الحقد والحسد والغيرة والغيبة والنميمة. امراض خطيرة تفتك بالمجتمع
تنتشر في مجتمعنا الكثير من السلوكيات السلبية الخطيرة والتي تنذر باختلال كبير في المنظومة الاجتماعية من دون اي اكتراث منا، ومن هذه السلوكيات المخالفة دينيا والضارة نفسيا ومجتمعيا الحقد والحسد والغيرة والغيبة والنميمة، وهي سلوكيات نهى عنها ديننا الإسلامي الحنيف، هذه الامراض ابتلي فيها غالبية البشر إلا ماندر .. فلا يخفى علينا أنها تهدد صحتنا ..وتجعل الحياة أكثر نكداً وغماً ..وأيضاً لها تأثيراً قوياً على شخصية المرء ..فهي تجعله أكثر قلقاً وأكثر توتراً وإضطراباً وأقل تركيزاً .. وبالنهايه إنتاجيه أقل ..هذا من الناحيه الدنيويه ..أما من الناحيه الدينيه فلها تأثير قوي على دين المرء وأعماله ..فهي تجعل القلب مثقلاً بالذنوب ..حتى يثقل على المرء ذكر الله والتلذذ بالعباده ..لإنشغال قلبه بحقدٍ على هذا وغيرةٍ من هذا وحسدٍ لهذا ..فتتراكم عليه الخطايا والذنوب .. فالسيئه تنادي أختها ..فيصير على القلب غمامه مظلمه لايرى فيها لا حقٍ ولا باطلٍ فتختلط عليه الأمور .. من خلال ما ورد في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وأسباب انتشار مثل هذه الخصال المذمومة متعددة، وكلها تعود إلى الإنسان نفسه، وطريقة تفكيره، وفي أحيان كثيرة تتحول إلى ظواهر مرضية، لأنها ليست من الفطرة الإنسانية في شيء. والحسد والغيرة والنميمة أمراض خطيرة، والبعض يسميها اليوم بإنفلونزا العقول والقلوب، وفعلاً هي كذلك لأنها تصيب العقل وتفسد القلب. والغـِـيبة عرفها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي «ذِكْـرُك أخاك بمايكره»، قال تعالى (ولايَـغْـتَـب بعضكم بعضاً)، لا عجب إذا صورها القرآنالكريم بصورة منفرة تتقزز منها النفوس، وتنبو عنها الأذواق (ولايغْـتَـب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، والإنسان يأنفأن يأكل لحم أي إنسان، فكيف إذا كان لحم أخيه؟ وكيف إذا كان ميتاً؟! وقدنزل القرآن بذم هذه الرذيلة منذ أوائل العهد المكي إذ قال: (ولا تُـطِـعكل حلاَّف مَـهِـين، هَـمَّـاز مَـشَّـاءٍ بِـنَـمِـيم) والهماز هو الطَّـعَّـان في الناس. وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة قتات)،والقتات هو النمام، وقيل النمام: هو الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم، إن الإسلام يغضب أشد الغضب على أولئك الذين يسمعون كلمة السوء فيبادرون إلى نقلها تزلفاً أو كيداً، أو حباً في الهدم والإفساد، أما الحسد فهو تمني زوال النعمة، والحسد مرض يلهب القلب ويشعله غيظاً، والحسد شر خطير، هكذا وصفه القرآن فقال تعالى:(ومن شر حاسد إذا حسد)، ويلاحظ في مجتمعاتنا اليوم انتشار الحسد والكره بين البعض،وأصبح الإنسان لا يستطيع أن يبوح بنعم الله تعالى التي أنعمها عليه، وذلك خشية الحسد والعين، وصار لذلك انعكاسات سلبية تؤدي إلى نشر بذور التفرقة والكراهية بين أفراد المجتمع.أما بالنسبة لتجنب شرور الحسد والغيرة فيجب على الإنسان أن يعلم بأن الأرزاق متفاوتة وأن الله يرزق من يشاء ويمسك رزقه عمن يشاء، وأن الحسد لا يضر إلا صا حبه، مثل النار فهي لا تأكل إلا نفسها إذا لم تجد ما تأكله، كما يجب على الإنسان أن يوطن نفسه على الرضا والفرح للأخ المسلم، بسبب ما يمنه الله عليه من نعمة، وإذا وجد شيئاً أَحَـبه في أخيه المسلم فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله،ولا حرج أن يسأل الله تعالى أن يرزقه كما رزق غيره، وعلى الإنسان أن يحصن نفسه بالأدعية من الحسد والغيرة ومن ذلك أن يتعوذ من شر الحسد والغيرة،فهناك القرآن الكريم خير ذكر يتحصن به الإنسان كقراءة سورة الفاتحةوالكرسي والإخلاص والمعوذتين، وهناك الأذكار الواردة عن رسول الله، من ذلك أن يقول أعوذ كلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّـة،وغير ذلك من الأذكار. كيف الخلاص من هذه الأمراض ؟؟.. قال الله تعالى ..{ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ( 12 ) ) } ..وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا } ..لنتأمل هذه الآيه الكريمه .. وهذا الحديث الشريف .. في بداية الآيه نهانا الله سبحانه وتعالى عن الظن ..وأيضاً في بداية الحديث حذرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام من الظن ..ثم ذُكر مابعد سوء الظن كالتجسس والغيبه والبغضاء ..فسوء الظن بالآخرين هو الذي يولد البغضاء والغيبه ..فالحل هو .. 1- حسن الظن بالآخرين .. فكلما وسوسة لك نفسك والشيطان بسوء ظن للآخرين .. فوراً أنفث على شمالك وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن ماتحدثك به نفسك فهي أمارة بالسوء ..ثم أستغفر الله بماحدثتك به نفسك من سوء ظنٍ .. فالله سبحانه وتعالى أخبرنا بان سوء الظن إثم .. فقول .. اللهم أغفرلي ماأسررت وماأعلنت .. (الإستغفار والإستعاذه مهمه جداً فأكثروا منها) 2- قلة الكلام ومعاهدة النفس على الانضباط وعدم الغيبه والنميمه .. فقبل أن تجلس مع أهلك .. وقبل أن ترفع سماعة الهاتف .. وقبل زيارتك لأحد .. حدث نفسك وعاهدها بأن لاتغتاب وتتجنب اي كلام يكون سبب لجر الغيبه .. الإستغفار والتوبه بعد اي مكالمه او زياره .. حتى ولو لم تغتاب .. فربما خرجت منك كلمه سيئه هنا أو هناك وأنت لاتدري .. فقولي .. (اللهم أغفر لي ماأعلم ومالا أعلم) .. ولا تنسا كفارة المجلس .. 3- عند رؤيتك لتصرف سيء من اي شخص .. لاتنتقده حتى في نفسك .. وإن نقدته في نفسك فوراً أستغفر ربك وتوب إليه ..ثم وبخ نفسك وانهرها.. كأن تقول ... (من أنت حتى تنتقد الناس !!؟..) ... (وهل أنت كامله أو خالي من العيوب ) .. وهكذا ..حتى لايدخل العُجب والغرور في نفسك .. فهو آفه ..وعسف النفس وعدم الخضوع لها .. يهذبها ويجعلها أكثر إستقامه ..وكذالك كان دأب الصحابه والسلف الصالح ..وفي النهايه ستشعرون بالراحه والإطمئنان وبلذة الايمان وحلاوته .. ويُنزل عليك ربي السكينه ..ومع الوقت تكسب محبة الناس وثقتهم فيك .. وعدم الاكتراث لنقد الناس ومايقولونه عنك ..ولاننسى أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ..