الصحابي ربعي بن عامر - د.صالح العطوان الحيالي
-------------------------------------------------
المجاهد العربي المسلم الصحابي ربعي بن عامر الذي اذل قائد الفرس في معركة من أروع معارك المسلمين لإثبات وجودهم والاستمرار في الدعوة للإسلام على نهج سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وضمن خطط حكيمة للتفاوض مع الفرس واختيار المفاوض الكفوء..في معركة القادسية وفي مرحلة المفاوضات . ارسل رستم (قائد الجيش الفرس) قبل بدء معركة القاديسية يطلب من المسلمين وفدا للحديث معه وذلك لبيان واظهار رغبته في الصلح وهي جزء من خكة المخادعة للفرس ارسل قائد الجيش سعد بن أبي وقاص البطل ربعي بن عامر ليكون المفاوض مع قائد جيش الفرس .ذهب ربعي ليقابل رستم. انطلق ربعي على فرسه ويلبس ثيابًا بسيطة جدًَّا (قديمة ومهلهلة ولكنها نظيفة)، وهذا لباسه منذ أن قدم للقتال؛ و هو يحمل فوق ظهره السهام، وفي مِنطَقته السيف، وكان يلبس من الدروع درعًا حديدية تغطي نصفه الأعلى، وكان من أطول العرب شعرًا وقد ضفَّره في أربع ضفائر، فكانت كقرون الوعل، ودخل عليهم بهذا المنظر غير المعتاد بالنسبة لهم؛ فدخل بفرسه ووقف على باب خيمة رستم، فطلب منه القوم أن ينزع سلاحه، فقال: لا، أنتم دعوتموني، فإن أردتم أن آتيكم كما أُحِبُّ، وإلا رَجعتُ. فأخبروا رستم بذلك، فقال: ائذنوا له بالدخول. فدخل بفرسه على البُسُطِ الممتدة أمامه، وهي طويلة جدًّا، وعندما دخل بفرسه وجد الوسائد المُوَشَّاة بالذهب؛ فقطع إحداها، ومرر لجام فرسه فيها وربطه به، وهذا يُوحِي بأن هذه الأشياء ليست بذات قيمة عنده، وفي هذا أيضًا إذلال للفرس، ثم أخذ رمحه، واتجه صوب رستم وهو يتكئ عليه، والرمح يدب في البسط فيقطعها، ولم يترك بساطًا في طريقه إلا قطعه، ووقف أهل فارس في صمت، وكذلك رستم، وبينما هم يفكرون في جلوسه جلس على الأرض، ووضع رمحه أمامه يتكئ عليه، وبدأ رستم بالكلام؛ فقال له: ما دعاك لهذا؟ أي: ما الذي دفعك للجلوس على الأرض؟ فقال له: إنا لا نستحب أن نجلس على زينتكم. فقال له رستم: ما جاء بكم؟ فقال له: ” لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ” (هذا هو المفهوم عند ربعي بن عامر، وعند الجيش المسلم في معظم الأحاديث التي دارت: أن الله قد ابتعث هذه الطائفة؛ لتقوم بمهمة وليست للبحث عن الغنائم، أو الطغيان في البلاد)، فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه، وإن لم يقبل قبلنا منه الجزية، وإن رفض قاتلناه حتى نظفر بالنصر. فقال له رستم: قد تموتون قبل ذلك. فقال: وعدنا الله أن الجنة لمن مات منا على ذلك، وأن الظفر لمن بقي منا. فقال له رستم: قد سمعت مقالتك (أي فهمت مقصدك)، فهل لك أن تؤجلنا حتى نأخذ الرأي مع قادتنا وأهلنا؟ فهو يطلب منه مهلة يفكر فيها، فقال له: نعم، أعطيك كم تحب: يومًا أو يومين؟ أى: من الممكن أن نعطيك فرصة من غير أن نحاربكم لمدة يوم أو يومين؛ فقال له رستم: لا، ولكن أعطني أكثر؛ إنني أخاطب قومي في المدائن. فقال: إن رسول الله قد سن لنا أن لا نمكن آذاننا من الأعداء، وألا نؤخرهم عند اللقاء أكثر من ثلاث (أي ثلاثة أيام فقط حتى لا يتمكنوا منا ويتداركوا أمرهم)، فإني أعطيك ثلاثة أيام بعدها؛ اختر الإسلام ونرجع عنك أو الجزية، وإن كنت لنصرنا محتاجًا نصرناك، وإن كنت عن نصرنا غنيًّا رجعنا عنك، أو المنابذة في اليوم الرابع، وأنا كفيل لك عن قومي أن لا نبدأك بالقتال إلا في اليوم الرابع، إلا إذا بدأتنا (أي: أنا ضامن لك أن لا يحاربك المسلمون إلا في اليوم الرابع). فقال له رستم: أسيِّدُهم أنت؟ أي: هل أنت سيد القوم ورئيسهم حتى تضمن لي أن لا يحاربوني؟ فقال له: لا، بل أنا رجل من الجيش، ولكنَّ أدنانا يجير على أعلانا. فهو يقصد أن أقل رجل منا إذا قال كلمة، أو وعد وعدًا لا بُدَّ وأن ينفذه أعلانا.