بين مدح وذم ------------- (كثر الهمز واللمز ..والله يقول ( ويل لكل همزة لمزة هذا يلعن ويطعن وهذا يمدح ويفخر . والناس حيارى لا يدرون من يصدقون ومن يكذبون . هذا يمدح مدحا في غير محله وهذا يذم ذما في غير محله ، ان كلا الفريقين ينهج نهجا خاطئا يشوه به الحقائق ، وكان الأحرى بهما أن لا ينزلقا هذا الانزلاق الذي يهدم ولا يبني ويفرق ولا يوحد . ولعل أخطر ما في هذا الصدد أن تشهد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات مشاهد رجال محسوبين على اهل العلم والدين يتحدثون أحاديث تثير فيك الشك والريبة وسوء الظن بما كنت تظنه صوابا ، ذلك أن ألسنتهم وخطاباتهم لا تكف عن المدح ممن يريدون مدحه ولا تكف عن الذم ممن يريدون ذمه في وقائع وأحداث مضى عليها أكثر من ألف عام . انه خطاب طائفي في سيرة حكام وأمراء وقادة الأمة الاسلامية في تلك الحقبة من الزمن . ترى في خطاباتهم المدح والذم بما تسول به نفوسهم دون التروي والانصاف وبعيدا عن المنطق والحكمة . انه ليس من الصواب أن نفسد عقول الناس بهذا الخطاب المتشنج المنفعل الذي يحمل في طياته السموم والأحقاد . ترى هل من الصواب أن نغتاب الموتى ونطعن في سيرتهم ونحن لم نرهم ولم نعرفهم الا من كتاب قال كلمة الفصل بشأنهم ورسول الله يقول ( رحم الله امرءا جب الغيبة عن نفسه ) اننا نتلقى معارفنا من البيئة التي نحياها ومن المناهج الدراسية التي درسناها ومن الكتب التي قرأناها ، أما ما يناقض ذلك فيدفع الى ردود أفعال تؤذينا . واذا انتقلنا الى عالم السياسة فنرى العجب العجاب بما أصاب وطننا من صراعات احتوت المدح والذم بكل ما فيه من سلبيات ، فكل يغني لليلاه ..وهذه الألسنة لا تتوقف في اللعن والطعن للفئة التي تناهضها فكرا وعقيدة ، تمدح بغير وجه حق وتذم بغير وجه حق سعيا وراء منافع ذاتية . وها هي خطاباتهم تقلب الأمور رأسا على عقب ..يرسمونها وفق أهوائهم ، انه تشويه حينما تتحول الوطنية الى خيانة والخيانة الى وطنية والايمان الى كفر والكفر الى ايمان .. أي افتراء هذا وأي تشويه حتى للتاريخ نفسه ! ان هذه الظاهرة – ظاهرة المدح والذم – احتوت حتى المثقفين الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية كشف الحقائق فاذا بهم ينغمرون بهذه اللعبة المقيتة التي تعكس ظلالها على الشارع الذي ظل حائرا في اتخاذ مواقفه .. تراه يتعصب لهذا الفريق دون غيره في الوقت الذي هو في جهل تام من أية معرفة توفر له ثمة مساحة للرد أو ابداء الرأي. وخلاصة القول أننا ننهج نهجا متطرفا في الرؤية التي تحتوينا وأن ظاهرة المدح والذم بغير وجه حق أصبحت ظاهرة مستشرية في مجتمعنا الذي بات مهددا بأزمات لا تعد ولا تحصى .