من شعراء الوطن الشعر ديوان العرب وقرطاسها الذي حوى تأريخ أيامها وأحداثها وحديثها وبهجتها وانتصارها وانكسارها " وما يوم حليمة بسر" لهذا لا نتعجب إن وجد في البيت العربي أكثر من شاعر وما زهير بن أبي سلمى وبنيه وخاله إلا شهود حاضر بحدث كان ومازال يتكرر في بيوت العرب قاطبة يشهد بحب العرب للشعر والشعراء في كل زمان ومكان. وفي الوطن الغالي المملكة برز فيها رجال من الشعراء كل يعزف من معين ثقافته لحناً يعبر به عن حبه لها ويدافع عنها ويحاول أن يرتقي بالذوق العام للمجتمع العربي السعودي . منهم شعراء جيل الرواد الأوائل وقد تحدثنا عن بعضهم كالأمير عبدالله الفيصل وحمزة شحاتة والعواد والفقي والسنوسي رحمهم الله جميعاً . ومن بعدهم ظهر جيل منهم الشاعر حسن القرشي ويحي توفيق والشاعر عبدالعزيز خوجه و العشماوي و باعطب وغازي القصيبي وحسن ابوعله و البهكلي ونعد القراء بعرض حياتهم ثم نزغ نجم جيل الشباب من الشعراء الذين يشار لهم بالبنان لجيد لغتهم وحسن وسبكهم وهم امتداد لمن سبقهم من الشعراء الأفذاذ ومن هؤلاء شاعرنا الذي نحن بصدد الترجمة له . إنه الشاعر الأديب والمثقف ثقافة أدبية عالية لازم المتنبي وأحب ابوتمام والبحتري واستضاف شعراء المهجر وجلس يستمتع في سوق المربد بروائع الشعر للفرزدق و جرير ورحل إلى معرة النعمان للقاء شيخها هناك وتجول مع ابن زيدون وسامر الزبيري وشوقي و البردوني . الشاعر الكبير /سالم بن رزيق بن عوض حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وبارك الله له في كل جهوده التي يبذلها في سبيل رقي المجتمع العربي السعودي . وقد تعددة اغراض شعر شاعرنا بين الفخر والمدح والرثاء والوصف والغزل وإن كان مقلا فيه فالشاعر ابن رزيق قادم من أرض الشعراء أرض البحر والجبل والسهل الشاعري بذاته فلا غرابة أن نرى النخيل تقف شامخة لديه أو نشتم رائحة الخزامى والريحان يعبق في شعره الجميل فقد نجد الشاعر يحدث البحر حديث محب ويخاطبه خطاب عاشق وهناك قد نلحظه قد رحل إلى الكعبة المشرفة يطوف حولها مع الطائفيين فيبصر بلال بن رباح رضي الله عنه يرفع الآذان الأول فهو مأذن الرسول صلى الله عليه وسلم من فوق بيت الله الحرام الكعبة المشرفة رحلة عاد بنا إلى زمن الحبيب المصطفى النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : يا بلال الإسلام قم يا بلالا ** وأسفح الطيب يمنة وشمالا لن أتحدث عن المؤهلات العلمية التي حصل عليها ولا عن حياته التي تسير كما تسير حياتنا بل عن شعره ووفرة انتاجه الشعري الجميل فقد اصدر ديوانه الأول من دار كنوز إشبيليا بالرياض الذي يحمل مسمى " شيء من الروح " كأول باكورة انتاجه الأدبي ليعانق سماء القراء ويروي عطشهم ويعلن لنا أن الشعر مازال هو ديوان العرب المحتفى به في كل العصور ثم إلى الديوان الثاني " جدول الإبداع " والديوان الثالث " الأكاليل " . وديوان الرابع "منطق الطير " والديوان الخامس " شيء من الحب " والديوان السادس " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " والديوان السابع " في مرايا الشمس " والديوان الثامن " على مرافئ القمــر " . إلى الديوان التاسع " العنقاء " ذو الغلاف الأزرق يتوسطه صورة طائر العنقاء من كلا جانبي الغلاف فهرس الغلاف في مقدمة الديوان يحمل عشرون قصيدة العنقاء أولاً وورقة تعريفية بالشاعر في آخر الديوان و قبله قصيدة ورقة من صفحة العام الجديد حيث يقول : عام أطل على الوجود همامُ ** الأرض تمرح والسماءُ ســـلامُ ونفائس الريحان في أنفاسه ** فـــــل يطــرز وجهـــه وخــزامُ والورد يورد فــي النفوس ** وتنتقي منه العيون وللجمال غرامُ عام أطل على البسيطة مؤنس ** وكأنهـــا وكأنـــه الأحــــــلامُ وفي قصيدة العنقاء الموسوم بها الديوان يبدأ شاعرنا فيها بقوله : أين مني خيالها أين مني ** عنونت وحدها كتاب التمني ؟ وأذاعت شجونها لليالي ** والليالي ضفاف بحر التجني فوق أكتافها منايا المنايا ** ورحــــاها تــدك حد المســـن تتهادى عاى السكاكين تحدو ** أتراها من المصاب تغني والعنقاء طائر لم يقف عنده أحد من الناس فهو طائر اسطوري في كل كتابات الأدب العالمي فإذا كان الطائر اسطورياً قد طلب الشاعر شيء من ضرب المستحيل أن يحضى بخيالها هذا لو كان خيالها جميلا أصلاً وهنا نلاحظ الخيال الخصب لدى الشاعر عندما أذاعت شجونها وشكواها في تلك الليالي الجميلة على ضفاف بحر التجني أين غازي ليدلنا على بحر التجني وفي أي قارة نجده رحمك الله يا غازي. وفي أرجوزة الفجر يحدثنا عن الحسن والجمال والندى والغصن وكيف تغني لها الطيور تقبل حتى جبين الندى ** وتحنو علـــى كل غصـــن رهيف فتبعث في الأرض أرجوزة ** لها في النواحي لسان وسيف يصفق من كل فــج مدى ** وتعلــــو الزغاريد فوق الدفوف ويأتي قصيدة بواكير القصيدة : القصيدة في بواكير القصيدة ** ومضة جامحة حرى عنيدة تتهــادى من سويداء الحشا ** جمــــــرة نارية ثكلـى فقيدة إلى أن يقول في نشيده الماتع البيوت الخضــر نهــر وفــم ** عبقـــريات أميـــرات شهيــدة تعشق الشمس وتروي بأسها ** عالما في عالم الأرض البعيدة وتحي الصبح في إصباحها ** والمساءات على الدنيا الــرغيدة عالم الإنسان فـــي أسـراره ** يتهــــادى فــي بواكير القصيدة وبسحر شعره وسحر الألوان يسحرنا تتلون الألوان في صدر المدى ** وتقوم ترقص في الخيال وتحجم وتفوح عطراً عامراً في لونها ** وعلــــى جوانبها اللـــدان ترنـــم وينقلنا من الألوان وسحرها إلى عذبة الروح وألوان الشجن على ضفاف الحب منك الجمال ومني الشعر والشجن ** يا عذبة الروح أنت الحسن والحسنُ يكاد يسحرني سحر ويملأني عشق ** وتجــــري هنـــــا الأيـــــام والفتنُ يكاد يحملني طيف ويطربني طيرٌ ** وتعتنــــــــق الأشجـــــار والفـــــننُ ويظهر لنا هنا معانات الشعراء قاطبة مع الشعر والهجر ورحيل تلك المواويل التي يتغني بها وهنا يقول :"والشعر سافر عن حماك واقلعا " وكم هو مألم ذلك الهجر على قلب المحبين والشعر يدخل في بعض مراحله العشق أليس هو أنفاس الشاعر وروحه التي تنبض قالوا : قرينك قد قلاك وودعا ** وجمال شعرك قد نأئك وشيعا تلك المواويل التي تزهو بها ** أضحت على وتر البيان البلقعا و من ثم نقف بين يدي قصيدة الملك بين يدي الكعبة المشرفة شرفها الله وحفظها في كل زمان ومكان فهي آية من آيات الله تعالى وفيها الحجر الأسود آية والركن اليماني الذي ما إن أنزل الى الكعبة إلا وأقف عنده وأحدث الأبناء في ذلك الزحام عنه وقد مكث الحجر الأسود قرابة العشرين عاما في هجر سطى عليه القرامطة بعض مخلفات التاريخ الدموي الذين طعنوا في خاصرة الأمة وقتلوا حجاج بيت الله فيه ولكن إلى الله يحتكم الخصوم . وإلى جوارها آيات كثيرة منها ماء بئر زمزم ومقام إبراهيم عليه السلام والصفا والمروة والمسجد الحرام وقد اعتنت حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بمكة كلها والمدينة المنورة من إنشاء الطرق الواسعة والفنادق والإنارة والنقل بكل أنواعه البري والبحري والجوي واهتمت بالمسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة عناية كاملة عمارة ونظافة وحماية والقصيدة كما قدم لها الشاعر بمناسبة قيام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بغسل الكعبة قف يا زمـــان وحيينــا نحييـكا ** وإن سقينا كرام القوم نسقيـــكا نروي بك الخير في شتى مرابعه ** ويرتوي خافق الدنيا ويرويكا والشاعر نهج نهج إمرا القيس وإن خاطب الزمان وذلك خاطب رفاق دربه " قفا نبكي " إمامهم خادم الحرمين يحملهم ** إلى الطهارة في أسمى معانيكا دامت يمينك يا من عاش يبذلها ** لله للحـــق والإيمــان حاديكا تضمــخ البيت أطيابـا مطيبــة ** تشــي الوجود حناناً نابتا فيكا وكما قد اسلفنا سابقا الشعراء راصد عين الحقيقة وأحداثها وحديثها وما يجري حولهم من حروب وقتل وكوارث فأنت بلا شك سوف تجدهم وما أحداث على بوابة دمشق ببعيد أشتهي أن أموت في الأمر خدعة ** مات من مات ليس في الأمر بدعة من بق يا دمشـق هــذي الخوافي ** تنمحـــــي كالـــركام تشقى بسرعة اليتامى علــى صريخ اليتامــى ** والحزانـــى علــى المتاهــات سلعـــة إلى أن يقول وهو يصرخ من أعماق أعماقه من بق يا دمشق تأريخ قــومــي ** دفنت هـــذه الصواريخ شــــرعة لم يعد فــــــي أمية اليوم وجــه ** متعة الأمــــس لم يعد فيـــه متعــة وقد اشتمل الديوان على قصيدتين بهما رثاء الأولى زارع الحب في وفاة الإعلامي الجميل الأستاذ / خالد زارع رحمه اللهصاحب البرنامج الأشهر " ربوع بلادي " تغرس الحب في الجماهير غرسا ** وتبث الجمـــال روحا ونفسا كــم تغنــي بك البـــــلاد وتشــدو ** كــم تغنـي سياحة اليوم أقسا من " ربوع البلاد " أطلقت دنيا ** من سرور يضم شوقا ودرسا عشت يا زارع المحبة عقلا عبقريا ** حملـــت فنـــا وطـــــرسا وقصيدة الرثاء الآخرى كانت في الأديب الشاعر الشيخ / عدنان علي رضا النحوي رحمه الله شهد الشعر فــي ربـــاه قيامــه ** فأتــى حامـــلا إليه خــزامه يا ابن أرض الميعاد مازلت حيا ** في البيان الذي نظمت كلامه وقد حوى الديوان كل جميل وعذب وكلمات الشاعر سهلة رقيقة لا ينحو نحو المعاجم والقواميس .