رقصة الحب - عبد الكريم ساورة
--------------------------------
إهداء : إلى كل الذين يتحلقون على مائدة التفاهة ويأكلون منها بشراهة، أهدي لهم رقصة الحب * عبد الكريم ساورة
--------------------------------- نستعد لحرق كل المراكب التي أوصلتنا إلى الضفة الأخرى مقبرة الضمير، اعتقادا منا أننا سندفن أنانيتنا وشحوبنا الذي نحاول أن نخبئه بالضباب الكثيف الذي يغطي تقاسيم وجوهنا الموشومة بالأسى . ما الذي يجعلنا نلتف حول التفاهة ونبكي عليها عندما نرى المراكب تلتهمها النار وهي تحوي كل ذكرياتنا التي تديننا وتجعلنا مجرد أرقام نصنع بها حسابات تافهة ؟ أين الإنسان الجميل الذي نحمله وندافع عن طفولته وبراءته الخضراء كورق النعناع الذي تفوح رائحته الطبيعية ؟ أين يختبئ الحب ؟ هذا الرجل الأسطوري الذي ذاعت شهرته بين خفقان وهيجان وسهاد وفتنة مدوية. الحب هذا الرجل الصوفي الذي يصلي من أجلنا جميعا عندما نصر أن نجعل التفاهة قبلة حقيقية لنا. سمعت كثيرا عن مدن العشق ولم أسمع صراخ العاشقين وقصائدهم تتلوى بأوجاع ومخاض إنساني ، مجرد كائنات تبحث عن قبلات لشهوة مفترضة . نرقص كل الوقت عند سماعنا أغنية الحب، وإحساسنا شاحب كعرافة شمطاء من الزمن الغابر. نغادر بيت الحب وأنسامه في كل فرصة نفض بكارة الولاء كأفعى تصيد صيدها ساعة قيظ . أسماء كثيرة صنعناها من ورق دون أن ننتبه أنها تشبه القنافذ نتحرش بقصائد الحب لهؤلاء الأبطال الذين ولدوا من رحمنا المعلول ونقتسم معهم غنائم الذل بعدما يكشف الزمان قبح عورتهم . ما أتفه الحب عندما يتم تتويجه لتجار القصائد المضروبة. ما أكثر القصائد التي تركب سفينة الحب وتسافر إلى أعماق المحيط بدون أشرعة بحثا عن امرأة ساحرة تقدم كهدية لعيد ميلاد لرجل يجمع التحف النادرة، فتصطدم بالصخر في أول عاصفة وترمى أشلاءها كالزبد في قمامة الشاطئ . أشياء كثيرة ذات معنى إنساني كبير ضاعت من بين أيدينا في لحظة شرائنا مقتطفات من الحب دون استحضار خشوع حقيقي ورقصته الساحرة. تذكروا جيدا أن الحب لايرقص سوى لقلب يستحق الرقص.