احذروا كليهما : صمت الأغلبية والأغلبية الصامتة؟؟؟ تحذير: أبو حمزة ألفاخري: أقف عند منطقة وسطى ما بين الدنيا والآخرة ، فلست من صناع هذه الدنيا ولا العاملين المرموقين فيها ولا حتى من أصحاب الكلمات المسموعة والمواقف المؤثرة... كما أنني لست من العاملين للآخرة بكل الجديّة التي تستحقها، وكما نقول إنسان عادي. ومعي وخلفي وأمامي كثير ممن هم على شاكلتي ، مجرد مشاهدين للأحداث الجارية حولنا في هذه المعمورة ، وهذه الأحداث كثيرة ومتواصلة ، ويقتصر دورنا فيها على مجرد إطاعة الأوامر وتنفيذها ونكتفي فقط ب- الثرثرة...التحليل.. ثم إصدار الأحكام عليها والتي لاتتجاوزالى أبعد من يقفون أمامنا ...ولعلهم أيضا لم يلقوا لها بالا ، لأننا عوام. نتمنى..وندعو..نرجو أن يوفقنا الله ويسترنا بالدنيا والآخرة، ونكون من الناجين،ولا نعمل المطلوب لها إلا بحكم العادة والروتين..وليس بحكم العبادة واليقين ، ومن هُم على هذه الطريق أو بالأصح على رصيفها (بمشوا الحيط الحيط وبقولو ياالله الستيرة) هؤلاء هم الذين يمثلون ما أطلقنا عليهم أسم { الأغلبية الصامتة }هم عامة الناس . وهذه الفئة تقع وسط الرأسين الفاعلين ( المتصارعان ) لقيادة دفة قطار المعيشة اليومية ورسم خريطة طريق لتفاصيل شئون الحياة ، وهما رأسا طرفي هذه الخريطة، وهي عائمة(العامة) بين هذين الخطين , فهي مجردة من كل الصلاحيات الذاتية الفردية والجمعية ، وهي أقرب إلى صفة الدراويش والمساكين ولكنهم ليسوا جبناء ولا متخاذلين ولا تنقصهم الحمية والنخوة ولا حرارة الرجال, فابن هذه الفئة غارق في شئونه الحياتية وهمومه الشخصية ، ولا يعنيه الشأن العام ولا يتفاعل بما يجري إلا بقدر ما تتأثر به حياته الخاصة ويصل الخطر إلى لقمة عيشه وحبة عرق جبين كرامته ، قد يكون منتسبا لحزب أو عضوا في جمعية ما مشاركا فقط ، وربما (مجهود بلاه ) ومحرج من صديق دفعه لذلك ، ويحرص على أن لايكون في الصفوف الأمامية أو يُمنع من الوصول إليها ، ويرضى بالجلوس وسط الحشود ويكتفي بدور المصفق، وحاله يشبه حال الوطن العربي في التأثير في السياسة الدولية فهو منفذ فقط وداعم ، أو كما نقول في الأردن مشاركة لا منافسة على صعيد البطولات العالمية الرياضية . ويتنافس رأسا الوجود لقيادة هذه الدنيا الدنيّة : الرأس المُؤثر والمسيطر ويمثله الطبقة الحاكمة وعليّة القوم من كبار التجار ورجالات الدولة وجموع تبحث الشهرة والسطوع الإعلامي في المجتمع ، هذا الرأس يريد أن يُسيّر الدنيا حسب هواه ومزاجه ليتنعم بخيراتها الكثيرة ويشبع شهواته دون حسيب أو رقيب ، ويرفض أن يتكبل بقيود ونواهي وضوابط ينادي بها أصحاب الرأس المنافس، وهنا تكون الغلبة للرأس الأول الدنيوي الذين يمثلون القوة الفاعلة لأنهم يملكون أدوات ووسائل تساعدهم لتنفيذ غاياتهم وأهدافهم . أما الأقلية الرأس الأخر المتابع والمراقب والمشاكس أحيانا, فهم يمثلون قادة الرأي والأحزاب الجدية وليست المفصّلة حسب الأهواء ، والدعاة الحقيقيون للإصلاح - وليس أصحاب (مسح الجوخ ) - وهم ما نطلق عليهم أحيانا (المعارضة) أو البعض منهم فيستمرون في الصراع لتشذيب وتهذيب الدنيا من غرورهم وإغرائها لتصبح طريقهم سهلة المرور لطريق العدل ورفع الظلم ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) . أما الفئة الصامتة فهي أقرب إلى الرأس الدنيوي وتنحاز لها بحكم ضعفها وطيبتها , مما يضاعف من مسئولية الرأس الآخر ليجذب إليه الأغلبية الصامتة المترددة والمستسلمة أحيانا لإغراءات الفئة الدنيوية بما تملكه من وسائل جاذبة ، ولكن هذه الأغلبية الصامتة ( عامة الناس ) تنتصر في النهاية لفئة الأقلية المنادية بالإصلاح والعدل والحرية ...إذا ما زاد الضغط عليها وتراكمت همومها !! عندها لا يلومنّ أحد إلا نفسه وستنفجر غاضبة في وجوه الكل. هذه الفئة الصامتة هي التي فجّرت الربيع العربي التي لم تعد صامتة فانطلقت صارخة بمظاهرات تجوب الشوارع والميادين، وألّسنة الخلق شهادة الحق، ولا تجتمع أمتي على ضلالة.....وزلزلت عروش الظلم ، وحطمت كل تمثال وصنم.... فاحذروا الأغلبية واحذروا صمتها؟؟؟؟؟؟؟؟ "ابو حمزة" محمد الفاخري...
.