم دور بارز في صناعة هذا الاسم فهم يعرفونها حق المعرفة حركة و سكونا .. ثم ان نصيبهم من المال يوزع في حقائب على كبار قادتهم... فهم من وضعوا لها هذا الاسم و هم من منحوه الحماية اللازمة كيلا تجف روافد ضخ المال الحرام إلى جيوبهم....ما أصعب التفكير في تأصيل مسالة معقدة و شائكة عند المقارنة بين لصوص على انحراف الفطرة الطبيعية ولصوص بأوراق رسمية... و في ليلة حمراء ماجنة طلبت نادية / العملاق من الزعيم الذي تلازمه كطيف ثالث له أني تحرك.. ضرورة استئناف دراستها الجامعية... حلمها الذي تقعر أساس عمقها لما كانت نزيلة دار الأيتام...فرغم توظيفها مثل الذين أحسن أليهم بدعم من الحكومة كإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية ..و أسوة ببعض النزلاء المنعوم عليهم بما يحقق شرط الانخراط في الحياة العامة اجتماعيا..لم تنس قط حلمها في استكمال دراستها العليا ... لقد أقنعته بضرورة المشاركة في الحياة العامة كإنسانة عادية حتى لا تثار الشكوك حولها ... و كم كانت تردد عليه اسطوانة انه لا ينبغي للمرء أن يثق إطلاقا في البحر .. النار و في المخزن .... الأيام دول و العالم صغير لكن معارفها على قاعدة عريضة من المجتمع يعرفونها معرفة عين و صفة بفعل العمل و الانتقال في المداشر تغطية للمراقبة الطبية أقنعته أخيرا باختيار شعبة القانون حتى تمنحه الحماية ضد تقلبات الزمان ... استأذنت منه السفر إلى المدينة التي تفضل استئناف دراستها فيها لأنها مركز المعاملات المشبوهة... و هي المدينة التي فيها كازينو الزعيم للقمار و العلب الليلية .... بشوق حار هاتفت ليلا صديقها العجوز تخبره أنها سوف تسافر إلى طنجة و يجب أن يلتقي بها صباحا في الكلية .. هذا حتى تستأنس به قضاء لحوائجها الإدارية ..فما كان منه إلا أن نهض فجرا استعدادا للسفر .. اخذ عدته كطفل الابتدائي الذي سوف يدخل المدرسة لأول مرة... ركب القطار و فكره لا يتوقف عن إنتاج أواليات الخطاب و مشافهات الحوار متدفقة من مخيال ثر بإنتاج المواقف التي لم يألف اختبارها سابقا ...التقى بها و بما أعده من أجندة الكلام ...إلا انه نسي كل شيء لحظة المقابلة وجها لوجه فصار الحكم للغو الواقعية... سلمت عليه بحرارة غير معتادة ... مصفرا سألها عما إن قبلوا طلبها هذه المرة... للأسف تم رفضها مجددا لفوات أوان التسجيل و التأخر في متابعة هذا الطلب مما تعين معه إرجاء القبول إلى السنة الموالية ...انه نصر محقق لكنه معطل الحركة ....ستنتظر إلى حلول الموسم الجامعي الجديد .. سعيدة بلقائه لأنه سوف تحيا طالبة موقوفة التنفيذ لكن هذا لا يمنع من ممارسة شغب الحوار و الجدل الثقافي ثنائيا و الذي يمنحها التفكير الإحساس بالوجود الرمزي..أشعلت سيجارة في المكان الذي آلفت التدخين فيه.. ناولته واحدة من الباذخة صنفا.. فكان من الأدب أن أشعلها بولاعتها المذهبة ذات الخطوط الفضية المتعامدة...أعجبه كثيرا منظرها..لقد احتفظ بها كهدية منها دسها في جيبه ثم سألها دون سابق توطئة : ---أما زلت في الدار البيضاء تمارسين شغب الشباب ؟؟ ضحكت ثم وشوشت بعد أن أخذت نفسا عميقا من الدخان : ---- خجلت من توظيف اللفظة المناسبة سيدي .. أخشيت جرح كبريائي......من الصعب جدا أن تعترف المرأة كونها داعرة...لم لا بكل جرأة أنا عاهرة لكنني من الطراز الرفيع سيدي ..عاهرة ذات نفوذ سحري آسر..أ لم أسحرك بجمالي بفتنتي و قوام هذا الجسد الراقص على أحلام الشيطان .. لاحظه.. تأمل رشاقته كيف أن براءته قد عفنتها أنانية الرجال موشوشا بشوشا غمز لها: ---- عاهرة..؟؟/. أحقا؟؟ أجابته على الفور:----عاهرة متعددة الاختصاصات .. مستغربا باماءة من رأسه:--- مثل ماذا يا سالومي ؟؟؟ و بكل ثقة في النفس همست له : --- لا استطيع البوح بسر المهنة أكثر من ذلك . و أنت ما تفعل في الحياة الآن احدث عاهرة إذا أنا إما خليل أو قواد --- : بوقحاحة غير معهودة منه اطلاقا اجابها قهقهت بشدة لكنه سألها متحسرا :--- ما الذي جعلك أن تختاري هذا الدرب الوضيع و لك من المؤهلات ما يجعلك سيدة المجتمع ... أنا فعلا سيدة المجتمع .. ترى ما الفرق بيني و بين تلك العزباء التي تتأبط ذراع رفيقها إنهما يمارسان الممنوع مجانا باسم الحب أليس هذا شكل من الدعارة .. اخترت طريقي فقط للانتقام .. و ما رأيك في نساء يخن أزواجهن فقط لأنهن أغرمن فيمن هم مميزون عن بعولتهن فحولة.. و عاملات أخر يجبرن رغم عفتهن على ممارسة البغاء تحت طائلة التحفيز ووو..اصبح البغاء سيدي حرفة لمن لا مهنة لها .... فاستوضح منها قائلا :-- لم افهم معنى الانتقام الوارد على لسانك بعد قليل ربما لأنه لفظة خارج سياق الحديث ... متذمرة استطردت تقول :--- موقف يصعب شرحه ..دع هذا للاتي من الأيام ... في حين كانت تردد في نفسها كم احبك أيها العجوز الفقير حظا في البقاء ..حضورك يمدني بإحساس الأبوة الذي حرمت منه وليدة .. آه كم أتمنى لو أنادي عليك بابي أبي.. ما أحوج لساني أن يتطوع على ذكره آه ما أصعبها من كلمة وازنة قوية و صادمة قاتلة إن كانت فارغة الشكل من أي إحساس... الأيتام وحدهم من يدركون سر الكلمة البليغ ...لان هذه الكلمة وحدها كفيلة أن تمنح لنزلاء الدار و للقطاء معنى الانتماء و الهوية ... إلا أن العجوز كان يحاول إقناع نفسه كونها اصغر منه عقودا و بالتالي لا يستطيع أن يتزوجها شرعا لأنها سوف لن تكون على شاكلة زوجته حتى تفي بما تقتضيه طقوس المعاملة الزوجية كما ألفها منها ... انه يحبها صدقا لأنها امتلاء فراغه في الأعماق آه لو يستطيع أن يشرح لها قيمة هذه الكلمة سيما وانه من كبار السن ممن لا زالوا أحياء بما هم عليه من مقدرات نابضة بالقوة و التجاوب .. آه لو تعلم نادية مدى إشعاع هذه الكلمة في القلب لأدركت أن صاحبها قد يمسي فرقدا بين الأجرام السماوية عاليا .. هاديا لمراكب العشاق اينما هاموا على وجه المحيطات ..الحب سر سعادة العجزة ... بعدئذ قارعت حديثه قائلة:--- فيم تفكر سيدي؟؟؟ ...تحركات بؤبئك تنم عن أفكار حالمة قد تجنحتك بعيدا... فأجابها مرتجفا:-- لا لا.. أبدا أفكر في الحرف الذي سأتعلمه هنا نبراسا مضيئا آخر الأشواط من حياتي ...فيم سأنفع به نفسي و الغير ؟؟؟ثم أيضا هل سأكون في مستوى فهمه و الإبداع في إغراضه و الإبحار في مضامينه تجميعا و تأليفا أم أنني ألاعب شيطان الوقت الثالث الذي يجب آن يملا بالصلوات المفروضة و المسنونة عوضا ..و اللجوء إلى الزوايا الدينية للتفقه في طقوس مريدها من الأشياخ و الأتباع ... دعنا من الزوايا فلقد انتصرت للإيديولوجية السياسية عهدئذ أكثر من انتصارها لتوا بث الدين و أطروحاته في الجهاد و رد الاعتبار التاريخي للبلاد و العباد ...لقد مضى زمن الزوايا إننا زمن اثباث الذات و حمايتها و لا يتأتي هذا إلا بسلطة الحرف القانوني الذي نستمد منه لعبة حماية مصالحهم... هكذا قالت اندهش العجوز فاغرا فاه: الحرف القانوني ؟؟؟. يتبع محمد القصبي 17/2/2017 الرباط المغرب الأقصى