ليلة العرس -محمد على عاشور
- Admin
- 21 يوليو 2016
- 2 دقائق قراءة

قصة قصيرة بقلم /محمد على عاشور
ليلة العرس
بعد منتصف الليل كالعادة سمع الناس صراخها ، قالوا لبعضهم أنه يضربها . كان بالفعل يضربها ، ويوسعها ضرباً ، وكانت تصرخ صراخاً رهيباً ، كأنه صراخ لآلاف النساء يخرج من فم واحد ، وبرغم ذلك كانت تحبه ، وتزاد فى حبه ، هذا الحب اللامعقول الذى يحدث بينها وبينه . يجلس فى اليوم الثانى فى المقهى ، يحكى عما فعله بها عندما خرجت له من البحر عارية يتناثر الماء فوق جسدها ، وأنها فى كل مرة يراها تكون أجمل من سابقتها ، وفى كل مرة تحاول أن تأخذه معها إلى الماء ، فيضربها ويوسعها ضرباً ، وهى تصرخ فيه وتخبره أنه لن يتزوج غيرها ، وإن فعل سيكون آخر يوم فى عمره . يستعجب الناس عندما يسمعون ذلك ، فقد رأها أكثرهم ، فهى ليست جميلة ، فوجهها مثل وجه القرد ، وشعرها لونه أحمر طويل تمشطه دائماً ، وقدماها قدما نعامة ، أما جسدها فجسد إمرأة عارية ، فكيف يراها جميلة ؟ يقول لهم عجوز قد اتكأ على عصاه : ألم تعلموا أن الجن يتشكل فى أى صورة .... إنها تظهر له كأجمل إمرأة ليحبها . تمر الأيام ويرى الفتاة التى يتعلق بها قلبه ويخطبها ، وتنتظر القرية كلها ما سيحدث عندما يمر من عند الجنية ، وينتظرون حتى منتصف الليل ، ثم يسمعون الصراخ الشديد فقد ظهرت له عارية جميلة ، وحاولت جذبه إلى الماء بالقوة لكنه أخذ يضربها وهى تصرخ وتحذره بأنه لن يتزوج غيرها ، لكنه لم يضربها وتركها وهى تصرخ وتهدده . ليلة فرحه تجمع الناس وعلت الزينة وانتشرت الأنوار ، وجلس بجوار العروس ، وبدأ الناس يصفقون مع المزمار ، لكن صراخها أخذ يسمع من بعيد ثم بدأ يقترب ويقترب ويصم الأذان ، وأخذت الأشجار تهتز وتتحطم من الاهتزاز وأخذ الناس يهرعون ثم يولون مدبرين ، فيختطف عروسه ويهرول بها إلى داره ، لكنها ظلت تصرخ وتولول طوال الليل ولم ينم أحد من أهل القرية . بعد أن انتهت إجازة عرسه ، مر من مكانها ، رأها تخرج من الماء كأجمل ما تكون ، وقد ارتدت فستان الزفاف وقالت له فى صوت كله صراحة : هذه ليلة عرسنا . أراد أن يدفعها ، لكنه وجدها ثابتة ، فرفع يده وهوى على وجهها ، فلم تصرخ ، وجدها واقفة ولم تتزحزح ، وأراد معاودة ضربها لكنها أمسكت بيديه واستماتت عليهما ، ثم أخذت تقهقه وهو يحاول التملص منها ، لكنه وجد ملامحها تتغير ، يتحول وجهها مثل وجه القرود ، وشعرها إلى اللون الأحمر ، وقدماها إلى قدم نعامة وقد إحمرت عيناها واتسعت كالطبق ، وقالت له الليلة هى ليلة عرسنا . سمع الناس صراخه ، ولم يتحرك أحدٌ من مكانه . فى الصباح خرجت العروس تصرخ وتحمل على رأسها التراب ، والقرية فى إثرها ، حتى وصلوا إلى مكانها .
وجدوه طافياً على وجه الماء ، عارياً ، وقد امتلأ فمه بالطين وقد تعلقت أصابعه بكثير من القش
وجدوه طافياً على وجه الماء ، عارياً ، وقد امتلأ فمه بالطين وقد تعلقت أصابعه بكثير من القش . .