الاميرة خانزاد وقلعتها الشهيرة - د.صالح العطوان الحيالي
------------------------------------------------------
نساء كرديات عبر التاريخ " الاميرة خانزاد وقلعتها الشهيرة " ـــــــــــــــــــــــــــ -9-1-2018 من هي خانزاد..... الأميرة [خانزاد] هي ابنة حسن بك وزوجة سليمان بن شكه لى بيك امير سوران،الذي نقل مركز امارته من (دوين قه لا)الى حرير.وببنى قلعة كله سو على جبل حرير ،وعاش في القرن الثاني عشر الهجري.وحسب روايات محلية اختلف سليمان بك مع حكومة بغداد انذاك لاسباب ادارية (والتي يبدو ان مشاكل الاكراد مع بغداد لها جذور تاريخية ولن تنحل ابدا) وذهب الى بغداد لتسوية الخلافات وهناك (وكالعادة) قبض عليه وحبس.وكان له صراعات داخليه مع البابانيين الذين كانوا يحكمون السليمانية.ولما رأت ما آلت اليه الامور ،أخذت الامارة بيدها وخدمتها احسن خدمة.وعمرت عدة جوامع واسست حصونا واستتب الامن في زمانها الى درجة ان الاهالي يتغنون بذكراها الحسنة والى الان ومدحها الشعراء في دورها .والجدير بالذكر ان معنى اسم خانزاد في الكردية تعني بيت الكرم او الكريمة بالعربية لغوياً. خانزاد هي بنت حسن بيك وزوجة الأمير سليمان بن شكلي بيك أمير إمارة سوران والتي كانت عاصمة بلاده في ( دوين قه لا ) ، ثم انتقلت العاصمة إلى مدينة حرير في محافظة اربيل اليوم ، وهناك وعلى رأس قمة حرير شيدت قلعة سميت بقلعة ( كه لسو ) وذلك لحماية إدارة حكومته من هجومات جيش البابانيين.. كانت خانزاد امرأة طويلة القامة فارعة الطول جميلة الخلق تتمتع بقوام رشيق وجميل بالإضافة إلى ذلك كانت امرأة ذكية وشجاعة وقوية وفارسة بارعة في نفس الوقت ، وكانت تتسلح كالرجال بحمل أسلحتها وترتدي زي الرجال وكانت هي الأولى وفي مقدمة الرجال وقادة الجيش عندما تخوض المعارك وتواجه هجوم الأعداء على مناطقهم .. عاشت الأميرة خانزاد في حدود القرن الثاني عشر الميلادي كما اتضح ذلك وتبين في رواية ( له شكرى ) رواية ( الجيش ) ففي تلك الفترة تنقطع العلاقة بين سليمان بيك وحكومة بغداد وذلك بسبب سوء إدارة البلاد وبشكل غير مطلوب ، وعلى اثر ذلك سافر سليمان بيك إلى بغداد لاسترداد وإعادة العلاقة الطبيعية بينه وبين بغداد ولكن كان طلب بغداد لـ (سليمان بيك) للحضور إلى بغداد خدعة حيث القي القبض على سليمان بيك وادخل السجن وهناك في معتقله مات في السجن وعندما علمت الأميرة خانزاد بأسر وموت البطل سليمان بيك قامت بجولة طويلة إلى إمارة سوران وبعد فترة قصيرة استطاعت ان تخضع إدارة وحكومة سوران إلى إدارتها وتمت السيطرة على جميع المرافق الحكومية والعسكرية في إمارة سوران وأصبحت تقوم بتمشية أمور البلاد وإمارة سوران بنشاط وهمة عاليتين. وبهذا قد قدمت خانزاد خدمة حقيقية وبكل ثقة وإيمان قوي لإمارة سوران وحافظت على الأمن والاستقرار في الإمارة ولم تسمح للعثمانيين السيطرة على تلك الإمارة بأي شكل من الأشكال وكذلك حافظت على حرية المجتمع السوراني في العمل والحقل والزراعة والتجارة وحق الإنسانية بعكس القمع والاضطهاد الذي أراده العثمانيون لغرض سيطرتهم على الإمارة وعاشت إمارة سوران في عهدها بحرية تامة وكانت فترة حكمها فترة ذهبية بالنسبة لإمارة سوران .. قامت الأميرة خانزاد بعدد من الإصلاحات العمرانية حيث شيدت العديد من المساجد والقلاع الحصينة للدفاع عن الشعب وبنت عدة مدارس دينية وجسوراً عديدة في المناطق التي كانت تحتاج الى تلك الجسور وفي عهدها قد أكملت جميع النواقص والخدمات والاحتياجات التي كانت لم تكتمل في زمن سليمان بيك وأصبحت إمارة سوران تتمتع برفاهية وازدهار عمراني وثقافي كبير من جراء تلك الإصلاحات ، وكانت الأميرة خانزاد في أكثر الليالي تخرج وهي ترتدي الزي الرجالي لتستطلع أحوال الرعية عن قرب فكانت تسأل الفقراء والمحتاجين والمتعففين وتلبي رغباتهم ، كانت تداعب الأطفال ، وتسألهم عن احتياجاتهم من نواقص وتلبي كل ما يحتاجونه او يسألونه منها عما يريدونه . قلعة خانزاد ــــــــــــ تقع هذه القلعة على طريق أربيل – شقلاوة، و يصل ارتفاعها الى 40 متر و بمسافة تبعد 22كم عن أربيل. يعود تأريخ بنائها الى عهد امارة سوران وتحديدا الى الأمير سليمان بك والأميرة خانزاد. لا تزال قلعة خانزاد المبنية بالحجر والجص محتفظة بمظهرها القديم. وتبعد قلعة خانزاد 3 كلم عن القسم الشرقي لبلدة حرير، وفق ارتفاع 1434م عن مستوى سطح البحر وبما يزيد عن 400 م عن محيطها كونها مشيّدة على قمة جبل. وفي القسم الجنوبي وعلى سفح الجبل عبّد طريق متعرّج يوصل الى القلعة ،أما في بعض المواقع فنجد ما تبقى من آثار لجدار القلعة بعضها شاخصة -كما كانت عليه - بارتفاع من 4 الى 6 م. و في بعض المواقع يلاحظ وجود سلالم حجرية، فضلا عن طريق واحد يوصل إلى القلعة المؤلفة من طبقتين كانت منزلا لكل من خانزاد سوران و الامير سليمان شقيق خانزاد في القرن الخامس عشر حيث كان لهما – حينها - سلطة واسعة الصلاحيات. هناك العديد من الآثار للقلاع التي بنتها وشيدتها خانزاد في حدود مدينة حرير ولا يزال الناس يترددون إليها ولغاية يومنا هذا ويفتخرون بها كسيدة وقائدة وبطلة كبيرة عند مشاهدتهم لتلك القلاع ، ولم تستمر خانزاد في حكم إمارة سوران حيث جاءتها المنية وماتت ودفنت في نفس إمارة سوران ، وبعد ذلك بفترة وجيزة ظهرت بوادر الضعف والفساد في أجهزة حكومة سوران وذلك بسبب قلة تجارب الأمراء وضعفهم في دفع دفة إدارة الحكم بشكلها الصحيح إلى الإمام حيث سنح هذا الضعف فرصة ثمينة للعثمانيين وذلك بإرسال جيش كبير وهاجموا الإمارة واحتلوها بدون اية مقاومة وسيطروا على جميع المرافق الإدارية والعسكرية والمالية للحكومة فيها .. هكذا وبهذه المأساة انتهت حكومة إمارة سوران بعد الفاضلة خانزاد وكان الناس يذكرونها ويذكرون عهدها الذهبي في إمارة سوران شجاعتها ونباهتها غير المحدودة.