top of page
صورة الكاتبAdmin

رحلة أدبية( الجزء الثاني) - ناجح صالح


كانت رحلتنا الأدبية السابقة مع الأدباء العرب في تلك الحقبة الذهبية – حقبة الخمسنيات والستينيات من القرن الماضي – أما رحلتنا هذه فستكون مع أدباء أجانب وفدت كتبهم المترجمة الى وطننا في نفس الحقبة .. وقد لعبت دور الترجمة في مصر ولبنان دورا أساسيا في هذه المهمة الشاقة ..ولعل دار العلم للملايين حملت شعلة الترجمة أكثر من غيرها . وكانت هذه الكتب تفد الى وطننا في وقت كان الاقبال على اقتنائها شديدا ..وكان سوق السراي في بغداد هو السوق الرائجة لهذه البضاعة الثمينة فكرا والرخيصة سعرا . وكنا – ونحن تلاميذ في الجامعة في ذلك الحين – نتطلع بشغف وشوق الى مثل هذه الكتب التي تحمل في طياتها زادا ثقافيا نشعر معه بالارتواء .. هكذا كان الأمر لجيلنا . على أية حال نبدأ في رحلتنا هذه مع الأديب الروسي الكبير ( تولستوي ) مع روحه الانسانية في التعاطف مع الفقراء والفلاحين التعساء وكان يشاركهم همومهم ومعاناتهم ويأكل معهم الطعام وهو الرجل الذي ينحدر من اسرة اقطاعية ، وقد وصف في كتبه المجتنع الروسي خلال القرن التاسع عشر خير وصف فاضحا سوء الحكم القيصري وقد تجلى ذلك في كتابيه الشهيرين ( الحرب والسلام ) و ( آنا كارنينا ) . ولم يقل ( دستوفسكي ) شهرة وعطاء في علو منزلته الأدبية عن تولستوي ، وتعتبر روايته ( الجريمة والعقاب ) من أمتع الكتب الأدبية ..وقد مر هذا الأديب بتجربة مروعة تركت آثارا نفسية عميقة عليه حينما أمر القيصر بالعفو عنه هو وبعض رفاقه في ساعة تنفيذ حكم الاعدام . وقد لحق بهذا الركب الأدبي الروسي أدباء متميزون لهم ثقلهم أمثال مكسيم غوركي وبوشكين وتشيخوف وتورجنيف . أما في فرنسا فقد برز أديب كبير هو فيكتور هيجو صاحب كتاب البؤساء الشهير بحبكة أسلوبه وتوقد فكره في عصر أطلق عليه عصر النور ..أما روايته ( عمال البحر ) فهي الأخرى لا تقل شأنا عن سابقتها ، كما يرى النقاد أن رواية ( أحدب نوتردام ) تنبض بالحياة بكل تفاصيلها .. وقد تفوق هيجو بالشعر كما هو في الرواية . وفي عصر النور هذا برز أديب آخر نال الشهرة ألا وهو ( أميل زولا ) تميزت كتاباته بالرومانسية كما في روايات الفريسة وصفحة حب والتحفة ، وقد وصف أميل زولا مجتمعه وصفا دقيقا محكما مبينا ما آل اليه من ترف وفساد وتفسخ . وجاء ( بلزاك ) برؤية جديدة في نقد واقع مجتمعه كما هو في روايته ( امرأة في الثلاثين ) وروايته ( أوهام ضائعة ) وروايته ( الملهاة الانسانية ) وعشرات الروايات الأخرى ،وقد اعتبره النقاد مؤرخا لمجتمعه الذي عاش فيه وتفاعل معه . أما ( موبسان ) فقد تربع على عرش القصة القصيرة دون منازع . ومن الأدباء الانجليز برز أديب له مكانته في الأوساط الأدبية ألا وهو ( ديكنز ).. ولعل أروع ما كتب من روايات ( قصة مدينتين ) و ( الآمال الكبيرة ) و( اوليفر تويست ) هذه التي يتحدث فيها عن طفولته البائسة بمرارة وحزن ، وقد تميز أسلوب ديكنز بالواقعية التي وصف فيها مجتمعه وصفا ساحرا دقيقا . لقد كان القرن التاسع عشر قرنا متميزا اذ لمعت فيه وتألقت أسماء هؤلاء الأدباء الذين أشرنا اليهم آنفا ... لقد كان عصر نتاجات فكرية اتسعت مساحتها لزمن أطول مما ظهرت فيه وتركت بصمات مميزة لأجيال لاحقة . ورغم أن ( شكسبير ) سبق هؤلاء الأدباء بثلاثة قرون الا أن أدبه كان فيه من القوة والمتانة والجمال بحيث ظل متفوقا على سواه ، ومؤلقاته المتعددة هي الحكم الفاصل فيما نقول كما في ( يوليوس قيصر ) و( تاجر البندقية ) و ( روميو وجوليت ) وغيرها من المسرحيات والروايات . فاذا انتقلنا الى القرن العشرين فان لنا وقفة سريعة على بعض أدباء هذا القرن الذين رفدوا الأدب بنبض أقلامهم المبدعة منهم المفكر الايرلندي ( برنادشو ) الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب وهو الكاتب الساخر في كل ما كتب من مسرحيات . أما ( أرنست همغواي ) الأديب المغامر فتعتبر روايته (الشيخ والبحر) والتي حصد منها جائزة نوبل هي قمة في السرد الادبي والتألق في الوصف الساحر للطبيعة ، أما روايته ( ما تزال الشمس تشرق ) فهي الأخرى رواية متقنة الأداء والتعبير ، وكذا الحال مع غيرها من رواياته ، غير أن هذا الكاتب الكبير أنهى حياته منتحرا في مطلع الستينيات . وهذا كاتب فرنسي مولود في الجزائر هو ( البير كامو) نال هو الآخر جائزة نوبل على رواياته الفلسفية ك( اسطورة سيزيف ) و ( الطاعون )| و( السقطة ) وغيرها من الروايات ، وهذا ( سارتر ) الاديب الفرنسي الذي تميز بفلسفته الوجودية في كتبه ( الغثيان ) و ( دروب الحرية ) و ( البغي الفاضلة ) وعشرات أخرى .. وحصد منها أيضا جائزة نوبل . وهذه أديبة أمريكية هي ( بيرل بك ) عاشت باكورة حياتها في الصين أنتجت الكثرة من الروايات أبرزها ( الأرض الطيبة ) التي نالت بها جائزة نوبل .. وقد وصفت المجتمع الصيني في تلك الفترة من أوائل هذا القرن وصفا دقيقا رائعا . ونختم هؤلاء الرواد من الأدباء وهم كثرة بالأديب الأمريكي ( مارك توين ) الذي كتب أحلى القصص القصيرة والروايات ونال عليها الشهرة حتى في خارج وطنه . أعود للقول بأن هؤلاء الأدباء الكبار بمختلف جنسياتهم وأوطانهم قد تركوا لنا آثارا أدبية وفكرية فعلت فعلها في نفوسنا في تلك الحقبة الذهبية ، واذا كان الكتاب هو خير صديق فانه الكتاب الهادف الذي ينير العقول ويؤجج فينا التطلع الى حياة حرة كريمة بعيدة عن العبودية والاستغلال والفساد .. وذلك لعمري هو التطلع المنشود الذي يحقق ما تصبو اليه النفوس . وفي آخر المطاف أقول أيضا أن كل ما ذكرته هو ايجاز عن سيرة أدباء رسموا لنا نهجا صادقا في البحث عن الحقيقة وأن أقلامهم ظلت حتى أواخر حياتهم تدلنا على طريق سوي سليم .


٣ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page