top of page
صورة الكاتبAdmin

أجنحة الحب - ناجح صالح


(اجنحة الحب (قصة ----------

تأملت في عينيها الزرقاوين كأن ألف سفينة أرست في مينائها ..وراعني الحزن البادي في ملامحها , قلت متسائلا : - ما خطبك يا منى ؟ - اني حزينة أكثر مما تتصور . - أنا الآخر حزين بلا حدود . فقالت بصوت مخنوق : - أمي على فراش المرض , تعاني النوبة القلبية . فقلت مواسيا : - يكذب الأطباء ولو صدقوا . - ولكنها تموت ببطء ...لو حدث لها مكروه سأموت يا صلاح . أخذت بيدها دون شعور فقلت وأنا أشجعها : - هل فقدت ايمانك ؟ عهدتك شجاعة لا تهزمك العاصفة . وهي تذرف الدموع قالت : - أحبها بجنون , لا أستطيع الحياة بدونها . - كلنا نحبهن , ولكن لا نهرب من الحقيقة . - دلني على الطريق ..ماذا أفعل ؟ - قدر اهون من قدر ، لاتفقدي الايمان ، هذا كل ما اقوله . الربيع من حولنا يبثنا من انفاسه ، وثمة فلاح بسقي الورد ، جلسنا على اريكة تحت ظل شجرة ..ساد الصمت بيننا ردحا من الوقت , ولكن ظل قلبي يشعر بالأسف والأسى عليها ...أي شعور انتابني ؟.هي زميلة لي في الصف ، اعجبني فيها شخصيتها المتزنة مع حلاوة ملامحها .وقالت منى تقطع الصمت : - أشغلتك بمشكلتي . فقلت سريعا كأنما أعددت الجواب سلفا : - مشكلتك هي مشكلتي ..صدقيني . وكأنما أزيح عن كاهلها شيء ثقيل فنظرت الي بامتنان قائلة : - اني أثق بك ياصلاح , وهذا يكفي . - أنا رهن اشارتك لكل مساعدة . ثم قلت بعاطفة صادقة : - منى أنت أكثر من زميلة . فارتبكت وارتبكت أنا الآخر ,وساد الصمت من جديد ..ولم يقطع هذا الصمت الا جرس المحاضرة . ---------------- ------------------- --------------

كانت تنتظرني على أحر من الجمر بعد غياب قد طال ..تكلمت ملامحها وأفصحت عن معاناة عميقة .. كانت ترتدي الثوب الأسود وصفحة من الحزن قد تركت سيماءها على وجهها الجميل , قلت وأنا آخذ بيدها دونما شعور منى .. ماذا حدث ؟ فقالت والدموع تطفر من عينيها : - ماتت أمي , وبموتها ضاقت بي الدنيا . - البقاء لله وحده ..متى كان ذلك ؟ - منذ تموز . وأردفت بعد قليل : - وحال أبي أسوأ من حالي ..لم يعد قادرا على العمل ..ترك وظيفته وتقاعد , اني خائفة ان افقده هو الآخر . فقلت وأنا اشجعها : - انها صدمة الحزن , ما تلبث أن تتلاشى ..ومن نعم الله علينا النسيان , والا لجن جنون المرء وهو يفقد أقرب الناس الى نفسه . - عانت كثيرا من مرضها . قاطعتها قائلا : - رحمة الله ادركتها على كل حال . - الشعور بالوحدة يعذبني ياصلاح . - ها نحن نعود الى مقاعد الدراسة , وستنشغلين بالمذاكرة ويذهب هذا الشعور من تلقاء نفسه . - صورة امي لا تفارقني ..موت الأم هو اكبر خسارة يحصدها الأنسان في حياته . - منى , أرى من العبث ان تقلبي الصفحات ..هل نسيت اني معك وأنه لا يمكن ان اتركك تعانين الأزمة بمفردك ؟ تمنيت لو انك اخبرتني قبل الآن . - كيف استطيع ؟ - حقا ..كيف ! ثم وأنا اتأمل عينيها الجميلتين الحزينتين قلت : - لقد كنت يا منى حاضرة معي طيلة الغياب . لاحت على وجهها ابتسامة صامتة مضطربة ولم تقل شيئا . ---------- ----------- ---------- في ركنها المعهود من حديقة الكلية جلست منى تقرأ في كتاب ، اقتربت منها وانا احييها تحية الصباح ، ابتسمت وردت التحية بمثلها ، قلت : - اراك بخير اليوم . - الحمد لله . - الحياة جميلة رغم ضرباتها الموجعة احيانا . - حقا كما تقول . - منى .. اني ارى فيك الصفاء والنقاء . استحيت ولاذت بالصمت ..غير انها تمتمت بعد قليل : - انا ايضا ارى فيك النبل وطيبة القلب . احتواني شعور صادق بأن اجنحة الحب اخذت تتسلل الى قلبي رويدا رويدا وان منى تبادلني الشعور نفسه دون الحديث بلغة الحب التقليدية.


١٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page