حبيسة
يسرى الزاير
انتعلت حذاءها الرياضي وانسابت عبر الغابات تسامر ذاك العليل بعد يومِ ماطر,بصرها معلق يلاحق الديم وتشكيلاته المبهرة وكأنها في مضمار للخيل, في حين السحب الرشيقة الزاهية بجانب السطوع وكأنها تقوم برقصة بحيرة البجع والحسناء النائمة,,,و الدافئة تسترسل لتداعب الكائنات الواثبة من جحورها لتقتات قوتها بعد يوم طويل,تلفح وجهها الخمري بإلحاح فتحث تلك النرجسة الخدرة المركونة بأغوارها منذ زمن بعيد على الاستيقاظ, تتجاهلها كما اعتادت أن تفعل دائماَ,
اليوم تضخ جرعة أكبر من التجاهل....فتحس بارتعاش النرجسة وقد أخذت تضاعف مقاومتها تمرداَ على ذاك التجاهل..بعزيمة وإصرار تغير حركة الارتعاش إلى انتفاضات قوية تجبرها على الالتفات لها... بتردد تخفف من سرعتها تتأمل كل ما حولها وكأنها ترسمه بذاكرتها قبل بصرها, تأخذ نفساَ عميقاَ بلوعة عاشقة أضناها البعد تتنهد متمتمة أيتها المرأة لست ملك نفسك فكل ما فيك, بل و ما حولك فلك حياتك وهبتيه له!!...
حسناَ أيتها النرجسة: ماذا تريدين؟ لما هذا التمرد الآن؟ تجاوبها: سئمت الخدر أغاظني ركنك لي في حيز الانتظار!! أغضبني تجاوبي لقرارك المتعسف ضدي... اسمعيني جيداَ لن أتوسل لك,بل أطلب منك ولابد أن تلبي طلبي وحالاَ ....هيا أطلقي سراحي, أعطني حريتي وكفا سذاجة أيتها الجبانة المتقهقرة !!! أنا نرجستك ولا يخفى عليك بأنني أمثل الشهامة والنخوة...أنا هبة الخالق لك,كوني على يقين بأنك كلما سقيتني ورعيتني كلما غدى عالمك بساتين من النرجس. ما بك لا تردي الجواب؟؟
أنا بانتظار إجابتك,وأرفض العودة إلى ما كنت عليه,,,لم أخلق للركون بأغوار روحك,,,فإن أجبرتني فسوف أجمع بتلاتي وأنتحر بها سأحترق ولن يكون وقودي سوى ندمك وألمك لفراقي... هيا!!أجيبيني...أجيبيني ....قولي أي شيئا دافعي عن نفسك برري ظلمك لي كل تلك السنين....فقد كان ظلمك لي كبيرا وقسوتك شديدة,,,لن أقبل به بعد الآن....هيا...هيا...انطقي؟؟. حسناَ......حسناَ: أن كان ولابد من الجواب,,فجوابي هو الصمت. !!!.أيتها المتعجرفة البائسة أطالبك بجواب,,,تقولي صمت
نعم الصمت,فصمتي يجعلك حبيسة مركونة نعم...ولكنك تبقي موجودة,,,بينما جوابي قد يكون ثمنه باهظا جداَ,,,قد تتلاشي من عالمي للأبد. فانتحارك بعزلة وصمت...أعز لي من أن تنتحري بأعين والسنة تارة أو تسفكك أعراف خرقاء تارة أخرى...ويلوكك الحقد والحسد ويطعنك خنجر استخفاف وتشكيك بكينونتك أحياناَ,,,قد يتكالب عليك التحبيط من كل لون دون أن يرف لأحدهم جفن فهمتِ؟؟؟. نعم فهمت:.... لكنني أقبل بأن أموت بكرامة فيعلن موتي,,,لا أن أنتحر وأنطفئ مثل قبسة لم تبصر ضياء ذاتها....أطلقيني لأموت ملتهبة فأترك أثراَ من لهيبي يذكر بأنني يوماَ كنتُ هُنا.