top of page
صورة الكاتبAdmin

رداء الوهم - حسين النايف عبيدات


بسمة الصباح ... صباح الخير ... رداء الوهم ... يحكى في غابر الأيام عن حاكم حكم بلاده بالسيف الملفوف على خصر سيافه مسرور ذاك العبد المطيع لأوامر سيده فكان ... يطيح بالرؤوس كما تتطاير حبات القمح أثناء الحصاد ... والحقيقة تقال بأن هذا الحاكم استطاع أن يحكم شعبه بشيء من الذكاء وكثير من خوف وجهل الرعية حتى جاءه شخص يمتهن الخياطة مكسبا للرزق فدخل المدينة وعرف كيف ينفذ إلى قصر الحاكم وينشر خبرا عن رداء لم يصنع مثله في الدنيا بحيث لا يراه سوى من امتلك الحكمة ومن كان مناسبا لوظيفته ... وهذا هو حاكم المدينة واحد ممن يستحق الحكم وعليه ارتداء هذا الرداء وفعلا أمر الحاكم لصانع الرداء تلبية جميع احتياجاته من الياقوت والذهب والمرجان لصناعة ذاك الرداء الخارق والجميع بانتظار ذاك الثوب ومضت الأيام وجاء الحاكم ليخلع ثوبه ويبقى في لباسه الداخلي تمهيدا لارتداء ثوبا لم تراه عينا ولكن أين هو الثوب فصانع الثوب مع بعض من الحراس يرفعون أيديهم وينتقلون ببطيء شديد حتى لا ينزلق احد أطراف الرداء فيلامس الأرض ... انظر يا مولاي ما أجمل هذا الرداء والله لن يدرك قيمته أو يعرف جماله سوى حكماء المملكة وكل من يستحق مقعده في مملكتك الرشيدة وأين هو وقبل أن يكمل الحاكم عبارته قاطعه الخياط قائلا الحق معك يا مولاي فإنك لن ترى بديع صنعته إلا بعد أن يفرش بشكل كامل ... فانظر إلى ياقته كيف لفت و ربطت بالماس والياقوت فأضفت جمالا على جمال أليس كذلك أيها الوزير أم انه لم ينل استحسانك ... ماذا تقول ...؟ كيف هذا ...! المهم رأي حاكمنا أطال الله بعمره فهو القادر على حسم ورؤية كل شيء فرد الخياط وقال صدقت في القول ولنرى الحاكم كيف سيبدو بعد أن يرتدي أجمل ثوب على الأرض وأعتقد بأنه سينال أعجابه وأعجاب كل من في القصر ... حسنا أيها الخياط أعطني الرداء ولنجوب به شوارع المدينة وليكن عيدا من أعياد المملكة وفعلا نزل الملك وطاف بين الجموع والكل يهلل لروعة الثوب حتى سمع ضحكة تجلل الأرض فوجدها تخرج من فم غلام لم يتجاوز العاشرة من عمره فسأله الحاكم : ما الذي يضحكك ...؟ كيف لا أضحك يا سيدي وأنت تتنقل بلباسك الداخلي فأين هو الرداء الذي يصفق له الجميع ... ماذا تقول ألا تراه ...؟ آه فأنت صغير ولا تملك عقلا كافيا لتشاهده ... ولكني أملك عينا ترى كل شيء وأملك صدقا لقول الحق فاسأل وزيرك إن كان هناك ثوبا ... أيها الوزير اصدقني الحقيقة أصحيح ما يقوله هذا الغلام ... لا يا سيدي فأنت شاهدته ورأيته وجبت به المدينة كما شاهده أهل المدينة فصرخ الحاكم وقال أصمت أيها الوزير فلقد استطاع الخياط أن يبيعنا الوهم وأنت خفت على منصبك فكذبت وأنا خشيت على حكمي فذهبت مع الوهم والرعية لاذت بالخوف فركنت إلى النفاق والكذب فلولا شجاعة هذا الغلام وصدقه لبقيت مملكتي تعوم بالوهم ولسميت بمملكة الحاكم العريان والآن ليأتي الحراس وليبحثوا عمن باعنا الوهم ثم صرخ بأعلى صوته ينادي مسرور وليقول له هاهم وزراء مملكتنا هم عيون الحاكم قد ضلت السبيل فاقطع رؤوسهم و ليكونوا عبرة لغيرهم أما أنت يا ولدي فسأتولى رعايتك وهنا صرخت والدته قائلة أسمح لي يا مولاي بأن يعيش ولدي مع الشعب ليبقى دوما صوت الحق وليعلم كل ضال عن سبيله الرشد في الشجاعة والحق ... صباح الوهم ... صباح الخير


١١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page