مطارحات ملغومة الاستثناء - محمد القصبي
------------------------------------ من رواية صدام/الفصل 14
-------------------------
لقد علم العجوز كل ذلك من خلال موعد جمعهما بالجامعة مرة ثانية... حينما التقت به آنئذ لتستفتي و إياه عما إن تم قبولها لاستئناف دراستها الجامعية ..جلسا معا في المكتبة و أخذا يتجاذبان أطراف الحياة...لقد ارتاحت إليه أبا و صديقا و رفيقا في درب المعرفة....الآن بعد فوات القطار أدركا أن الجامعة بوابة عريضة لاستقبال كل المنهارين نفسيا ممن شاخوا فأرادوا إدراك الركب مجددا... فالطريق إلى إمارة الحرف شائك و بعيد جدا ... في غفلة من الجميع اقترب العجوز من الراوي المتستر في ظله الأسود البارد ثم سأله: --- أتعلم أين هي الآن؟؟؟ فاجاب الراوي متذاكيا :--- من أيها العجوز الاخرف؟؟ بلهجة حادة النبر رد على الفور : --- الفتاة التي تمثل أسرتك .. عشيرتك ..قبيلتك... فصيلتك ...ملتك.. الفتٍاة التي تمثل أنصاف كل هذه المؤسسات الاجتماعية .. نادية...نادية ... فاجاب الراوي غاضبا : ---نادية نموذج للقطاء ...لا يعبر إلا أصالة عن نفسه الموبوءة شرا... ليس كل النساء على شاكلتها يعثن فسادا و تدميرا للوسط إلا من أتى قلب نادية شبها سليما من إي اختلاف ضحك العجوز مستصرخا الرحمة فيه :--- ألا ترحم سيدة أهينت تربية ..اغتصبت شرفا و دمرت يأسا...الجميع مسؤول عن صناعة هذا النموذج الذي بت تتنكر له أيها الراوي الذي فقد سلطة السرد هرطقة... هذا فقط لأنك ضمير الأغبياء في الحكم لا في تقرير المسكوت عنه .. فقط لو تدرك أنها الوجاس الذي يمكن بفضله قياس إجرام المجتمع .. فقاطعه الراوي حينئذ قائلا : ---- و أين هذه البريئة التي تشبهت برابعة العدوية تزلفا؟؟ هل ترصد بالحفظ أقوال الحلاج حتى تتعلم فن الحلول في الذات العليا و هي العاهرة.. الداعرة المومس الذي تنقل أخبث العدويات إلى البشر ....نعم إنها نموذج تحاكيه النساء في الرذيلة بالله عليك أين هي هذه الصورة التي سمعتك يوما تقول عنها: – رسمت لك في حواء اصدق صورة ...أخطأت أم البشر فكيف لا أنت ؟؟ --- لماذا سكتت أيها العجوز الأخرق حدثنا عن مكانها الساعة لو تعلم ؟؟؟ بصوت متهدج قال و لب القول ما قال: -- سمعنا وبئس ما وعيناه كون- الحقد يعبر عن ذاته في النيل من الآخر عن طريق الحرمان - اعلم رحمك الله و أنت حي في مقبرة الرواة الذين زوروا التاريخ... و صنعوا من الخونة أبطالا كارزميين.. أنها الآن بمدينة الداربيضاء تمارس شغب المجون .. و في عز لحظاتها الحميمية هاتفتني دلالة عما تعانيه من فقر العاطفة الأبوية...تدخل الراوي و قاطعه مستهزئا : --- وان لم يكن ما تعتقده فبم تفسر هذا أيها المراهق الأبله ؟؟ استطرد قائلا : --- فهذا يعني أنها تفكر بي كرجل يدفئ بحضوره جانبها .. من يدري ...انأ أيضا لي بعض السحر قد أميز به بين سائر معارفها الذين ينهشون بلا تؤدة لحمها المرتجف ضعفا لا لذة... أجل.. ربما قد تأثرت بخصيصة ما عثرت عليها في شخصيتي أيكون سر الاتصال دافعه الحب...لا لا مفارقة صارخة و إلا كيف عشقت الحسناء الوحش .. أضغاث أحلام تمزقني عمقا من يدري فالبنت يتيمة الأبوين ربما أرادت مني تعويضها عن حرمانها من مشاعر الأبوة كما سلف القول..لا لا فهذا افتراض خاطئ لان من يستشعر بشوق الأبوة لا بد من احترامها فكيف بها لحظة عيي حديثها معي اكتشف أنها مخمورة حد الانفصال التام عن العقل الواعي بدلالة الضحكات العالية ... وآية حبها المسجى في لحد لاشعورها أنني سمعت من رجل كان بالقرب منها يقول: ---- أنت الآن لي فجسدك مدفوع ثمنه.. ثم طفق يناجي نفسه مستغربا : --- أيعقل أن اعشق في أرذل العمر عاهرة....لا.. لا معاذ الله...لكن القلب و ما هوى بل هوى إلى الحضيض مهشما كالمهاجر على ضفاف اليأس يتساءل:---أحقا أحبها و أنا المفجوع الموجوع في وحيدي ..؟؟؟هب أنني اعترف بهذا لكن ما هي الأسباب التي جعلتني أتعلق بها شخصيا دون غيرها في حين أن موظفات زميلات عرضن علي الزواج فامتنعت وفاء للعلاقة الزوجية ؟؟ -- و هل بامكاني اليوم أن أعيد الكرة فأتزوجها ضرة على زوجتي التي شاخ بها العمر بين يدي؟؟؟ -- أأكون خائنا لها و لفقيدي على السواء؟؟؟ .. لا ريب في ذلك...فالاسلام متعنا بأربع على شرط العدل و هل أوفق حتى أكون منصفا للجميع بما فيها نفسي معهما ؟؟؟...--- ما هذا الحديث السخيف الذي يلغى من رجل طاعن في السن...؟؟ وكما لو أن الراوي الحصيف قد قرأ أفكاره.. اجبر لحظتئذ على ملأ الوقت المستقطع .. فتوجه إليه بالقول عابثا بأصبعه.. يمرره في مفرقيه : -- أليس من الأجدى فائدة مساعدتها في توجيهها الوجهة السليمة حتى تعثر على براءتها ؟؟؟...كم أنت أناني .. جاحد لنعمة التوبة و الاحتساب إلى الله....فالأنثى ليست للافتراس ...الكريم من أكرمها أيها اللئيم ....ما المانع من أن تتزوجها درءا للمفاسد؟؟؟ و كما لو أن الراوي قد طعن وفاء العجوز لزوجته تظاهر الأخير بالغضب صارخا في وجهه : ا-*-* أنت صادق فيما قلته من بديع الكلام و استضمارا بما عيرت به ضحية المجتمع كنادية و في وفائي بسيدة البيت الأولى أعظمك سلام الأحرار .. هذا لأنك الخصم و الحكم بقوة و سلطة ونفوذ العقلية الذكورية الآمرة بما يمليه عليها الواقع من عرف متصلب مستبد بجماجم .. ولكي تبقى فهي عدوة السقوط .. أنت من تمثل ثقافتها الشرقية الموجبة التقديس قدرا رفيع الشأو... أسفا أنت رمز خالد لنظرية الفيض الإلهي سيدي لا املك إلا تجربة و عكازا ... أما أنت.. فأنت الإمام بالسرد و الصولجان و سيد النهايات للحكايات التي من انساغنا المتجلطة لن تنتهي إلا بما شئت عليه ان تقفل ضد مجهول قضاياها المبعثرة دما و دمعا ...لا.. لا و بين لا و لا اكرر لفظي .. غضبي ثورتي و ضعف حيلتي... يتبع
---------------------- محمد القصبي 12/2/2017 الشكور/ عرباوة المغرب الأقصى